لم تكن فقط شوارع عدن والتجمعات السكانية هي وحدها التي تعاني من انتشار القمامة بل هناك أماكن أخرى تتعرض إلى العبث والتلوث البيئي وعلى وجه الخصوص محمية الحسوة الطبيعية وفي جانبها الغربي منها وتحويلها إلى مقلب للقمامة ومخلفات المباني وهذا يخالف للقوانين والإجراءات الخاصة بحماية مناطق المحميات الطبيعية، وكذا اهدار للموارد الطبيعية وتسهيل الاستيلاء عليها من خلال عدم الحفاظ عليها كمحمية بيئية في عدن، وهذا ما يؤدي إلى تدمير للبيئة عموما وللبيئة البحرية على وجه الخصوص، حيث تعد محمية الحسوة محمية طبيعية منذ عام 2006م كواحدة من أحدث المحميات الطبيعية في عدن إلى جانب محمية الطيور بالطريق البحري بخورمكسر، وتضم بداخلها نباتات طبيعية منها نبات نخيل البهش "الطاري" كما توجد فيها احواض مائية خاصة بمعالجة المياه العادمة المعالجة وهي مكان ساحر يعج بالطيور والابقار. أكوام الأكياس البلاستيكية نراها متراكمة في المنطقة المحيطة بالمحمية وكذا الطريق القريب من مشروع "إنماء" السكني تملأ المساحات المترامية دون أي اهتمام من الجهات المختصة، حتى أصبحت خطيرة جدا ولا تحتاج إلى معالجة من ذوي الاختصاص على اعتبار ان هذه الاكياس تعطل مسألة البيئة والأرض كما يقال ولا تتحلل إلا عبر فترة زمنية طويلة.
تلك المحمية أخر الأشياء الجميلة في عدن وهي اليوم تتعرض لمحاولات العبث على مساحاتها كمقلب للقمامة فضلا عن تسهيل عملية الردم على الجانب من المحمية الذي تأتي به الشاحنات من مختلف المناطق.. فمن ينقذ هذه المحمية !!؟. فمن العيب أن تظل المحمية بهذا الوضع جعل الأمر غير مقبولاً، وحتى لا تخسر المدينة هذه البيئة الطبيعية فمن ينقذها من الإهمال والعبث وتدميرها بالكامل من قبل أساطيل البسط والردم. تعالت كثير من الأصوات بتحول محمية الحسوة إلى مقلب للقمامة جراء استحداثه قريبا وجعله مكانا لردم المخلفات بأنواعها.
ولمعرفة حقيقة الأمر توجهنا إلى مقلب القمامة القريب من محيط المحمية، فسألنا أحد العاملين في صندوق النظافة، لماذا أصبح هذا المقلب مكانا بالقرب من المحمية ؟ اجابنا: "وضع المقلب اعتمد هنا بشكل مؤقت ولمدة ساعتين من الرابعة عصرا حتى السادسة مساءً من قبل صندوق النظافة وبتعليمات من قيادة المحافظة" وقيل لنا ان سببه لدواعي أمنية تمر بها المدينة حيث من المفترض ذهاب شاحنات القمامة إلى مكانها المخصص في بير نعامة، وفي الصباح اليوم الثاني يتم التخلص منها مباشرة ونقلها بشيولات إلى مقلبها الرئيسي في بير نعامة.
هناك نقطة مهمة يجب التلويح بها على اعتبار كل ما قلناه عن تأثير القمامة والمخلفات على المحمية والبيئة بشكل عام، فما رأي المهتمين في شئون البيئة على اقدام الجهات المختصة بجعل أجزاء من المحمية مكانا تعتمده مؤقتا مقلبا للقمامة وردم للمخلفات دون إيجاد مكانا أخر بعيد عن وجود بيئة محمية وتجمع سكاني، وهل ذلك يوحي بأنه يخدم تجاوزات المقلب التي تحصل سواء في المكان نفسه او قريب منه، والذي قد يجعلنا ننظر للأمر من زاوية أخرى، فما هي الضمانات التي يجب ان توضع حتى لا تتحول أراضي المحمية إلى مساحات قابلة لتوسع أعمال الردم والمقلب مستقبلا، حتى لا يقال على الجهات المختصة إنها لا تبالي بأهمية البيئة.
هذه المحمية الجميلة التي ينبغي اليوم المحافظة عليها تحتاج إلى الحفاظ الدائم سواء من الجهات المختصة ومن المجتمع ككل لما لهذا الموضوع من أهمية كبيرة لأنها تمثل نوع من أنواع التوازن مع البيئة حتى يكون التوازن كما خلقه الله ولا تكون يد الانسان قد عبثت في كثير من أمور الحياة في البر والبحر.