الى متى نظل محبوسون داخل هذه الدائرة الجهنمية المسماة (وحدة). ؟ فقد أضعنا جيل من عمر هذا الشعب ونحن نرزح تحت حكم من لا ذمة لهم. نعم ربع قرن، ونحن بين أنياب الفاسدين من العسكر، وفي متناول مخالب اللصوص من القبائل. الى متى نظل مهجوسون بكتالي الوحدة التي تزد إنتفاخاً في جبل المعاشيق، وبملاعق الوحدة، التي تزداد تقعراً في عاصمة الحرمين الشريفين.. فالوحدة لم تهبنا سوى: تذاكر بطالة، وجوازات تشرد، داخل الوطن الجنوبي وخارجه..!! الى متى نظل متهمون بالإنفصال دون إن نمارسه على أرض الوطن؟ والى متى نظل لقمة سائقة تنتقل من فم صالح الى فم الإصلاح الى فم الحوثي الى فم من لا وجه له ؟.. فحتى الجنين الجنوبي وهو في بطن أمه يدرك أن: الأرض مسلوبة، والثروة منهوبة، والطريق الى المستقبل مقطوعة. وعلى المتحذلقين منا الإدراك، أننا نعيش لحظة تاريخية فارقة، إن لم ننطلق منها نحو الحرية والكرامة فسنواصل نزيف الوطن على أيدي المخلافي " لا فرق إن كان الدكتور أو الشيخ" فكلاهما وجهان لعملة واحدة إسمها "الضم والإلحاق"، نعم سنواصل ذلك النزيف الذي بدأناه على أيدي جارالله عمر في مايو 1990م. فالمرحلة تُقَدِس القوة والسيادة فيها للسلاح، مرحلةٌ يَضِيعُ فيها الحق وإن كان ورائه مُطَاِلب. لقد كدنا نقع في ثقب إيران الأسود، لسوء تقدير من يَدّْعي القدرة على التقدير من بين صفوفنا.. فالسؤال يلح: الم يحن الوقت للوقوف بروح المحارب أمام إستحقاقات المرحلة..؟ فباب ايران المخلوع: صالح يكاد يلتهم اليمن بعد أن فشل في هضم الجنوب.. لماذا؟ لأنه يمتلك جيش جرار بناه على مدار ثلث قرن لخدمة أهدافه العائلية والاسرية. والحوثي يكاد يعيد اليمن الى عهد ما قبل الجمهورية.. لماذا؟ لأن لديه جيش جرار أيضاً، من المليشيات القبلية بناه بالتعاون مع إيران لخدمة أهداف الجماعة المذهبية.. إزاء ذلك ماذا عملنا نحن الجنوبيون في مواجهة هذه العسكرة الشاملة وهذا التجييش المنقطع النظير؟؟ فمن نافلة القول أن الأخوة الجنوبيين المسئولون عن إدارة المحافظات الجنوبية وإن رفعوا علم الجنوب عالياً، فإنهم يسيرون على غير هدى، وعلى غير بصيرة، لا يعرفون الى أين تقودهم شرعية هادي، وبخاصة بعد عودة حكومته الى عدن؟؟ فعودة كهذه تستولد المزيد والمزيد من الأسئلة المحيرة أهمها: ماذا لو أستطاعدت قوى الإصلاح والمؤتمر التأثير على الرئيس هادي بإقالتهم من مناصبهم..؟ هل سنكتفي بالنواح على اللبن المسكوب ونعود الى التضاهرات المليونية بعد أن يكون المخلافي والأصبحي وأضرابهما من الجنوبيين ركاب كل موجة، وطليعة كل زفة، بعد أن يكونوا قد أعدوا قاطرة الوحدة لربط عدنبتعز، بعد إن فشلت صنعاء في إستتباع عدن. أو نستعد ليكون الجنوب ملفاً من ملفات المقايضة بما يتفق والأجندات الأقليمية أو الدولية لصالح (عبدالملك)، لا فرق إن كان الحوثي أو المخلافي، ونعود نحن الجنوبيون نستجدي حقوقنا من الاخرين دون جدوى.!! فنحن في زمن يضيع فيه الحق، وإن كان ورائه مطالب. ويصان الحق إن وقف ورائه محارب. لذا علينا مواجهة الواقع الراهن بلغته السائدة (القوة). بدلاً من هذا التهافت لإنشاء حامل سياسي يراد له السقوط بنا الى هاوية الحوار السياسي التي لا قاع لها، والتي لن تؤتي أُكلها، طالما مفاعيل القوة تفعل فعلها على الأرض.! فمن المهم أن نفهم إن اولوية الجامع، الحامل أو المجلس السياسي "سمه ماشئت"هي أولوية تتقهقر وتتراجع في ظل غياب القوة العسكرية الجنوبية. وفي هذا المقام لابد من الأقرار بوجود قوة جنوبية مقاومة، بإعداد لا بأس بها. ولكنها قوة مشوشة في عقيدتها الوطنية. وقواعد إشتباكها مبنية على قناعات أشخاص أو جماعات وفي أحسن الأحوال على قناعات مناطق بعينها. وبالإستناد الى هذه الحيثيات، يجبرنا الواقع على الإسراع في العمل على إستعادة الجيش الجنوبي. فما تشهده المنطقة، من تمترس عسكري وتخندق مليشاوي، يجعل من بناء قوة عسكرية جنوبية، تحمي حياض الوطن، من الأطماع المتخفية بثوب الوحدة، يجعل منها أولى أولويات المشروع الوطني. فالجنوب أصبح مُشَّرَع الأبواب على مصاريعها، لكل القوى القبلية والعسكرية. فمبلغ علمي ان المناسبة التي أطلقت فيها الدعوة لتشكيل كيان سياسي جنوبي هو عيد الجيش الجنوبي، وبما أن المحتفى به مغيب عن الساحة الوطنية. فقد كان الأحتفال بذكراه دعوة عملية لإعادته الى الثكنات. ولكن لأن الجيش مَغْرَم، والسياسة مَغنَم، فقد تسابق المطبلون للترحيب بالدعوة لقيام المجلس السياسي ولم نسمع أي إشادة أو إهتمام بالدعوة للعمل على إعادة بناء الجيش الجنوبي!!!! إجمالاً نقول أنه من السذاجة السياسية الجلوس في المقعد الخلفي وترك الشأن الجنوبي لغير الجنوبيين للبث فيه. فلا أحد أحرص على الجنوب سوى الجنوبيين أنفسهم، فالمخلافي بشقيه الدبلوماسي والمقاوم مهجوس بمستقبل تعز، وعبدالملك بشقيه الحوثي والناصري مهجوس بحاكمية الشمال للجنوب، أما الخارج فمشكوراً وهو يبدي اليوم تعاطفاً معنا، فقد تفرض عليه مصالحه الإستراتيجية غداً تبني مواقف لا تتفق وأهدافنا الجنوبية. فنحن بحاجة الى إستراتيجية محددة الأهداف، تنتهي بقيام الدولة الجنوبية، وأولى أولوياتها إعادة الحياة للجيش الجنوبي، صمام الأمان للدولة الجنوبية المرتقبة. فمن لا يمتلك القوة الفارضة للحق، عليه إما أن يتقاعد عن ممارسة السياسة أو أن ينظم الى دائرة التوجيه المعنوي والسياسي للقوات المسلحة تحت قيادة المقدش.