لستُ متأكدا من صحة الادعاءات التي اطلقها الأخ فتحي بن الأزرق بشأن الجهات التي قيل انها انغمست بفساد مالي وإداري كمؤسسة الكهرباء ووزارتي النقل والنفط ومكتب محافظة عدن وقيادات بعض المناطق العسكرية وغيرها..., فعلى بن لزرق يقع عبئ الاثبات, وعلى هذه الجهات التعاطي مع ما يقدمه برحابة صدر أن كانت فعلاً براء مما يقوله. فلستُ متأكدا من تهم بن لزرق ولا من براءة الطرف الأخر, ولكن ما أنا متأكدا منه أن بن لزرق لم يرم هذه التهم ( الإدعاءات) من منطلق استهداف شخصي لمن تطالتهم هذه الادعاءات ولم يطلقها من نزعة مناطقية أو استهداف جهوي,(( ولو كنتُ أرى عكس هذا فلن أتردد بانتقاده بأقوى العبارات وفي موقعه الاخباري وصحيفته -عدن الغد- ولن اخشى في ذلك لومته, فليس بن لزرق أكبر ممن انتقدناهم بقوة بالماضي والحاضر)),والدليل على صحة قولنا أن بن لزرق لا ينطلق من نقدها للآخرين من منطلق جغرافي هو أنه قد اصطدم بالجميع من مختلف المناطق والانتماءات الحزبية منذ سنوات وعلى مدى فترات عدة لمحافظي لعدن السابقين. كما ولديّ القناعة ومن حكم معرفتي الطويلة به أنه لم يقل ما قاله إلا من ميل وطني محض, كما يعتقد على الأقل,وسيظل هذا هو ظني فيه الى أن يُثبَتَ عكس ذلك. فردود الأفعال المتشنجة التي جابهت ادعاءات بن لزرق تُنمُّ عن ضيق شديد بالكلمة, وتظهر بجلاء ان حديثنا على القبول بالرأي المخالف كذبة من العيار الثقيل, وأن مطالبة الصحافة أن تكون عين الشعب على ثرواته والرقيب على مصالحه من هوامير الفساد وعبث العابثين بأمنه وأن تمثل سلطة رابعة بالبلد ما هو إلا ضحك على الذقون,وكلام مكتوب على صفحات ماء جار. كان بوسع من طالتهم اتهمامات بن لزرق ومن تعاطفوا معهم أن يكونوا اكثر ثقة بالنفس إن كانوا فعلا براء مما قاله بحقهم ويطلبوا منه اثبات زعمه أو يتحمل مسئولية ما يطلقه من اتهامات مسيئة -إن كانت كذلك فعلاً- بدلاً من اسلوب الشتم الأخرق ,والتهديد بحذف الروؤس من سطح الدنيا الى سلة محذوفات الأخرى, والتوعد بالحرق .وحين يتم تبرئتهم من هذه الادعاءات- كما نتمنى ان يحدث- سنكون جميعا بصفهم تضامنا, وشجباً بوجه بن لزرق الذي سيكون عليه حينها الإعتذار لهم بالمانشتات العريضة بصحيفته وموقعه (عدن الغد), وإن ثبت صحة ما يقوله فعليهم إن يتحلوا بالشجاعة ويتحملوا مسئوليتهم خصوصاً أن الأمر متعلقاً بمئات الملايين من الريالات. فالرجل الواثق من نظافة يده وجيبه لا يكترث لأتهامات أحد.فلايصح بالأخير إلا الصحيح. قد لا تكون نفس الأصوات التي صادرت عن محافظ عدن السيد /عيدروس قاسم الزبيدي جنوبيته وصادرتها عن محافظتها (الضالع) كلها ذات يوم هي نفس الأصوات التي صادرت جنوبية فتحي بن لزرق اليوم ولكنها ذات الفلسفة والعقلية العقيمة المتكلسة التي توسعنا تعذيباً منذ زمن. ثم أن الشئ الذي يبعث عن الدهشة والأسى ويجعل المرء يشبك عشر أصابعه على رأسه تحسراً وخجلاً حين يتم تجريد كل من يخالفنا الرأي والكلمة من وطنيته بشخطة منشور أو برعفة قلم, بل والأكثر أسفا أن يكون في نظر البعض الانتماء الى غير الجنوب نقصية. فعبارات :(هذا اصله من تعز.. هذا اصله من المناطق الوسطى..هذا جده من مطلع) صارت تقال بشكل مقزز وقميء,ولا تسيء فقط الى أبناء هذه المناطق بل تسيء الى كل جنوبي بدرجة اساسية وتظهرة بمظهر الأنسان السوقي,وكأن الانتماء الى تعز أو غير تعز تهمة وجريمة. تعز التي يخجل المرء ان يتحدث عنها خشية ان يغمطها حقها بالإنصاف والوفاء صار الاتنماء إليها في نظر البعض جُرمٌ وتهمة تمشي على قدم. لم يختلف الجنوب مع الشمال كجهة لأنه شمال, بل هو اختلاف سياسي واختلاف حول مشاريع بناء دول. ولم يختلف الجنوب مع كل شمالي,مثلما لم يتفق مع كل جنوبي , فليس كل الشماليين شرر مستطار ولا كل الجنوبيين ملائكة اخيار. فالذي يقف بوجه تطلعات الجنوب هو خصم الجنوب سواءً كان من صنعاء أو من عدن. فليست الجنوبية شيك على بياض لأي أحد يكتب بها ما يريد من هذيان, ولا تعزوصنعاء وإب والبيضاء مبعث للتأفف يا سادة يا كرام.فلم نأتي لنبحث عن أصل جينات وجذور الناس ونفضل هذا عن ذاك بعين داروينية. قلنا ونكرر أن الجنوب يطمح بان ينفصل عن الشمال انفصالا سياسيا لا أكثر, انفصال عن حكام صنعاء وقوى الشمال القلبيلة والحزبية والمتأسلمة المتغطرسة ولم يقل انفصالاً عن اخلاقه وقيمه , أويهجر ابناؤه أصول وآداب التخاطب مع أنفسنهم ومع الآخرين. فقيمتك من قيمك. تماما كما يريد ان ينفصل عن كل عابث وفوضوي وفاسد وارهابي جنوبي.فالإحتلال هو سلوك ومعاملة وليس فقط اشخاص وجيوش. فأن كان القول الشائع يقول أن العاقل هو مَن عقَلَ لسانه. سنزيد نقول أن العاقل هو مَن عقَلَ قلمه وتلفونه وصفحته,وسيطر على نزقه وحمقه. (وكل عام والجميع كنوايا قلوبهم )