ان يثير مجرد منشور يكتبه صحفي زوبعةً هوجاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فان ذلك ليس بالجديد في ظل الاستغراق اللامعقول من قبل كثيرين حول وفي تلك المواقع، بعد ان جعلوها محور حياتهم ، ينامون ويستيقظون عليها وفيها وبها . لكن ان يلاقي صحفي معروف ومحترم كالزميل فتحي بن لزرق كل ذلك الهجوم بسبب منشور وان اختلفنا معه، فذلك شي غير مبرر، خاصة وان الهجوم جنح به كثيرون الى امور جانبية لاتتعلق بجوهر ماكتب في المنشور رغم ان فيه الكثير مما يمكن اي متابع او لائم ان ينسفه من اساسه، مع ذلك فلاضير ولا اظن الاخ فتحي من خلال معرفتي به سوف يستاء من ذلك طالما كان النقد موضوعيا وليس شخصيا . لقد نبهنا اخواننا الناشطين في الفيسبوك وجروبات التشات من مرارا وتكرارا من بناء مواقفهم على المنشورات وقالت فلانة وكتب فلان، حتى اصبح البعض يبني شخصيته على تلك المواقع التي يوجد فيها الغث والسمين والاول هو الاكثر بنسبة كبيرة جدا . نعود الى الزميل فتحي بن لزرق ومنشوره الاخير ، وقبل ان ابين ملاحظاتي حول نص المنشور ومناقشته من ناحية التوقيت والهدف والمهنية الاعلامية، اود ان اؤكد على ان الزميل فتحي بن لزرق في رايي يمثل احد اعمدة الاعلام في الجنوب وهو صاحب دور مشهود قدم الكثير والكثير مما لايدع مجالا للتشكيك بوطنية الرجل باي من الاحوال . الشيء الاهم هنا ان من حق الصحفي والصحافة بشكل عام تتبع وكشف الفساد والمفسدين في كل القطاعات بل ان ذلك من اوجب واجباتها، ولكن يجب ان يتم ذلك بطريقة مسؤولة يحرص صاحبها على ان يكون هدفه الحقيقة والحقيقة وحدها ويحرص اكثر على ان لايكون التشهير بالمؤسسات والاشخاص احد اهدافه ،وذلك يقتضي بل يوجب عليه ان لاينشر في اي موضوع قبل ان يبحث في الامر ويتحقق من ان كل كلمة وعبارة يكتبها مشفوعة بالادلة والوثائق بعيدة كل البعد عن مجرد القيل والقال او كيل الاتهامات دون ايراد ادلة مقنعة، بغير ذلك سيكون الامر مجرد تشهير اجوف بالجهة المستهدفة وهو ايضا استغباء للقارىء والمتابع . وبشكل عام فاني شخصيا مع طرق كل الابواب ومتابعة الفساد اينما كان وفضحه على رؤوس الاشهاد، وذلك بعد الالتزام بالشروط المهنية وتجرد الكاتب او الصحفي من دوافعه وتحكيم الوثيقة والدليل والبرهان . بعد هذه المقدمة الطويلة والضرورية، ناتي الان على مناقشة وتفحص منشور العزيز فتحي بن لزرق. بدا فتحي منشورة بمخاطبة شخص الاخ المناضل منصور زيد مدير مكتب محافظ العاصمة عدن، والسؤال هنا . لماذا منصور؟ غير ان النقطة الاهم والتي - في رايي - نسفت مصداقية ماجاء في المنشور من اساسه وهي بمثابة الكبوة التي اوقعت حصان العزيز بن لزرق، وهي تصديره المنشور بقوله (ابلغني صديق). توقعت وانا اقرا هذه العبارة ان يورد الزميل فتحي وثائق وادلة دامغة تتضمن كافة التفاصيل بالارقام والاسماء والمبالغ، وهي وحدها من تؤهل الموضوع للنشر وتزوده بالمصداقية ولاتدع مجالا للقيل والقال، اما ان يعتمد موضوع حساس كهذا وفي مرحلة حساسة لا اظن ان صديقي فتحي يغفل عنها على وشاية او بلاغ او مكيدة سمها ماشئت فان ذلك ينسف الموضوع ويجرده من موضوعيته ومصداقيته، وكان الاحرى والاسلم ان ياخذ فتحي تلك الوشاية كطرف خيط يبدا به تحقيقا صحافيا كاملا يتتبع خلاله التفاصيل ويبحث عن ادلة مقنعة فان لم يجدها فلا يجوز نشر الموضوع خاصة وان الجميع يعلم حساسية المرحلة التي يتربص فيها العدو كل خلاف او خطيئة تصدر من كل ماهو جنوبي . من ناحية اخرى فان الجميع يعلم ان الجهاز المركزي متوقف تماما عن العمل في عدن منذ بداية الحرب وحتى اليوم. غير ان العبارة الصادمة في المنشور كانت هي قول الزميل ان في ذلك فساد لم تشهد له عدن مثيلا؟؟؟؟؟؟ وهنا نتساءل على اي اساس بنى الزميل العزيز فتحي حكمه هذا ؟ هل بناء على مقولة صديق اخر يمتلك ارقاما بكل ماحدث من فساد في عدن عبر التاريخ؟ ولنعد الى نقطة البداية ونفترض ان المعلومات والارقام التي وردت في المنشور حقيقية، أ ليس من المهنية والموضوعية والمصداقية التاكد من الاشخاص والجهات المستفيدة من تلك التذاكر؟ فاذا كان ولابد من الخوض دون تمحيص فلنفترض ايضا ان تلك التذاكر صرفت بطريقة لاغبار عليها للجرحى والمقاومين والمحتاجين على سبيل المثال. ولنفصل في القولين لابد ان نسلم جميعا بضرورة الاعتماد على ادلة ووثائق دامغة عند نشر اي اتهامات بحق اي شخص او جهة. تلك بعض الملاحظات التي احببت ان اضعها بين يدي القراء الاعزاء طالبا مرة اخرى البقاء في دائرة مناقشة الافكار ودحض الحجة بالحجة بعيدا عن الاستهداف الشخصي لاي شخص كان، فما بال القارى ان كان هؤلاء الاشخاص من المناضلين المعروفين اصحاب السير المشهودة كالاخ فتحي بن لزرق والاخ منصور زيد . اخيرا اقول ان الموضوع برمته اخذ ابعادا اكثر بكثير مما يستحق، وهو بالتالي انعكاس لحالة الاهتمام بصغائر الامور وتسليم كثيرين منا زمام امورهم للعواطف دون العقل ، وقبل ان اختم اكرر تضامني مع الاخ والصديق العزيز فتحي بن لزرق ضد اي استهداف لشخصه او لتاريخه المهني والنضالي .