إنني و أنا أكتب هذه السطور في ذكرى ثورة الأباء الذكرى 53 لثورة أكتوبر المجيدة بعنوانها و المغمورة بأنجازاتها بعد أن وأدت أهدافها قبل أن ترى نور الحرية ليكتب الذي ظن أنه منتصرا حينها عناوين للمجد صاغها منفردا و هو لا يدرك آنذاك بأنه يصيغ مأساة شعب انتفض على استبداد شبه على لسان الكثيرون منهم بعد عقود قليلة مضت من ذكرى التحرير بالنعيم الزائل الذي أستبدل بجحيم أكتوى به ذلك الشعب مرات عديدة و هو ما زال يحتفل بهذه الذكرى و ينشد تحقيق أهدافها الموؤدة في كل عام تطل به علينا حتى صرنا في الذكرى الثالثة و الخمسين و نحن ما زلنا ننشدها وذلك ليس ادعاء خاص بي و لكم أن تسألوا الأباء إن شئتم . لست من ذلك الجيل و لم يكن لي شرف حضور ثورته و لم أتحمل أيضا وزر وأد أحلام نضالاته لكنني من الجيل الذي نهل سمو تلكم الأهداف التي تعلمناها في الصغر في مناهج التعليم فكانت بمثابة عقيدة وطن تبنى عليها الأجيال و تستميت من أجل تحقيقها إلى أن شهدنا و وعينا انتكاسات رفاق الحاضر و علمنا بغربة و إقصاء رفاق الماضي . قد يستغرب المرء لماذا أكتب هذه الكلمات و أنا في حضرة هذه الذكرى المجيدة ؟ و قد يؤولوا آخرون حديثي كيفما شاؤوا و خاصة من كانوا سببا في تحويل مثل هذه الذكريات المجيدة إلى انتكاسات عاشها شعبنا على مدى ثلاثة و خمسون عاما قد مضت و لكنني أريدهم أن يجيبوا على سؤالي الوحيد : ماذا تحقق لنا بعد مرور 53 عاما قد مضت و كم جيل قد أفني و هو يحلم و كم جيل ستفنون بعد و هو ما زال يحلم ؟ إن كنت مدين للاعتذار لأحد بسبب صراحتي فأنا مدين لشعبي الذي سيجتمع بعد غذ ليحي هذه الذكرى . شعبي الذي ما زال يحلم بالانعتاق و العيش الكريم و العدل و المساواة و بإقامة دولة النظام و القانون دولة يعيش فيها الجميع بأمن وأمان و إستقرار دولة تنبذ الإقصاء و التهميش و المذهبية و الطائفية و المناطقية و الحزبية المقيتة القائمة على مصالح الأفراد و الجماعات لا مصالح الشعوب . هكذا أنا أحلم في ذكرى أكتوبر المجيدة و هكذا يشاركني حلمي كثيرون من أبناء جيلي و لكن الأهم من ذلك هل سيأتي إبني بعد عقود أخرى تكون قد مضت ليكتب مثل ما كتبت و ربما أقسى من ذلك و هو ينذب وطنا فرط فيه الأباء ليتحمل الأبناء تبعات ما فرطنا به جميعا . أكتوبر مجيد يا شعبي .