ظلت ظاهرة طفح مياه الصرف الصحي في محافظة عدن مصدر احراج للسلطات المحلية المتعاقبة لكونها تشوه مظهر المدينة الحضاري وتزعج راحة المواطن وتعكر صفو حياته، فهناك العديد من الصور لمعاناة المواطن من الآثآر السلبية لطفح المجاري، فمنها ما يحدث له في عقر داره وبالاخص الساكن في الدور الارضي اثناء مواجهته هجمات مياه المجاري المفاجئة وتصاعد وتدفق مياهها الى داخل المنزل ومحاصرتها لغرف النوم والمعيشة فيتحول منفذ تصريف واخراج مياه المجاري الى منبع ومصدر لقذف المياه القذرة وتصاعدها في الداخل، فهذا الوضع يخلق حالة احباط وارباك ويرهق الاسرة التي تبذل جهود مضنية لاخراج تلك المياه والاوساخ ورميها في الشارع وبشكل مستمر حتى تتم معالجة الانسدادات، ومثل تلك المعالجة غالبا ما تكون مؤقتة تاخذ زمنها القصير ثم تعود المداهمة والمعاناة ومرارة العيش من جديد. وعلى نطاق الحي فان طفح مياه الصرف الصحي تغمر الشوارع والازقة وتشكل جدول ماء جاري في الشوارع وامام المنازل والمحلات التجارية فتنتشر روائحه الكريهة ويهدد ماءه المتعفن والمحمل بالفيروسات والبكتيريا والطفيليات بنشر ونقل الامراض بين السكان وبالذات الاطفال الذين لا يدركون خطورة اللعب قرب هذه المياه، كما يسبب عرقلة ومضايقة للمارة اثناء عبور الشارع فيضطر المواطن الى القيام برص مجموعة حجارة وطوب لتشكل معبراً للمرور واجتياز الشارع، وصورة اخرى هي بقاء مياه المجاري لفترة طويلة في بعض الطرقات لعدم وجود جهة متضررة تطالب وتساهم بالاصلاح لكون المتضرر الوحيد هو الطريق الذي لا لسان لديه ولا ساعد!! فيؤدي استمرار بقاءها الى تدمير وتلف طبقة الاسفلت واختفاءها واحداث حفر ومنحدرات تشكل خطورة على سلامة السيارات وتمنع سيرها، وذلك يحدث دون متابعة من مصلحة الطرقات او القيام باعادة سفلتة للطريق بل غياب تام وصمت مطبق . لكن ذلك كله لم يكن بعيدا عن نظر مؤسسة المياه والصرف الصحي التي تحاول ان تقوم بدور ايجابي لحل بعض مشاكل طفح المجاري المزمن وذلك في حدود الامكانات البسيطة والمتاحة وهذا يتمثل ببعض اعمال الشفط لمياه المجاري المتراكمة وبشكل مستمر ليساعد ويخفف من كمية فيضانها الى حين التمكن من اتمام الاصلاح والذي يتم عادة بتكاتف جهود الساكنين ومساهماتهم المالية احياناً وجهود مؤسسة المياه والصرف الصحي بمفردها احياناً اخرى، والعجيب في الامر عند فتح بعض الانسدادات يُكتشَف وجود كتل من الطوب او غيرها من المواد الغريب تواجدها والتي يعطي محتواها دلالة على انها وضعت متعمدة لاحداث الانسدادات ومضايقة السكان ولا يعرف مرتكب هذا العمل الحقير الذي لايمت لفاعله بصلة دين او اخلاق . على الرغم من انتشار مشكلة طفح المجاري في جميع مديريات محافظة عدن لكن يوجد هناك تفاوت في حجم وعمر المشكلة بين مختلف المديريات فمديرية المنصورة اخذت نصيب الاسد من صور المعاناة الطويلة جراء التفجر القديم الدائم والمستمر في شبكة انابيب تصريف مياه الصرف الصحي المتهالكة والمهترئة والتي مضى على عمرها الافتراضي عمر آخر ويضاف عليه زيادة الضغط عليها الناتج من التوسع المعماري الهائل حيث تعتبر المنصورة من المناطق الحديثة ذات المساحة الواسعة غير المعمورة والتي شهدت توسع في البناء الافقي والراسي لم يواكبه توسع وتغيير في سعة حجم انابيب شبكات ألصرف الصحي الفرعية والرئيسية بالشكل الصحيح الذي يتوافق مع الزيادة في الحشد البشري والكثافة السكانية المنتفعة بهذه الشبكة . ان مشكلة طفح المجاري بقدر ما تسببه من ازعاج كبير للمواطن تتسبب باحراج اكبر للمسؤول، واتذكر ان اشاعة ظهرت في بداية ثمانينات القرن الماضي حين برزت مشكلة طفح المجاري مفادها ان مخططات ورسومات شبكة الصرف الصحي للمنصورة غير موجوده لكون المهندس المسؤول عنها هندي الجنسية اخذها معه عند عودته الى بلاده بعد ان نالت البلاد استقلالها، وهذه الاشاعة كان هدفها الهروب من الاحراج وتغطية عجز صحة البيئة والقيادة من احتواء تداعيات مشكلة طفح المجاري ومنع تدفق مياهها في شوارع وازقة المنصورة . تقع على قيادة محافظة عدن متمثلة بالاخ المحافظ ومدراء عموم المديريات مهمة البحث عن مصادر تمويل لمشاريع تساعد في اعادة بناء وتعزيز البنية التحتية لعدن ومن ضمنها شبكة مياه الصرف الصحي التي تحتاج الى تحديث لفروع الشبكة الداخلية والرئيسية . وهذا سيكون المخرج الصحيح والحل المامول والكفيل بانهاء صور المعاناة والحفاظ على راحة المواطن ونظافة مدينته ووقاية صحته، فعلى السلطة السعي الحثيث والجدّ ثم الجدّ في طلب الجهات الداعمة من منظمات المجتمع المدني او جهات اخرى ما وجد الى الجدّ في طلبه سبيلا، وليكن مشروع تحديث شبكة مجاري مديرية المنصورة نقطة الانطلاقة من بين مديريات محافظة عدن وليس نهاية المطاف .