يمكن ان نستشف المعالجات التي سيخرج بها أخوتنا الخليجيين حال ان تحط هذه الحرب اوزارها ، فهي ستأتي في صورة ترضيات وعلى طريقة اقضم من هذا قليلا واعطه لذاك ، أي اسحب قدراً من تسلط ونفوذ لصوص صنعاء ونافذيهم وهيمنتهم على الجنوب ، وامنح الشعب الجنوبي المسحوق قدرا من الحرية واللامركزية وحسب .. وهنا فهم - الخليجيون - يتجاوزون مستوى إحتمال الشعوب لهذا القدر إو ذاك من الظلم والعنصرية والاقصاء .. الخ ، أو هم لايقدرون أو بالاصح لايعنيهم بالمطلق مستوى وطاقة شعب الجنوب على عدم إحتمال استمرار التعايش مع غول الهمجية والتخلف وحب الاستئثار وخلافه من المساوئ المتجذرة في جُل شعب الشمال ، وهذا مالم يحسب حسابه اخوتنا هؤلاء . ان مؤشرات مثل هذه المعالجات الخليجية المتوخاة تظهر في الاصرار على إبقاء محافظاتنا الشرقية كحضرموت وسواها تحت هيمنة اباطرة صنعاء ، ودون التفكير حتى في الاشارة اليها طوال الحرب ، وهذه المحافظات لها اهميتها وثقلها بالنسبة للمعادلة الجنوبية عموما ، وكذا في توجيه الامداد الحربي الخليجي طوال الحرب للقيادات السلفية الجنوبية حصرا ، وهذا الاجراء جاء تخوفا من توجيهه للقيادات العسكرية الجنوبية والحراك بتطلعاتهم المعروفة ، وحتى لا يصبح هؤلاء رقما صعبا لا يمكن تجاوزه حال إنتهاء هذه الحرب ، واكثر منهم في التغافل التام عن التأمين الجدي لمناطقنا المحررة كعدن ولحج وسواهما ، وهي التي بقيت مرتعا للقلاقل والانفلات الامني حتى اللحظة ، والغاية معروفة ولاشك ..
طبعا هناك شواهد اخرى ترجح كفة احتمالية الميول الخليجي الى خطوات تصب في خانة معالجاتهم المزمعة ، وهي كالسكوت عن الحضور المكثف لحزب الاصلاح وهيمنته على المشهد الجنوبي بعد الحرب وعبثه به ، وعلى اعتبار ان الحزب موالٍ وتابع لقوى الصنعانية التي ظلت ترتع في رياض الرياض طوال الحرب ، وفي انتظار لحظة ظهورها علينا مؤخرا للقيام بالدور المأمول منها الان ..هذا ناهيك عن الترحيب والصمت الخليجي بالاجراء الرئاسي باستدعاء القيادات الوهمية للمقاومة الجنوبية الى الرياض ، وهذا بهدف أكسابها مسمى المقاومة ، رغم ان الكل في الجنوب يعرفون حق المعرفة ان تلك الوجوه لم تخض حربا ولامقاومة فعلية مع العدو على ارضنا ، ولكنها لاحقا اجادت دورها بالعبث بالمشهد الجنوبي بعد التحرير وبما يصب في مجرى المعالجات التي ترمون اليها كما نعايش اليوم ..
بصراحه .. اليوم كجنوبيين لم نعد نطيق وحدة السوء القائمة وبالمطلق ، واثق انكم تدركون جيدا حجم المقت المتأجج في دواخلنا من هذه الوحدة ، ومن بعد كل ما لحق بنا منهم ، واخره عدوانهم الغاشم والثاني على ارضنا وشعبنا وبدون مبرر يذكر ، وفي هذا العدوان قتل وجرح وأعيق الالاف منا ، وهذا ليس بالهين اصلا ، بل ولايمكن ان يُنسى مطلقا ، ناهيك عن الالم النفسي والتشرد والدمار وخلافه .. وهنا عليكم ان تضعوا مترتبات ذلك في حساباتكم ، وان تعرفوا ايضا ان استمرار هذه الوحدة وتحت أي صورة او مسمى هو في حكم المستفز إن لم يكن المحال الى شعبنا الجنوبي ، اذ بلغ السيل الزبى من تبعات هذا الارتباط الجهنمي الاسود بالنسبة لنا ..
يا اخوتنا الخليجيين ..لقد خضنا هذه الحرب الى جانبكم وبضراوة ، والهدف هو ايقاف التمدد المجوسي الى اراضيكم بعد ارضنا ، وخلال هذه الحرب قدمنا طابورا طويلا من الشهداء بينهم 85% في سن الشباب ، اي من مواليد فترة هذه الوحدة السوداء ، والسبب انهم ضاقوا ذرعا بها وعانوا منها كما عانينا من ويلاتها ، ولذلك خرجوا للقتال وعلى إمل التحرر والانعتاق من ربقتها.. ونثق انكم لمستم ميوعة الاداء القتالي والاسترزاق والتلاعب في كل محافظات الشمال خلال الحرب ، وهنا يظهر الفارق بين الشعبين الجنوبي والشمالي ، بل هذا يدل على مصداقية الموقف الجنوبي ونظافته وصحة قضيته ، الامر الذي يستدعي تقدير الموقف الجنوبي منكم حق قدره ، وليس في إعادته الى نفس البالوعة التي بالكاد خلُص منها ، ولأنكم بعكس ذلك ستفتحون ابواب الجحيم في هذه الرقعة من الارض على مصراعيها، لتظل نيرانها متأججة وتحرق في كل الجوانب والبقاع حتى ننتزع حقنا في استعادة ارضنا ودولتنا ، ونحن قد بذلنا لذلك الكثير ومستعدون لبذل الاكثر والاكثر ولاشك .