نستهل المقال -على غير العادة- بعنوان آخر أكثر وضوحاً : الجنوبيون ؛ مقاومة وحراك ؛ لن تنتزعوا مطالبكم إلا بالالتفاف حول سلطة عدن الشرعية .. أبطال الضالع -ومعهم أبطال من الجنوب- عندما انتصروا للضالع وللجنوب في الملاحم البطولية والأسطورية ، والتي تم بها تحرير وتطهير الضالع ، من مليشيات الإحتلال اليمني الشمالي الإرهابية -مثلهم كمثل ؛ كل أبطال الجنوب ، الذين حرروا محافظات ومدن ومناطق الجنوب المختلفة- لم يفكروا في مصالح شخصية آنية ؛ ولم يكن هدفهم وسعيهم -ولم تكن غايتهم- الوظيفة أو الراتب ، بل كان هدفهم -كهدف كل جنوبي حر غيور- هو كرامتهم ، وعزتهم، وحريتهم ، والتي هي عزّة وكرامة وحرية شعب ، وهو شعب الجنوب الأبي ؛ وفي ذلك مصلحتهم ومصلحة أبنائهم الخاصة والعامة .
في أي زمان ، وفي أي مكان ، لم يكن /ولن يكون هناك أي نجاح ، أو أي إنتصار ، لأي ثورة أو أي شعب ، أو أية جماعة ، الا بإجماع كل ابناء تلك الثورة ، أو ذلك الشعب أو تلك الجماعة -سواء أفراد أو تنظيمات أو جماعات داخلية- قيادة وإدارة واحدة وإلتفاف الجميع حولها ، بعيداً عن أي حسابات أو أي حساسيات ، سواء مناطقية أو شخصية آنية -كما في حالتنا- أو غيرها .
ولن ننتصر في الجنوب اليوم ، الا بالإجماع على قيادة وإدارة جنوبية واحدة للمقاومة الجنوبية وللجنوب ، والإلتفاف حولها من قبل كل المقاومة الجنوبية الحقّة ، ومن كل أبناء الجنوب ، بمختلف ألوان الطيف السياسي ، والإنتماء القبلي أو المناطقي ، لا يجمعنا الا الجنوب وأمنه وإستقراره وحريته ، ولن يكون لنا ذلك الا بالإجماع على قيادة وإدارة وسلطة العاصمة الجنوبية عدن متمثلة بإدارة المحافظ عيدروس الزبيدي ومن معه من أبطال المقاومة الجنوبية والإلتفاف حولها ، ليس من أجل وظيفة أو راتب شخصي ؛ بل من أجل الجنوب وأمنه وحريته وإستقلاله ، وقيادة وإدارة العاصمة عدن -حتى ولو هم تحت تسمية الشرعية- لم يأتوا من أي مكان آخر ، وليسوا من أية عجينة أو طينة أخرى ، بل أتوا من أفضل مناطق الجنوب ؛ رجال ، وبطولات ، وعمل ، وتنظيم ، أتوا من النموذج الجنوبي الرائد ، من ضالع العز والصمود والبطولة ، ومن يقود ويدير سلطة العاصمة عدن اليوم ، هو قائد المقاومة الجنوبية الفذ عيدروس الزبيدي ... فحري بنا اليوم أن نسير على خُطى الضالع وتجربتها الرائدة الفريدة . وحري بالمقاومة الجنوبية الحقٌة أن تكون تحت أمرة قائدها ، وإدارتها الفذّة ، وعلينا جميعاً -كجنوبيين- الإلتفاف حولها ، ودعمها ، وتوعية الرأي الشعبي الجنوبي العام بأهمية وضرورة كل ما من شأنه خدمة الشأن والصالح الجنوبي العام على طريق تحقيق هدف وغاية ثورة الجنوب ، والى عدم الإنجراف وراء بعض الآراء المدسوسة، والدعوات الخبيثة، والهادفة الى إحداث شرخ وصراع جنوبي مدمر في هذا الوقت ، والهادفة كذلك الى النيل من أي إجماع أو نجاح أو انتصار جنوبي ، ويقع الدور الكبير على الإعلام الجنوبي -مرئي ، مقروء ، مسموع، ومواقع الكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي- في تعبئة وتحشيد الرأي الجنوبي -وتصحيحه من أي إعوجاج- حول أهمية الانضواء تحت تلك الإدارة الفاعلة الملهمة .
ولا يعني ذلك أن نقف ضد/ أو نتجاهل مطالب ومستحقات وحقوق المقاومة الجنوبية ، بل كل ذلك ، من أجل ؛ أخذ وإنتزاع تلك الحقوق والمستحقات ، وتحقيق تلك المطالب -مثلها كمثل كل مطالب وحقوق ومستحقات كل الجنوبيين -والجنوب- التي نطالب بها ، والتي -في سبيلها- أهرقت تلك الدماء الزكية الطاهرة لأبطال الجنوب - والتفاف كل الجنوبيين حول إدارة سلطة محافظ العاصمة عدن ، يشكل قوة جنوبية ، مرتّبة ، منظمة ، تستطيع هذه القوّة فرض شروطها وإملاءاتها؛ وستكون أفضل قوة ضغط على شرعية الرئيس هادي ، وعلى دول التحالف ، لأخذ وإنتزاع وفرض شروطها ، سواء حقوق ومستحقات المقاومة الجنوبية ، وتنفيذ مطالبها ، أو إسترداد حقوق ومستحقات كل الجنوبيين ، وتنفيذ مطالبهم ، وأهداف ثورتهم ، في وطن حر آمن ومستقر ، يحكمه ويديره أبنائه . ووجود سلطة وقوّة جنوبية مرتبة منظمة في أمن وسلطة عدن -وبقية محافظات الجنوب- ستكون هي القوّة الضامنة الآمنة لتحقيق آمال وطموحات وأهداف الجنوبيين ، وستكون هي المتحكم والمسيطر على المشهد الجنوبي برمته، وستقطع الطريق على أية أطراف أخرى-تابعة لشرعية هادي- أهدافها لا تؤام ولا تتفق مع أهداف الجنوبيين وتطلعاتهم ، وكذلك تعتبر نجاح جنوبي باهر يستطيع من خلاله الجنوبيين أحكام القبضة والسيطرة على المناطق الجنوبية المحررة وحكمها وإدارتها وتلك هي الخدمة الجليلة التي قدمتها لنا دول التحالف العربي ، بأن خلقت شرعية للمقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي وللجنوبيين في حكم وإدارة مناطقهم ، وبترتيب وتنظيم أنفسنا نستطيع الإستفادة من الموارد الجنوبية والتي تذهب الى خزينة البنك اليمني في صنعاء ، ف تشتت وتفكك وتصارع الأطراف الجنوبية وخلافاتها في العاصمة عدن هو الباب الذي فتح الطريق لأطراف أخرى تابعة لشرعية الرئيس هادي تتنفذ وتعمل لصالح أطراف شمالية أخرى ، فوحدة الصف والمقاومة الجنوبية والتفافها حول إدارة وأمن عدن كما أسلفنا يقطع أيدي وطرق ألك الجماعات ويجعل عدن جنوبية خالصة ..
ففي الوقت الذي صار الجنوب ، ودولة الجنوب ، على مقربة منا -وفي فرصة لن تتكرر- هناك خطة -مؤامرة- تُحاك ضد الجنوبيين -يقوم بها الأمن القومي التابع للمخلوع ميدانياً وإعلامياً- هدفها تقسيم الجنوبيين - من مقاومة جنوبية وحراك جنوبي وغيرهم- إلى فريقين فريق مؤيد للمنضويين تحت مسمى الشرعية ، وفريق معارض لهم ، بهدف خلق صراع جنوبي جنوبي ، ليتسنى لهم تفويت الفرصة على الجنوبيين في إثبات أنفسهم على الأرض ، مثلما لهم كذلك خطط -مؤامرات- أخرى ؛ مثل محاولة تحريك الإرهابيين التابعين للمخلوع صالح ومحاولة تسليم الجنوب لهم ، بهدف إعاقة وإفشال الجنوبيين عن إحراز وتحقيق أي شيء .
الكل يدرك أن هناك قوى شمالية -تابعة لشرعية الرئيس هادي- تعمل ضد الجنوب ، بعضها تعمل بإيعاز من المخلوع صالح ، وبعضها -حتى وأن كانت ضد مليشيات الحوثي والمخلوع- الا أنها تكن العداء للجنوب ، وذلك يجعل كل تلك القوى تتفق في العمل والعداء ضد الجنوب ، وضد كل شيء ، وضد أي إجماع أو نجاح جنوبي ، وتلك القوى هي التي تمنع مطالب ومستحقات المقاومة الجنوبية ، وهي التي تسعى الى تسليم الجنوب للجماعات المسلحة الإرهابية ، التابعة للإحتلال اليمني الشمالي ومليشياته الإرهابية .
الجنوب اليوم أمام منعطف تاريخي هام ؛ انتظرناه وتحدثنا عنه طويلاً ، الجنوبيون اليوم ، ليس لهم الا الإجماع -والإلتفاف- على قيادة ملهمة وإدارة واحدة ، وهي في الوقت الحالي ؛ قيادة وإدارة العاصمة عدن -لما لها من قبول وإجماع وتأييد شعبي ؛ ولما لها من شرعية دولية معترف بها- متمثلة بإدارة البطل عيدروس ورفاقه من أبطال المقاومة الجنوبية ليس من أجل شيء آني ، بل من أجل الجنوب ، ومن أجل تحقيق حقوق ومستحقات ومطالب المقاومة الجنوبية ، واسترداد حقوق ومستحقات شعب الجنوب ، وتنفيذ مطالبه المتمثلة باستعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن .
خاتمة : أكبر خدمة جليلة قدمتها لنا دول التحالف العربي هي : إنها منحت الجنوبيين -مقاومة وحراك- صورة شرعية لحكم وإدارة المناطق الجنوبية ، وهذه خدمة لو تعلمون عظيمة . فمن العبث اليوم ان ينتظر الجنوبيون أية دولة أن تساعدهم ، وان تمد لهم يدها ، ما لم يمدوا أيديهم لأنفسهم هم ، ومن الخطأ أن ننتظر أي دولة لكي تحل لنا مشكلاتنا .. فالإنسان لا يستطيع أن يعتمد على الأخر قبل أن يستطيع الإعتماد على نفسه ؛ فعلى الجنوبي أن يكون كما يقول جبران خليل جبران : " إن يكون هو نفسه رجلاً ؛ قبل أن يكون في وسعه أن يصير ذا شأن في أي مجتمع " والزعيم عبدالناصر يقول : "إننا أقوياء لكن الكارثة الكبرى أننا لا ندرك مدى قوتنا ."