قلوبنا أصبحت مقابر جماعية... ففي كل يوم تحصي رحيل حبيبا اوعزيزا بمفخخة أو رصاصة غدر أو شظية عابرة. ما أصعب النهايات! و ما أوجع أن نستقبل هذا الكم القادم من الحزن, وكيف لنا ان نستعين بالصبر لنريح قلوبنا من شقاء الوداع. لم أستوعب قوة الحزن في وداع من رحل عنا عنوة ولم أع انها أقسى من فاجعة الموت ذاتها, ركام من المرارة تكومت على أعتاب قلبي و انا في حضرة الاسى الذي لايغادر كلمات ترويها أمهات قدمن ثمرة الارحام شهيدا, كلمات تكاد حروفها تحيل الجليد جمرا تواقا لمزيد من الاشتعال. تساءلت ملا حيرتي كيف لأم ان تملك هذا الوهج وهي تودع حصاد عمرها وأفراحها واصفة دقائق الرهبة الاخيرة وقسوتها قائلة.. لم تكن بي قدرة الصبر قبل أن أراه مبتسما بصمت.. وقبل أن ترتمي روحي المفجوعة بين أحضان روحه.. وكيف لا اصبر اليوم إذا حكم القدر علينا بالفراق؟.. لقد كنت ومازلت أزعم أنني أقوى حتى من نفسي.. برغم أن الالم أكبر مني وقد يجن جنوني إذ انه لن يعود, وحين لاتعود روحي أستبدل أيامي بسواد الحزن والوحشة وأفقد طاقة صبري على الاحتمال... ولكن لاخيار يمتلكه فؤادي بعد ذبول روحي برحيله غير الرضا بقضاء الله. أمهات كثيرات وقفن على حدود الصبر الممزوج بهول الفاجعة ينتظرن دورهن في الحصول على اللقب القادم بقسوة، وأمهات توشحن الالم بقلب مكسور ومشاعر الوجع اقرب لهن من بكاء الحسرة... موجع هو الموت ان جاء على هذه الشاكلة.. و موجعة هي الكلمات العالقة في القلوب حين لا تجد لها طريقا للرثاء.. فالموت لايوجع الموتى فحسب والراحلون لايعودون الا بذكرى, وفي وطني يسير التاريخ بطيئا حتى يتسرب من ثقب النسيان فيركن الشهداء على رف الاهمال.