يعود اول ذكر للحج إلى القرن السابع قبل الميلاد عند ذكر المكرب السبئي (كرب ال وتر بن ذمار)أثناء حملته العسكريه كما في نقش النصر باسم دهسم وتبن* وهي التي تضم اليوم يافع وتبن وهي منطقة وادي لحج وقد رجح البعض أن تبن كانت مدينة وحاضرة الوادي ولكنها دمرت واندثرت ولا يعرف مكانها انتهت كمدينة لكنها ظل اسمها متداول يطلق على الوادي وكل قرية تقام على ضفاف الوادي يطلق عليها مسمى عام ومسمى خاص العام هي قرى تبن والخاص الاسم الخاص بالقرية عينها وقد ورد في كتاب هذا هو تاريخ اليمن(الارهاص)ص273 وهو يتكلم عن قوم عاد وعظمتهم والعجائب التي وجدت عندهم وأول ماذكر من عجائب قوم عاد ذكرقصري لحجوعدن وقال وهما من أهم قصور قوم عاد وقد ذكر في أكثر من مرجع منها (آثار البلاد وأخبار العباد) جاء ذكر ذلك في معرض كلام طويل حول *اليمن*وفي خلافة معاوية بن أبي سفيان بعث عبدالرحمن بن الحكم وإليه على اليمن فبلغه أن بساحل عدن قصرين من قصور قوم عاد وان في بحرها كنز فخرج في مائة فارس إلى ساحل عدن فرأى ما حولها من الأرض سباخا بها آثار الآبار ورأى قصرا مبنيا بالصخر والكلس وعلى بعض أبوابه صخرة عظيمه بيضاء مكتوب عليها (غنينا زمانا في عرصات ذا القصر ...بعيش رخي غير ضنك ولانذر) ثم ذهب إلى القصر الثاني الذي بلحج وكان مكتوب عليه (غنينا بهذا القصر دهرا فلم تكن لنا همة إلا التلذذ والقصف) . بدأ تاريخ مدينة الحوطة حاضرة وادي لحج كعاصمة منذ تدمير مدينة الرعارع في أواخر الدوله الطاهريه وعندما دخل العثمانيون مدينة عدن تحولت العاصمه من الرعارع إلى الحوطه فتدهورت الرعارع ولم يعد لها ذكر بعد القرن (الحادي عشر الهجري ) إلا أن القمندان يرى أن أول من اتخذ الحوطه عاصمه للحج هم عمال الإمام المتوكل ويؤكد ذلك أن لهم فيها دارين هم دار عبدالله ودار حمادي وبعدها استقر فيها الشيخ فضل بن علي بن صلاح السلامي سنة 1145هجريه واقرها عاصمة ونقل أسرته من المجحفه اليها وبدأ السلاطين العبادل العمل من أجل النهوض بعاصمة ملكهم وحاضرتهم الحوطه فقاموا ببناء اول مدرسه نظاميه في الجزيره العربيه وهي المحسنيه وما هي إلا امتداد للمسيرة التعليميه للكتاتيب التي كان يتخرج منها رجالات السلطنه ومفكريها لذلك أرادت السلطنه أن تعيد للحج مجدها وتاريخها وصدارتها فأسست للتعليم واهتم سلاطينها به وقاموا ببناء المدرسه المحسنيه وكذا المدرسه الجعفريه في الوهط هاتان المدرستان كانتا تحتويان في جنباتها على كنوز العلم و المعرفه يشرب منه كل عطشان لأنهما كانتا منارا للعلم والتنوير كما ذكر هذا الأستاذ أنور عوض سعيد في واقع التعليم إبان السلطنه كما انا لايخفى على القارئ أن السلطنه اللحجيه اهتمت بالحوطه وجعلت منها منارا للعلم والمعرفه والأدب والحضاره حيث قام السلاطين ببناء المدارس والقصور والمساجد واسسوا للانديه والمنتديات الادبيه التي يجتمع فيها الشعراء والأدباء وكانت الحوطه يسميها البعض باندلس الجزيره وقد ساهم المفكر الكبير الثعالبي في رفد هذه المنتديات بالخبرات التي كان يتحلى بها ذلك المفكر الكبير وذلك من خلال الزيارات التي قام بها لسلطنة لحج حتى سماه بعضهم بأنه من رواد العمل التنويري في عدنولحج وقد وصف الرحاله الألماني هانز هولفريتز الحوطه بوصف غاية في الجمال حيث زارها في عهد السلطان عبد الكريم بن فضل حيث قال بعد أن اتجه إلى الحوطه قال وفجأة ارتفع أمامنا في الأفق منظر رائع وكأنه مسه سحرية قد إصابته فبعثته إلى الحياة أنها قصور ذات ابراج تشرق بيضاء لامعه كالمرمر وقد ارتفعت سقوفها المدوره وشرفاتها الرقيقة وكان الشئ المدهش أن جميع هذه المناظر بدت عائمة في الهواء وكأنها مرسومه على نقطة انحدار السماء الزرقاء نحو الأفق وقد ضمت أرق الألوان وأكثرها وداعة .....ثم يقول وعندما اقتربنا أخذنا نبصر الخطوط العريضة للمدينة ببيوتها السمراء المربعه وقد تشابكت مع بعضها وثبتت أقدامها في الأرض وتبينا سبب ما أصابنا من خداع النظر من بعيد فالبيوت كلها مؤلفة من أكثر من طبقة واحدة وجميع طبقاتها العليا مصبوغة باللون الأبيض أما الأدوار السفلية فلونها من لون التراب وهذا الذي جعلها تبدوا كأنها معلقة في الفضاء .
هذه حضارة لحج وحاضرتها الحوطه ورجالاتها الذين شيدوا صروحا للعلم والمعرفه في عقول أبناءهم قبل أن يشيدوها على أرضهم من الحجارة والطين فمتى تعود لحج الوادي إلى العهد السابق في الاهتمام بالعلم والمعرفه وإلى حضارتها وتاريخها الذي دمرها جهلة السبعينات .