هؤلاء لا يفهمون ولن يفهموا وما لم يكن هناك حركة تمرد شعبي عام واستعداد للتضحية على نطاقات واسعة وبكرم باذخ ولا حدود له لا يمكن بل ومستحيل أن يذهبوا إلا بالطريقة التي وجدوا بها وأتوا عليها. شعب ليس على استعداد للتضحية عليه أن يستعد من الغد أن يعيش دودة مرحاض لا الإنسان الذي كرمه ويكرمه الله لكنه هو الذي يهين نفسه عندما يبخل بدفع القليل ليعيش العزة والكرامة، [وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)].
لا تدفع أيها الشعب الجبان واخرس عن القول أنك إنسان وتحمل أدنى الصفات الإنسانية ومعانيها. أيها الشعب: لن يمطر لك التحالف وطن ولست إلا دكان يباع منه ويشترى للشرعية كما أن الحوفشية لن ترفع عن صدرك جثمتها إلا بانتفاضة وحركة تمرد وثورة ذلك إن بقي فيك نبض من حياة وإلا لا أظنك إلا في رمس القبور والصمت الطويل..
لا أستطيع تسمية كل هذا الحمل الثقيل وشديد المعاناة والكفاحات العديدة التي أنت عليها لا أنك تقدمها وفرق بين أنت عليها وتقدمها، كل ذلك لا يمكن أن يكون صبرا لكنها البلادة واللا إحساس. أيها الشعب: الصبر لا يكون إلا عن إحساس ولِ الصبر حدود. أنت أيها الشعب: شعب بليد شعب جبان شعب تحرص على حياة نكرة..
يأتي عليك المساء فتنام لا توقظك إلا حرارة الشمس القائضة أو زمهرير البرد القارس وإلا فسبات مناماتك عميقة... تنام لتصحوا على الفتات وما تسد بها رمقات الحياة وتعيش في أتفه وضع والأقل من القليل.. هل تفهم أيها الشعب لو أخطابك بسؤال الاستفهام: حتى متى؟ هل تعرف وتعي معنى سؤال: حتى متى؟ حتى متى ؟ تعني الهدف ووضع الخطة والقدم على السكة أيها الشعب. أيها الشعب: أنت بلا هدف وبلا هدف تعني بلا خطة أنت بلا قدم وإن كانت الأبواب مشرعة على كل الحلول ومختلف الطرق. أيها الشعب: أنت تائه وليس لك في الدنيا من نصيب وربما ليس لك في الآخرة من خلاق.
"ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر" الشابي
ويقول المتنبي رحمة الله عليه: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم