في أعمال الدورة الواحدة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة وأمام ممثلي دول العالم قاطبة ، اندلعت حرب كلامية حامية واتهامات متبادلة بين وزير الخارجية الروسي لافروف والأمريكي كيري ، محملا كل منهما الطرف الآخر اسباب تدهور الأوضاع واستمرار الحرب في المنطقة العربية ، ولا سيما في سوريا ، نتجة لتدخلهما العسكري المباشر في هذه الحرب ، وقد نشبت هذه الحرب الكلامية بين الطرفين على إثر اتهمات سابقة أطلقتها الولاياتالمتحدة ضد الطيران الروسي الحربي المشارك في الحرب في سوريا باتهامه استهداف قافلة اغاثية انسانية متجهة نحو أحدى المدن السورية المحاصرة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة ، كما اتهم الروس بالمقابل القوات الأمريكية المشاركة في الحرب ضد داعش باستهداف قوات عسكرية تابعة للجيش السوري . إن هذه الحرب الكلامية التي نشبت بين ممثلي هاتين الدولتين ، تثبت أن مايجري في الساحة العربية من أحداث وحروب في كل من سورياواليمنوالعراق وليبيا ، هي جزء من الحرب الباردة وصراع المصالح بين الدولتين العظمتين ، وحروب بالوكالة تدعمهماوتقف وراءهما ، وتنفد من قبل وكلائمهما الأقليميين والمحليين ، والضحية للأسف هي الشعوب العربية ، وأمنها واستقرارها وأبناؤها وقواها البشرية والمادية ، فلننظر إلى حجم التدمير الهائل في البنية التحتية الذي أحدثته هذه الحرب في كل من اليمنوسورياوالعراق وليبيا، يحتاج اعادة بنائها إلى عشرات السنين ، ناهيك عن الأرواح التي اٌزهِقَتْ والتي من الصعب تعويضها ، بسبب هذه الحروب ، بالإضافة إلى ملايين البشر المشردين الذين يعيشون ظروفا معيشية صعبة للغاية ، في داخل البلاد وخارجها ، وآلاف المساكن والمدارس ودور العبادة والمستشفيات المدمرة ، بالإضافة إلى الآثار النفسية والعقلية لهذه الحروب بين صفوف الكبار والصغار، إلى جانب العشرات من الأطفال اليتامى والنساء الأرامل والأمهات الثكالى ، وكثير من الأسر التي فقدت معيلها . التدخل الأقليمي والدولي في الصراع الدائر والحروب القائمة في الساحة العربية لكل حساباته الخاصة به ، قد اجج من هذا الصراع واكسبه ابعادا أقليمية ودولية وأمد من عمره ، وجعله أكثر تعقيدا وتشعبا ، نطرا للأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط وللمنطقة العربية بشكل خاص ولموقعها الهام ولماتحويه من ثروات واحتياطي عالمي كبير للنفط، وأهمية ذلك في الصراع العالمي بين الدول العظمى ، ولاسيما بين روسياوأمريكا ، بالإضافة إلى رغبة أمريكا والغرب الحقيقية في ضمان أمن إسرائيل من أية تهديدات محتملة في المستقبل . كما إن التدخل الإيراني السياسي والعسكري المباشر ذا الأبعاد الطائفية في الشأن العربي ، بدعمهم الجماعات الشيعية في كل من اليمن ( الإنقلابيين الحوثيين ) وفي العراقوسوريا ولبنان ، اضفى ابعادا خطيرة وتهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي والخليجي ، مما دفع بأحد القادة الإيرانيين بعد نجاح الإنقلابيين في اسقاط صنعاء والإستيلاء على السلطة فيها ، التصريح بكل وقاحة بأنهم نجحوا في اسقاط العاصمة العربية الرابعة ، إشارة إلى وقوع كل من العواصم العربية ، بيروت ، دمشق ، بغداد ، تحت سيطرة النفود الإيراني ، ولذلك فالتصدي للمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة العربية وفي الجزيرة والخليج واليمن بالذات ، صار مسألة حياة أو موت ، مسألة دفاع عن مصير أمة وأرض وهوية ، ويتطلب حشد كل طاقات الأمة وقواها لمواجهة هذا التدخل السافر والعدوان الإيراني . لقد مثَّل قيام التحالف العربي وقيام عاصفة الحزم من أجل اعادة الشرعية في اليمن ، ضرورة موضوعية هامة فرضتها طبيعة التحديات والأخطار التي تهدد أمن الجزيرة والخليج ، ولاسيما أمن الدول المجاورة لليمن ، وخاصة المملكة السعودية التي تتعرض اراضيها لعشرات الصواريخ من قبل الإنقلابيين المدعومين من قبل إيران . وتأتي هزيمة الإنقلابيين في الجنوب على أيدي رجال المقاومة الجنوبية المدعومين من قوات التحالف العربي ، لتشكل ضربة قوية للمشروع الإيراني التوسعي في الجزيرةالعربية ، وتمثل البدايات الأولى لإنهياره وفشله في الساحة العربية ، كما أن هزيمة الإنقلابيين ودحرهم إلى الأبد في اليمن سيضع نهاية لطموحات إيران التوسعية في الجزيرة العربية وتهديداتها لدول الجوار بشكل نهائي وحاسم . الأستاذ / فرج عوض طاحس .