جماهير الهلال في عيد... فريقها يُحقق إنجازًا تاريخيًا جديدًا!    انفجار عنيف يهز محافظة تعز والكشف عن سببه    انقلاب وشيك على الشرعية والرئاسي.. المجلس الانتقالي الجنوبي يتوعد بطرد الحكومة من عدن وإعلان الحكم الذاتي!    "الوجوه تآكلت والأطفال بلا رؤوس": الصحافة الامريكية تسلط الضوء على صرخات رفح المدوية    "طوفان زارة"....جماعة إرهابية جديدة تثير الرعب جنوب اليمن و الأجهزة الأمنية تتدخل    فعلها في العام 2019...ناشطون بالانتقالي يدعون الزبيدي "لإعلان عودة الإدارة الذاتية"    نقابة الصحفيين تستنكر الحكم الجائر بحق الصحفي أحمد ماهر وتطالب بإلغائه    سانشيز افضل مدرب في الليغا موسم 2023-2024    غوندوغان سيتولى شارة قيادة المانيا بلون العلم الوطني    لامين يامال افضل لاعب شاب في الليغا    دموع أم فتاة عدنية تجف بعد عامين: القبض على قاتل ابنتها!    برعاية السلطة المحلية.. ندوة نقاشية في تعز غدًا لمراجعة تاريخ الوحدة اليمنية واستشراف مستقبلها    منتدى حواري في مأرب يناقش غياب دور المرأة في العملية السياسية    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    غوتيريش يدين بشدة هجوم إسرائيل على مخيم للنازحين في رفح    بالإجماع... الموافقة على إقامة دورة الألعاب الأولمبية لفئة الشباب لدول غرب آسيا في العراق    ضربة معلم تكسر عظم جماعة الحوثي وتجعلها تصرخ وتستغيث بالسعودية    استمرار النشاط الإيصالي التكاملي الثاني ونزول فريق إشرافي لأبين لتفقد سير العمل للفرق الميدانية    خبر صادم: خروج ثلاث محطات كهرباء عن الخدمة في العاصمة عدن    الحوثي يسلّح تنظيم القاعدة في الجنوب بطائرات مسيرّة    الرئيس الزُبيدي: تدهور الأوضاع يحتّم على الانتقالي مراجعة قراراته    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    استشهاد طفل وإصابة والده بقصف حوثي شمالي الضالع    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    عاجل: الحكم بإعدام المدعو أمجد خالد وسبعة أخرين متهمين في تفجير موكب المحافظ ومطار عدن    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    وزير الإعلام: مليشيا الحوثي تواصل استغلال مأساة المخفيين قسراً للمزايدة السياسية    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    العكفة.. زنوج المنزل    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    معالي وزير الصحة يُشارك في الدورة ال60 لمؤتمر وزراء الصحة العرب بجنيف    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرافة صمود الحوثي وصالح في اليمن
نشر في عدن الغد يوم 23 - 07 - 2016

يُدرك تحالف الحوثي وعلي عبدالله صالح الانقلابي في اليمن أنه لم يعد من السهولة تمكين مشاريعه العصبوية، لكنه ما يزال يسيطر على الجغرافيا الأكثر سكاناً، ومنها يحشد المقاتلين والأموال لحربه العنيدة، وفيها يؤكّد كل يوم أن "صموده الأسطوري" سيستمر إلى الأبد.
يقدّم تحالف الانقلاب خطاباً يُسمِّي كل نتائج الحرب صموداً، ويلح هذا الخطاب، المدعوم من وسائل إعلام إقليمية ودولية، على فشل مهمة التحالف العربي، وهو ما تتلقفه وسائل إعلام ومراكز دراسات غربية، فتعمل على تأكيده، وتصوير تدخل التحالف العربي بوصفه حرباً عبثية، تهدف إلى إضعاف اليمن، وقتل شعبه وتدمير بنيته التحتية واقتصاده، وأنها تفشل في هذا بسبب "صمود" تحالف الحوثي وصالح طوال هذه الحرب.
وإذا كان هذا الخطاب يتعاطى مع الحرب الحديثة بمنطق الحروب القديمة؛ فإن الفرق بين تحالف الانقلاب والتحالف العربي كان طريقة إدارة الحرب، حيث أدار تحالف الانقلاب حربه بمنطق العصابة التي تتوسّل أدوار الفروسية، في حين تدخل التحالف العربي باستراتيجية الدول المسؤولة التي تسعى إلى الحفاظ على أمنها القومي.
يملك تحالف الانقلاب والثورة المضادة استراتيجية وحيدة واضحة، تحقيق أهداف انقلابه بأي ثمن، وقد يكون هذا الثمن أي شيء، بدءاً من مصالح البلد والمجتمع المرتبطة بالعلاقات مع المحيط الإقليمي، وليس انتهاءً بالسلم الأهلي والاجتماعي الداخلي. لم يكتفِ الانقلابيون بسيطرتهم على مؤسسات الدولة؛ بل اتجهوا إلى خوض حروبٍ تأديبيةٍ ضد كل المناطق والمجتمعات المحلية التي كانت حاضنةً شعبية لثورة فبراير 2011، بمزاعم وشعارات طائفية وجهوية استعلائية. كانت هذه الحرب تدميراً ممنهجاً للسلام الاجتماعي، تلاها انتهاك سيادة حرمات مؤسسات الدولة. تمّ اقتحام دار الرئاسة ومنزل الرئيس، وإهانته علناً، ووضعه وحكومته تحت الإقامة الجبرية. وحينما أعلنت البعثات الدبلوماسية نزوحها عن العاصمة؛ أبدى هذا التحالف استخفافاً بالأمر، وذهب إلى تهديد جيران اليمن عبر مناورةٍ عسكرية.
ارتكب تحالف الانقلاب كل ما أمكنه من جرائم، ففي عدن مثلاً؛ لم يتوقف التدمير الذي مارسه على المباني والأحياء السكنية التي تصدّت المقاومة الشعبية فيها لمليشياته؛ بل عمد إلى تدمير المستشفيات والمنشآت الحكومية والموانئ والمنشآت النفطية والكهرباء، وطالت جرائمه حتى فرق الإغاثة وشبكة المياه. وفي كل مكان سيطر عليه، استخدم المساكن والمستشفيات والمدارس والأسواق مخازن لأسلحته ومأوىً لمقاتليه ومعسكرات تدريبية لهم، ما جعلها أهدافاً عسكرية للمقاومة والتحالف العربي. وخلال حربه الشاملة، حاصر مدناً بأكلمها، متعمداً تجويع أهلها، وقطع كل وسائل الحياة عنهم.
كانت، وما تزال، ثمة تساؤلات كثيرة تدور حول جدية التحالف العربي وقدرته على حسم المعركة لصالحه وحلفائه في اليمن، وعن الوقت الطويل الذي أمضاه في كسر شوكة الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية إلى البلاد. صحيح أن التحالف العربي لم يحقق نجاحاً كاملاً أو واضحاً في هذا الشأن؛ إلا أن القول بفشله، أو فشل المقاومة الشعبية على الأرض، في إنهاء الانقلاب، يفتقر إلى الواقعية والدقة، ويتجاهل حجم الخسائر التي تلقاها، وما يزال، تحالف الانقلاب ومشروعه العصبوي.
تُدرك دول التحالف العربي خطورة حدوث فراغِ تام في اليمن، يهدّد أمنها واقتصادها، بل ووجودها السياسي. سيمكّن هذا الفراغ من ظهور أخطارٍ لن تكون تحوُّل بلد فقير ومزدحم بالسكان إلى كانتونات صغيرة، تحكمها المليشيات المتقاتلة فحسب؛ فهذا الفراغ سيجعل اليمن نسخةً أخرى من سورية أو العراق أو ليبيا أو الصومال، وستكون السعودية ودول الخليج أول وأكثر من يجرّب حجم الكارثة التي ستنتج عن ذلك.
وإذا كانت السعودية شكّلت تحالفاً لوقف سيطرة الانقلابيين على الدولة اليمنية، منعاً لاختلال
"لا يهتم تحالف الانقلاب سوى بتحقيق مشروعه العصبوي في اليمن" التركيبة الاجتماعية في المنطقة، بما يغري إيران بنقل تجربتها في اليمن أو العراق إلى عمق الخليج، وتحويل المكوّنات الاجتماعية الشيعية إلى جالياتٍ إيرانية، وتمكينها من السلاح أو امتلاك وسائل تحقيق الاضطرابات؛ فإن هذا التحالف يدرك في المقابل أن إنتاج فراغ شامل في اليمن يرشح المنطقة لخوض خياراتٍ طائفيةٍ شبيهة بالتي كان يمكن أن تحدث، إذا ما تمكّنت إيران من تمرير مشروعها في اليمن. ولذا، كان من الضرورة الملحة الحفاظ على سلطة الأمر الواقع التي أنتجها الانقلاب في اليمن مؤقتاً، والسماح لها بإدارة المناطق التي تسيطر عليها، وهي مناطق ذات كثافة سكانية عالية، وخوض حربٍ منظمةٍ ضد هذه السلطة، ودفعها إلى تقديم تنازلاتٍ تنتهي بالعدول عن انقلابها ومشاريعها.
كان يبدو غريباً أن طيران التحالف يستهدف القيادات الميدانية والعسكرية لتحالف الانقلاب بدقةٍ وفاعلية، بينما تتحرّك القيادات "السياسية" المسيطرة على مؤسسات الدولة بحريةٍ كبيرة، وبدون احتياطاتٍ أمنية مبالغ فيها، وغالباً ما توجد في أماكن مكشوفة تماماً للطيران، ولا يتم استهدافها بأية غارة، ما يعني عدم وجود رغبةٍ لدى التحالف العربي باستهداف هذه القيادات، على الرغم من أنها تمثّل الواجهة السياسية للانقلاب، وتدير البلد بفساد مالي وإداري حوّل البلد إلى ما يشبه مزرعةً مملوكةً لعائلة صغيرة. ليس هذا الأمر غريباً، حين يكون هذا التحالف العربي حريصاً على منع انزلاق اليمن إلى الفوضى الشاملة، فهذه القيادات الانقلابية، وعلى الرغم من أن استمرارها يمنح الانقلابيين قدرةً على استمرار السيطرة والمواجهة؛ إلا أن التخلص منها سيعني حتماً نشوء فراغ تام في مناطق سيطرتها، ما يوفّر بيئةً خصبةً لحدوث فوضى، لا يمكن لأي طرفٍ السيطرة عليها لاحقاً بسهولة، وهي فوضى سيتحمل مسؤوليتها الطرف الذي تحرّك لحماية شرعية الدولة اليمنية. وعليه أن يحمي هذه الشرعية من الانقلاب والفوضى معاً.
على أن هذه الحماية ليست حماية لشرعية الدولة اليمنية، بقدر ما هي، أولاً، حماية لأمن الخليج والممرات البحرية التي تشرف عليها اليمن، وهي حماية لمصالح العالم الذي لم يقدّم، منذ بداية هذه الحرب، موقفاً سياسياً معلناً مع الانقلابيين، وإن كانت بعض القوى الدولية تقدِّم عوناً خفياً لهم، لكنه لا يرقى إلى تمكينهم من تحقيق مشروعهم بالكامل.
وجدت دول الخليج العربي نفسها في مأزقٍ معقد، فإيران توجد بقوةٍ في خاصرتها الجنوبية، من خلال الانقلاب الحوثي، بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي يسيطر على غالبية قوات الجيش اليمني وترسانته الضخمة، ما يجعل هذا الجيش مجرّد مليشياتٍ مسلحةٍ، تملك صواريخ باليستية قادرة على تهديد الأمن الإقليمي، كما أن اليمن ستصبح فضاءً مفتوحاً يمكن لإيران استخدامه لتهديد أمن الخليج، والسيطرة على الممرّات المائية الدولية، إضافة إلى إمكانية ظهور فرعِ لتنظيم الدولة الإسلامية في اليمن، نتيجة الممارسات الطائفية الانقلابية. وحينما تحرّكت هذه الدول ضمن التحالف العربي؛ كانت تدرك أيضاً مخاطر إنتاج فراغٍ سياسي، فلم تذهب في حربٍ تدميريةٍ شاملة، ولم تندفع في استهداف الانقلابيين جذرياً، بل خاضت حرباً ذكية، لا تحوِّل اليمن إلى بلدٍ يصدِّر إليها مئات آلاف النازحين الجوعى، أو مصنعاً لإنتاج فروعٍ لتنظيم الدولة، ولم تفرض حصاراً يتسبب في مجاعةٍ تطاول الملايين، على الرغم من أن استمرار تدفق السلع إلى اليمن، وبينها المساعدات القادمة من دول التحالف؛ ظلَّ يصبّ في صالح الانقلابيين الذين استغلوا هذا للتأكيد على قدرتهم على إدارة البلد، وحمايته من الانهيار.
ولم يشجع التحالف العربي على مواجهة الصبغة الطائفية للانقلاب بطائفيةٍ مضادّة، أو يدعم ظهور مشروع طائفي نقيض، على الرغم من توفر البيئة المناسبة، ذلك أن انزلاق اليمن إلى مواجهةٍ طائفيةٍ صرفة؛ يصعّد من احتمالية انتقال هذه المواجهة إلى العمق الخليجي، ضمن أجندة نظام الحكم الطائفي في إيران.
تدفع السعودية وحلفاؤها باتجاه حدوث تسويةٍ سياسيةٍ بين السلطة الشرعية والانقلابيين، ضمن قرارات الشرعية الدولية، لأنها تدرك أن إدامة الصراع في اليمن، أو استسهال الحسم العسكري فيها، يجعل تدخلها لدعم الشرعية عبثاً مفرطاً، بينما لا يهتم تحالف الانقلاب سوى بتحقيق مشروعه العصبوي، وإنْ لم يتبقَ له على الأرض سوى أطلال ونزاعات أبدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.