الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    شاهد لحظة اختطاف الحوثيين للناشط "خالد العراسي" بصنعاء بسبب نشره عن فضيحة المبيدات المحظورة    الصين توجه رسالة حادة للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    غزو اليمن للجنوب.. جرائم لا تسقط من الذاكرة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    استشهاد 5 نساء جراء قصف حوثي استهدف بئر ماء غربي تعز    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحج .. الوحدة والتألق.. والتسامح و المحبة
من السلطنة.. إلى الثورة والوحدة
نشر في الجمهورية يوم 23 - 05 - 2009

لحج الحب والجمال .. في واد خصيب حط "الأصابح" رحالهم.. بحثاً عن الاستقرار والعيش الرغيد.. هكذا يفيد القمندان عن أول سكنة "لحج".. لكنها الآن هي مزيج من الأعراق والقبائل القادمة إليها من كل فج عميق.. وهي في هذا مثلها مثل جارتها "عدن" ايقونة من ألوان الحسب والنسب، وواحة محبة، وعناق تآخٍ وألفة..! وتاريخ لحج يمتد إلى أقدم الحضارات اليمنية وأعرقها أصالة وإبداع.. ولازالت «الرعارع» عاصمة الزريعيين بآثارها شاهدة على تاريخ لحج وحضارتها وبعض القرى والمناطق المحيطة بالحوطة العامرة بالعمق الحضاري والمحبة والتآلف والتآخي الانساني. ومنذ أن جاء إلى حوطتها سلاطين العبادل حوالي 1145ه / 1732م وتأسيس سلطتهم من قبل الشيخ - فضل بن علي العبدلي وحتى نهاية السلطنة العبدلية في العام 1955م بقيت الحوطة هي أم القرى وكل مناطق القبائل المجاورة لها من الحواشب حتى الصبيحة.. وعندما تحقق الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 67م ورحيل الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وانتهاء حكم السلاطين، بقيت لحج طيلة العهد الجديد للثورة والجمهورية بنفس حدود السلطنة وفي تقسيمها الإداري الجديد اضيفت لها إمارة الضالع وسلطنة يافع العليا وسميت بالمحافظة الثانية، وبعد فترة محددة أعيدت تسميتها الأولى «محافظة لحج» وظلت عاصمتها هي الحوطة وحينما أعيد للوطن وحدته في 22 مايو من عام 1990م بقيت لحج كمحافظة وبقيت الحوطة عاصمة لها إلى أن تأسست محافظة الضالع حيث اضيفت بدلاً من مديريات الضالع التابعة لمحافظة لحج مديريتا القبيطة والمقاطرة لتكون بتقسيمها الإداري الجديد وحدة الوطن ولحمته وبقيت الحوطة لأكثر من قرنين ونصف هي العاصمة الحنونة لكل أبناء لحج ولكل محبيها من أبناء اليمن الواحد.. فهذه عمارة الزريقي وهذا دكان المقطري وهذه مخبازة الجليحي وهذه بيت اليافعي والبدوي والصنعاني و و... إلخ اطياف والوان الاحساب والانساب حيث تضمهم الحوطة بدفئها ويتجاورون فيها ويستأنسون محبة وألفة كأبناء وطن واحد تمتد جغرافيته من الغيظة شرقاً وإلى ميدي غرباً تحت راية التوحد والمحبة والاخاء. حوطة القلب بين واديين هما الوادي الكبير والوادي الصغير المتفرعان من رأس وادي تبن، اسست لبنات المدينة الأولى وسميت بالحوطة.. واليها أم الناس وحولها عمرت الأرض وتناثرت القرى هنا عبر الاسوم وجوارها جنوباً بيات عياض والمحلة، وشرقاً الحمراء والثعلب وطهرور سفيان من الشرق والحسيني والخداد وغيرها من القرى المحيطة بحوطة لحج المحاطة ايضاً بالبساتين والمزارع وبالحب والجمال وبأضرحة الأولياء والصالحين «سفيان ومزاحم والشيخ بن عبدالله وغيرهم» ممن يحيطون بالمدينة ويحرسونها بهالة الحب منذ أقدم الازمنة الممتدة فيها بعبق التاريخ والفن والجمال والابداع والحب والتآلف. إلى هنا جاء "العبادل" مثلهم مثل بقية أبناء المناطق المجاورة للحج وحوطتها الذين استوطنوا لحجاً وانقطعت علاقتهم بأصولهم القبلية.. وأصبحوا لا يعرفون إلا بأنهم من لحج، ومن أعيانها وهكذا هم "العبادل" الذين يرجع القمندان في كتابه هدية الزمن أصولهم إلى قبيلة «كلد» احدى قبائل يافع وذلك من خلال صور لوثائق ترجع نسب الشيخ/ فضل بن علي العبدلي مؤسس السلطنة العبدلية، إلى هذه القبيلة حيث يقول إن آل سلام «بتشديد اللام» في من كلد وقريتهم في يافع تسمى «بركات» غربي جبل «مونجة» وهم فيها إلى الآن، ومنهم «آل سلام» العبادل في لحج لكن المؤرخ حسين صالح شهاب، يرى أن الوثيقة التي يستند إليها القمندان في هذا، هي وثيقة تنسب إلى السلطان سيف بن قحطان اليافعي، لاتجعل سلام بن علي العبدلي، وهو شقيق الشيخ/ فضل بن علي العبدلي من كلد صراحة وإنما حليف لها . ويضيف بقوله: ومن المعلوم أن «عبدلي» نسبة إلى عبدالله ولاتوجد من يافع قبيلة بهذا الاسم، لكن هناك قبيلة تعرف بهذا الاسم شرقي منطقة «ردفان» وهم احدى قبائل ردفان القوية، وتعرف أيضاً بأهل عبدالله، وسكان مدينة "الحوطة" محافظة لحج، في الغالب من منطقة ردفان والحواشب وحدود الحواشب الجنوبية كانت تمتد إلى رأس الواديين الصغير والكبير، اي دلتا لحج، ثم يستنتج عن بعد هذا النسب بقوله: لو أن العبادل كانوا من «كلد» أو حلفاء لهم لما تركوا دم الشيخ/ فضل بن علي يذهب هدراً وهو في طريقه إليهم لحضور حفل عرس ولقامت فتنة عظيمة بين أفخاذ كلد وبطونها، ولو كان من آل عبدالله الردفانيين لثأروا له من قتلته، لكن العبادل من لحج كما يبدو قد انقطعت علاقتهم بأصولهم القبلية من زمن بعيد، وأصبحوا لايعرفون إلا بأنهم من لحج ومن أعيانها، مثلهم في ذلك "العزيبة" و"أهل البان" ويؤكد ذلك ايضاً اختيار رؤسائهم لمشيخة لحج فمن شروط هذا المنصب ان يكون من ينتخب لتوليه ذا معرفة واسعة بأحوال البلد واهلها، ولا يتم تقليده له بعد ترشيح عامل المنطقة او حاكمها له، إلا بموافقة اهل البلد. لحج من السلطنة إلى الثورة والوحدة بعد مقتل ابيه الشيخ فضل بن علي العبدلي، تولى ابنه عبدالكريم فضل بن علي واعلن نفسه سلطاناً على لحج وهو أول من تسمى بلقب سلطان من آل العبادل برغم ان والده الشيخ فضل كان قد استقل بلحج بمساعدة حليفه سلطان يافع واصبح السلطان الفعلي للبلاد بعد ان قلب لحليفة ظهر المجن، إلا انه تجنب اعلان نفسه سلطاناً في لحج وأبقى على اسم الشيخ المجرد منذ استقلاله بلحج في سنة 1145ه إلى يوم اغتياله سنة 1155ه وامتدت فترة حكم اول سلطان للحج حوالي 25 سنة هجرية وخلفه في الحكم ابنه الاكبر السلطان عبدالهادي بن عبدالكريم. امتدت فترة حكمه 14 سنة 1180 - 1194ه ثم السلطان فضل بن عبدالكريم ابو وهاج توفي سنة 1207ه - 1792م تتكون مدة حكمه 12 سنة ثم اخوهم السلطان احمد بن عبدالكريم في فترة حكمه بدأ صراع مع اوربا على تجارة الشرق وخيراته وتوفي السلطان احمد بن عبدالكريم بن فضل بن علي العبدلي في سنة 1243ه - 1827م بعدما دام حكمه حوالي 36 سنة بعدها تولى السلطنة ابن عمه محسن بن فضل بن محسن بن فضل بن علي العبدلي اذ لم يبق من اخوته من يصلح لتولي السلطنة من بعده شقيقه منصر بن عبدالكريم توفي بعد وفاة اخيه السلطان عبدالهادي بن عبدالكريم ولايعرف شيئا عن علي بن عبدالكريم الشقيق الخامس للسلطان احمد عبدالكريم وجميع اولاد السلطان عبدالكريم الخمسة توفوا دون ذرية ويقال ان سبب انقطاع نسل اول سلطان للحج يرجع إلى دعوة السيد العيدروس منصب عدن الذي دعا عليهم بانقطاع النسل بسبب شتمه ابناء السلطان .. عند انتقال حكم السلطنة إلى آل محسن العبدلي كانت بريطانيا تحوم حول عدن وفي ظل حكم اول سلطان من آل محسن تم الاستيلاء على عدن وانتقلت عاصمة الحكم السلاطيني إلى حوطة لحج وفيها عمر السلاطين القصور والحدائق والمساجد وتم الاستيلاء على معظم اراضي لحج.. ويكفي ان يذكر انه في عهد السلطان عبدالكريم فضل بن علي محسن «الثاني» حوالي 1918م خلف من غير المزارع والاراضي الزراعية مايقارب 4 ملايين روبية وثلاثة قصور هي قصر الشكر وهو اكبر القصور على ساحل صيره في عدن وقصر الروضة وكان سكناً للسلطان في عاصمة سلطنته الحوطة بلحج ويشغل قصر السلطان الروضة حالياً كلية ناصر للعلوم الزراعية وقصر الحجر معظمه من بناء والده. السلطان الثائر.. السلطان الوحدوي في عهد والده تولى السلطان علي عبدالكريم إدارة المعارف الأمر الذي أدى إلى تطوير التعليم في لحج وكانت أول بلد في شبه الجزيرة العربية تفد إليها البعثات التعليمية من مصر وازدهرت الحركة الادبية والفنية والتي كان رائدها الفنان الامير احمد فضل القمندان وأسس نادي الشعب اللحجي وكان قوام عضويته اكثر من 500 عضو من خيرة ابناء لحج المثقفين والشخصيات الاجتماعية وهو الامر الذي من خلاله استطاع ان يولي اخاه فضل عبدالكريم بن فضل بن علي العبدلي لكي لا تفلت السلطنة من الأسرة إلا أن اخاه كان لا يوثق وحاربه ونفاه إلى عدن وحينما هرب إلى تعز بعد قتله لاثنين من الاسرة عادها علي عبدالكريم ليتولى امور السلطنة وانتخب سلطاناً على لحج في 5 يونيو 1952م وهو اوج شبابه ويعد السلطان الوحيد الذي حصل على حظ لا باس به من الثقافة الحديثة وكان أوفرهم مالاً وهو اول سلطان طبق الحكم النيابي في اليمن أثناء توليه لإدارة شؤون السلطنة أثناء مرض والده وفي الأيام الأخيرة من عمره، كما تولاها أثناء سلطنة أخيه باستثناء السنة الأخيرة منها وأثناء حكمه لم تعرف عنه مظلمة وشهدت لحج في ولايته تطوراً في مجال التعليم والزراعة والحياة المعيشية والثقافية بصورة عامة وبرغم علاقته الجيدة بيريطانيا وصداقته لبعض كبار المسؤلين فيها إلا أنه كان الوحيد من السلاطين الذي عارض سياستها في عدن ومحمياتها ومد يد العون لأول حزب قومي نشأ في عدن ولحج ودعا إلى توحيد عدن بمحمياتها في دولة واحدة مستقلة «رابطة ابناء الجنوب» والذي انشأه في سنة 1951م السيد محمد علي الجفري من آل الجفري المقيمين في لحج وهو أحد خريجي الأزهر الشريف وقد اجتذب هذا الحزب كثيراً من الشباب الوطنيين وعارض من كان يطالب بالحكم الذاتي لمستعمرة عدن من أهل عدن، فعلي عبدالكريم كان كما قال عنه أحد الضباط الانجليز ذا نزعة وطنية شديدة. وفي الشهر التالي من توليه السلطنة اندلعت ثورة يوليو في مصر فكان من آثارها اتساع حزب الرابطة والحركة العمالية المناهض للاستعمار البريطاني في عدن وبث العداء لسياسته في المحميات بين رجال القبائل وتحريض الإمام أحمد على المطالبة بضم المحميات في المحافل الدولية وإثارة الاضطرابات على حدودها وذلك بتزويد رجال القبائل بالسلاح والذخيرة. ورافقت المقاومة المسلحة في الريف موجات من المظاهرات في عدن ضد شروع الاتحاد الفيدرالي وكان السيد / هيكتلوتم حاكم عدن، في هذه الفترة قد قدم خطط هذا المشروع لسلاطين وشيوخ المحميات في اجتماع عقد في عدن في شهر يناير 1954م وكان المخطط لاتحادين أحدهما للمحميات الشرقية والآخر للمحميات الغربية، على أن يكون حاكم مستعمرة عدن رئيساً للاتحادين، وأن يكون لكل اتحاد مجلس أعلى من سلاطينه، ومجلس تنفيذي وآخر تشريعي يعين في البداية أعضاؤه، ويقول هيكيلوتم ان جميع السلاطين ومن بينهم سلطان لحج وافقوا من حيث المبدأ على المشروع،لكنهم اعتذروا عن التوقيع عليه إلا بعد دراسة تفصيلية لأسسه، وان سلطان لحج كان اشدهم معارضة له فيما بعد. واحتج الإمام أحمد بشدة على المشروع، وقدم شكوى ضده إلى الجامعة العربية وادانته قيادة ثورة يوليو وشنت عليه إذاعة صوت العرب حملة دعائية شعواء واصفة إياه بأنه وسيلة لتوطيد الاستعمار البريطاني في المحميات واخضاع حكمها لسيطرته واتهمت من وافق منهم عليه بخيانة بلاده ودينه وذكرت اسماءهم واحداً واحداً فخاف هؤلاء من غضب الجماهير ونصحوا حاكم عدن بتأجيل النظر في المشروع إلى أن تهدأ ثورة الجماهير وتصير الحالة السياسية ملائمة له. وقد حاول بعض اصدقاء السلطان علي عبدالكريم من سلاطين المحميات خاصة السلطان صالح بن حسين العوذلي، امتناعه بالعدول عن معارضة المشروع لكنه لم يفلح فالسيدة جون نوكس ماور زوجة كبير قضاة عدن تقول إنها لاحظت أثناء حفلة عشاء أقامها السلطان علي عبدالكريم في «قصر الشكر» بعدن، ان السلطان علي عبدالكريم والسلطان صالح بن حسين العوذلي قد انفردا بعيداً عن بقية المدعويين وانهما في حديث سري استغرق حوالي نصف ساعة عاد بعدها السلطان علي عبدالكريم وجلس بجوارها وشرح لها أوجه الاختلاف بينه وبين السلطان صالح في الاتحاد الفيدرالي قائلاً: ما معناه يمكن القول باختصار انه قريب جداً لن يكون هناك سلطان في اليمن كلنا سنزاح بعيداً عنها، ونظرتي إلى ذلك هي الصائبة، لأن الوطني هو من يكون جمهورياً، لكن السلطان صالح لا ينظر إلى المستقبل من هذا المنظار، واوضاعنا مختلفة في الوقت الحاضر فهو الان مشغول بطلب المساعدة من بريطانيا في تحرير حدود أرضه من الامام، بينما نحن نسعى إلى تحرير أرضنا من السيطرة البريطانية وهي الان هو اقناع الشعب بعدم التطرف واللجوء إلى العنف في السعي لتحقيق هذا الهدف فأنا رجل سلم واعتقد انه بالتفاهم والتعاون المتبادل بينا يمكن حل أية مشكلة. وقد أشيع عنه انه كان يطمح إلى زعامة الدولة المستقلة التي كانت «الرابطة» وبعض الجماعات الوطنية تدعو إليها وتضم عدن ومحمياتها. واشتدت العلاقة الانجلو عبدلية توتراً بعد سنة 1955م خاصة بعد اتفاق كل من
الشريف حسين الهبيلي، صاحب «بيحان» والسلطان صالح بن حسين العوذلي على قبول مشروع الفيدرالية وراحا يرغبان بقية سلاطين المحمية الغربية في الموافقة عليه، وقد عارض هذا الفريق فريق رأسه السلطان علي عبدالكريم ومعه قادة الرابطة وزعماء الجماعات العمالية في عدن واستطاع هذا الفريق بحملاته الدعائية الواسعة ضد مشروع الفيدالية ان يثير مشاعر الجماهير في عدن والمحميات ضد من وافق عليه من السلاطين وعندما حدث العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م خرجت الجماهير في مظاهرات غاضبة في عدن ولحج وبعض المدن الأخرى الأمر الذي أزعج بريطانيا وحملها على أبعاد السيد الجفري زعيم الرابطة من عدن بيد ان الحملات الدعائية والمظاهرات لم تتوقف بل ان السلطان علي عبدالكريم تحدى الابعاد البريطاني للسيد الجفري واحضره من مصر إلى لحج وعينه رئيساً لوزرائه ولم يكن السلطان علي عبدالكريم يخفي اعجابه الشديد بالرئيس عبدالناصر وبقوته المتعاظمة حتى أصبحت لحج مركزاً للدعاية المؤيده لعبدالناصر والمعادية لبريطانيا. وحينها أعلن خبر قيام الجمهورية العربية المتحدة في 1958م وانضمام اليمن إليها عمت الفرحة الغامرة جميع الجماهير اليمنية، واشيع حينها ان السلطان علي عبدالكريم سيقدم طلباً للانضمام إليها رسمياً فسارعت حكومة عدن بارسال قوة من جيش عدن إلى لحج لاعتقال السيد محمد علي الجفري وشقيقه عبدالله وزير التعليم في السلطنة وكان السلطان في عدن وعقب هذه الحادثة سافر السلطان علي عبدالكريم من عدن إلى بريطانيا لمعالجة هذه القضية مع إدارة المستعمرات، تاركاً الأمير فضل بن علي، نائباً عنه في إدارة شئون السلطنة وفي لندن وجهت إليه تهمة الدعاية ضد بريطانيا بأيام قليلة قامت فرقة من حرس حكومة عدن بحملة تفتيشية مفاجئة في قرية «دار سعد» على حدود مستعمرة عدن مع سلطنة لحج عثرت خلالها على مستودع كبير للأسلحة المختلفة من بندقيات ورشاشات ومفرقاعات إلى جانب الألعاب النارية وفي شهر يوليو هرب يحيى حربي حرس قائد الجيش إلى تعز مع فرقة من العسكر وحمل مبلغاً كبيراً من المال من خزينة السلطنة. وفي لندن لم تأت مفاوضات السلطان بنتيجة مرضية فانتقل منها في شهر يوليو إلى ايطاليا وبعد يوم أو يومين من وصوله إلى «روما» سبقت بريطانيا اعترافها به كسلطان على لحج للأسباب المتقدم ذكرها اضافة إلى اتهامه بخرق شروط عدم انشاء علاقة مع دول خارجية غير بريطانيا المتفق عليها مع اجداد من سلاطين العبادل واشيع بعد ذلك ان قضيته سترفع إلى هيئة الأمم المتحدة برعاية رئيس الوفد اليمني لكن لم يتحقق شيء من ذلك ومن روما توجه السلطان إلى القاهرة واستقر بها ولا زال حتى اللحظة مقيماً ما بينها وبين المملكة وقد كرم من قبل م. لحج وجامعة عدن لمواقفه الوطنية وقد تنازل بقصره لجامعة عدن كلية ناصر للعلوم الزراعية بلحج ومؤخراً توفيت زوجته وبعد ان سحبت بريطانيا اعترافها به كسلطان على لحج رشحت نائبه الأمير فضل بن علي ليتولى السلطنة طلبت من الهيئة الانتخابية المؤلفة من كبار امراء لحج وأبرز شيوخها وممثلين عن السادة والأعيان ان تخلع السلطان علي عبدالكريم وتنتخب فضل بن علي سلطاناً على لحج بدلاً عنه وقد تم ذلك في شهر ديسمبر 1958م وفي شهر أكتوبر 1959م وافق السلطان الجديد على ضم لحج كولاية إلى الاتحاد الفيدرالي وأصبح السلطان الجديد وزيراً للدفاع في حكومة الاتحاد وبذلك انتهت لحج كسلطنة قائمة بذاتها وفي نوفمبر 1967م تحقق الاستقلال الوطني وتوحدت كل المشيخات والسلطنات الجنوبية في دولة واحدة. حوطة القمندان في حوطة لحج تأسرك الأماكن هنا كان الأمير الفنان أحمد فضل القمندان يخلو بنفسه هرباً من مسئوليات الإمارة والانضباط العسكري على الشارع الرئيس الوحيد في الحوطة أقام القمندان منزلاً صغيراً يتكون من دورين مبنياً من الطين أو كما يسمى في لحج «اللبن» بكسراللام. وفي أعلى الطابقين بنيت غرفة خشبية جميلة لازالت اثارها قائمة إلى اليوم وقد كانت تطل على الحوطة ومازارعها وبساتينها الغناء قبل ان يتطاول الناس في عمرانهم ومن بين زوايا هذا المنتدى «منتدى القمندان» صاغ الشاعر والفنان أحمد فضل القمندان اعذب الالحان وأجمل الكلمات. لم يتسن لنا الدخول إلى البيت فهو الآن في حوزة أحد الأمراء من أبناء المحافظة بعد ان كان قسماً للشرطة في زمن التشطير، حدثني عن هذا الأمر الاستاذ علي حسن جعفر القاضي رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع لحج بانه أكثر من مرة تحدث عن أمر منزل القمندان «منتداه» مع قيادات المحافظة لاخلاء منتدى القمندان وتحويله إلى متحف أو مزار كون القمندان علماً من أعلام اليمن ولحج خاصة وتعويض الأسرة الساكنة فيه بما يتناسب، إلا ان ذلك لم يتم حتى الآن ولايزال الأمر متروكاً لقيادة المحافظة لتحويل هذا «المنتدى» إلى تحفة اثرية والمحافظة عليه. هنا عاش سبيت على نفس الشارع لازالت البناية المكونة من طابقين من الطين قائمة وان هدها التعب من تعاقب السنين لكنها مازالت تحتفظ بجمال المكان وعذب الازمنة.. هنا في هذا المنزل أسس الفنان والشاعر الراحل عبدالله هادي سبيت فرقة لحج الموسيقية ومن بين زوايا هذا المنزل صدحت أجمل الالحان واعذبها رقة. المدرسة المحسنية هنا درس أبناء السلاطين وتعلم أبناء السلطنة المعدمين.. على بناء هذه المدرسة تعاون أبناء لحج، جميعاً وأنفق الأمير محسن بن فضل العبدلي أخو الشاعر والفنان أحمد فضل القمندان، كل أمواله لصالح المدرسة وتعليم أبناء لحج وتخرج في هذه المدرسة التي سميت المدرسة المحسنية العبدلية معظم الثوار والفنانين والشخصيات الاجتماعية والمهنية من أبناء لحج هنا تجاوز على مقاعد هذه المدرسة الشهيد المناضل الثوري وقائد ثورة الجنوب فيصل عبداللطيف الشعبي ورفيق دربه المناضل الشهيد علي عبدالعليم ونالا احسن الدرجات وهنا درس الفنان الراحل حسن عطا وكبار أدباء لحج ومثقفيها. جامعة الدولة واضرحة ومساجد الأولياء مساجد لحج وجوامعها واضرحة أوليائها الصالحين.. رحاب طاهرة، وتحف معمارية خالدة، تذهلك بمقاومتها للعوامل الطبيعة وتعاقب السنين لكنها مازالت تحتفظ بجماليات فنها المعمارية الأصيل وروحانية المكان وفرادة التاريخ.. جامع الدولة مبني من الطين وبمنارة عالية من نفس الخامة، أعمدة طينة مطلية بالنورة وباشكال هندسية مختلفة تؤكد على ذوق وجمال مصمييها وتراث لحج المعماري واصالته وجامع لحج مثله مثل جامع الدولة ولكنه مبني من الاحجار والطين أيضاً وهو تحفة معمارية ومكان روحاني آسر، لكنه بحاجة إلى الاهتمام والرعاية لترميم بعض ما خربه الزمن، مسجد «مساوي» أقدم مساجد لحج.. والذي ربما بل من المؤكد بني على نفقة عائلة «مساي» بدون أل التعريف، التي تعود أصولها إلى المحافظات الشمالية لكمها استوطنت لحج.. ونست علاقتها بجذورها القبلية ولم تعد تعرف إلا انها من أبناء الحوطة المحروسة وحوطة الحب والتآلف والتآخي.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.