يبدو ان الاطراف اليمنية المتحاورة في الكويت يقضون ساعاتهم الاخيرة على مائدة المفاوضات التي لم تكن سوى مهزلة طريفة شهدها العالم بإشراف واخراج (اممي ) فاشل .. فالكل يعلم تماما ان طرف الحوثي وصالح بأجندتهم الإيرانية لم يأتوا الى مائدة المفاوضات – بعد تلكأهم ومراوغتهم ايام بل اشهر قبل حضورهم للكويت ,,, الا لمحاولة فرض و شرعنة انقلابهم و استيلائهم على السلطة ووجودهم على الارض من خلال اصرارهم على تشكيل الحكومة و المحاصصة في تشكيل حقائبها الوزارية قبل تنفيذ اي بند من بنود القرارات الاممية التي تفرض عليهم تسليم السلطة والسلاح والعودة لكهوفهم التي جاءوا منها .. وهذا ما كتبناه بمقالة سابقة لنا بعنوان ( حوار الطرشان ) ولعل خروج مندوب الحوثيين من احدى جلسات المفاوضات وهو يصرخ منفعلا وغاضبا بعبارة لا يجدر بنا تكرار قولها لقباحتها وتعاليها على الذات الإلاهية ..تكفي لمعرفة الموقف وخيوط نهايته . ولعل ما يثير الفضول والتساؤل عن الكيفية التي ادار بها (طرف الحكومة الشرعية ) الحوار والمفاوضات وما يدعمها من اجراءات وترتيبات على الارض باعتبارها الاساس التي تحدد قوة وثبات المحاور .. حيث ان الشرعية النائمة دائما وعند اي مفاوضات مغرمة بالارتخاء وترك ديمومة العمل المعزز للمفاوضات بالسيطرة والتقدم وتشديد الخناق على الخصم لتعزيز موقفه التفاوضي
حيث ان الشواهد تؤكد – ديمومة - اللعب الخفي والمفضوح.. والبيع والشراء للذمم والمواقف السائدة في اي صراع – يعيشه المجتمع اليمني الشمالي عموما - وهذا ما قدمه الطرف الثاني بوضوح من خلال تمثيلية اسقاط (لواء العمالقة ) - بطريقتهم الكوميدية التي تجعل المراقب يستبعد تماما ان تكون تلك هي الوية عسكرية تتبع الدولة تستسلم و تسقط بسهوله على يد افراد من مليشيات اقل منها عدة وعتاد وبدون مقاومه .. وبالتالي فقد تم مصادرة اسلحته وانضمام افراده وقادته لمليشيات – الصرخة - الحوثية بكل تأكيد.
بالإضافة للانتكاسة السريعة وافتضاح امر الانتصار الوهمي في تعز الذي اعلن عنه اكثر من مره وهي طريقة تبدو اغرب من الخيال تحتاج للبحث والتدقيق في كيفيه ادارة وقيادة جبهة تعز ومن المستفيد مما يجري هناك .. وهذا لغزا ليس من الصعب فك طلاسمه في المجتمع الشمالي المغرم ب(البيع والشراء ) وادارة الاتفاقات السرية لتغليب المصلحة الخاصة للأفراد والاحزاب وجعلها فوق مصلحة الوطن والشعب وتلك هي ثقافة شعب ودولة وجيش فكل شيء قابل للبيع والشراء حتى الشرف والوطن والمبدأ والعرض ..
وهذا يجعل اي مراقب يتأكد تماما ان الحكومة الشرعية فاشلة في ادارة اوراقها وفرض سيطرتها على الارض في محافظات الشمال وان اعتمادها على جنرالات الفساد والقوى السياسية والقبلية اصبح مخزي لدرجة تشي بالفضائح العلنية التي تزكم الانوف ..
لذلك فقد تم تدارك الموقف وتوجيه ضربة حاسمة ومهمة باكتساح وضرب بؤر الارهاب وتخليص محافظاتعدن ولحج وابين وحضرموت من مليشيات ( القاعدة ) الذين كان وجودهم لتنفيذ مخطط صالح والحوثي والاصلاح بدون شك و خلط الاوراق في محافظات الجنوب التي تشهد تحريرا مطردا على الدوام منذ انطلاق عاصفة الحزم وهو ما يبعث الامل والتفاؤل على ان عاصفة الحزم حققت هدفا مهما بتحرير الجنوب الذي اصبح استقلاله قاب قوسين او ادنى.. هكذا اجتمع طرفين في الكويت حكومة شرعية معترف بها دوليا واقليميا تدير امور الدولة - من المنفى - وليس لها اعتراف او شعبيه في الداخل وخصوصا في محافظات الشمال ومليشيات انقلابية لا تحظى بالاعتراف الاقليمي والعالمي استولت على السلطة بالقوة وفق ترتيبات وتنازلات وخيانات داخلية معروفة ..ولكنها تظهر للعالم شعبيتها داخليا بل وتثبت قدرتها على ادارة الصراع الداخلي وخلط الاوراق وقوى سياسية هلامية غير واضحة الرؤى والهدف تلعب بأوراق الولاءات القبلية والاقليمية والدولية- باستثناء المقاومة الجنوبية – التي تخطوا على الارض بثبات وقوة نحو هدف يعرفه الجميع وهو استقلال الجنوب وفك ارتباطه واستعادة دولته . لهذا فقد تم استبعاد المقاومة الجنوبية من طاولة المفاوضات بل لقد اعتبرها اولئك المغرورين الفاشلين ب(القضية الجانبية !!ا) وهذا اهم سبب من اسباب فشل تلك المفاوضات الممسوخة ..
هل سيلجأ التحالف للحسم العسكري ؟؟ وكيف سيتجاوز التحالف ذلك (الملعوب) الذي تعيشه القوات الموالية للشرعية بالتخاذل الواضح والاصرار على عدم التقدم وتحقيق اي انتصار في الشمال ؟؟ وكيف سيتم الاستفادة من انتصارات الجنوب وتحرير كل محافظاته وحسم الصراع مع الارهاب والارهابيين الذين هم مجرد ورقة من اوراق صالح والاعيبه وجرائمه؟؟ في ضل محاولة كل القوى السياسية والاجتماعية في الشمال رفض الانتصار الجنوبي والتآمر عليه ومحاولة الالتفاف وتهميش المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي؟
يبدوا ان الوضع اصعب مما كان بالنسبة لحكومة الشرعية وقوى التحالف التي خذلهم حلفائهم في الشمال سواء حزب الاصلاح والقبائل بل وحتى القادة العسكريين التي كان يعول عليهم حسم الحرب في الشمال .. وبالتالي فان الوضع العام في اليمن عموما يتجه تحو حرب شمالية جنوبية بامتياز فالقوى السياسية التي تتمسح بمسوح الشرعية ماهي الا جزء من منظومة القوى الشمالية التي تعتبر الجنوب بثرواته وموقعه ( عباره عن بقرة حلوب ) يصرون على بقائه تحت سيطرتهم وتصرفهم .. بينما شعب الجنوب ومقاومته الباسلة يرفض العودة مطلقا تحت مضلة الوحدة النافقة بعد ان قدم التضحيات الجسيمة والدماء الزكية من اجل تحرره واستقلاله ... وبين هذا وذاك فان ( الشرعية النائمة ) في اجنحة و اروقة الفنادق الفخمة بالرياض لن تكون سوى مجرد واجهة منزوعة الصلاحية والواقعية ولن تكون سوى شعار واسم لغير مسمى ..