لم يكن يوم الرابع عشر من أكتوبر يوماً عابراً في تاريخ الثورة الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني ، والتي انطلقت أولى رصاصاتها من جبال ردفان الأبية - بل يمثل هذا اليوم الأكتوبري الأغر تحولاً استراتيجياً ، ولحظة فارقة في تاريخ الثورة الجنوبية المباركة ، رسمت ملامح الرحلة الأكتوبرية الطويلة والشاقة في مسيرة الكفاح المسلح ضد الوجود البريطاني في جنوبنا الحبيب . مشوار الأربع السنوات من النضال والذي بدأت تباشيرة من عدن ، وسبقته إرهاصات عديدة أهمها الانتفاضات الطلابية والشبابية والعمالية في خمسينيات القرن المنصرم ، والمطالبة برحيل الاستعمار البريطاني من الجنوب العربي ، لم يكن هذا المشوار الثوري العظيم محفوفاً بالورود ، بل كان مليئاً بالأخطار والمتاعب والآلام والصعوبات . إنه طريق الحرية والانعتاق ، الذي رخصت من أجله النفوس ، وهانت أمامه المخاطر والعقبات التي اعترضت مسيرة الثورة والثوار في جنوبنا الغالي . فتقاطرت أسود الجنوب من كل حدب وصوب ، تلبي داعي الثورة والنضال ضد المستعمر البريطاني البغيض . ورغم الظروف وصعوبة الحياة ، وضعف القدرات العسكرية لثوار الجنوب ، مقابل تفوق الانجليز عدةً وعدداً وعتاداً - كانت هناك الإرادة والعزيمة والشجاعة حاضرة في ميدان الشرف والبطولة ، وبشهادة من اسماهم ( الذئاب الحمر ) . ستظل ذكريات البطولة والرجولة والشهادة والفداء ، التي خطها الثوار بالسبقة الحمراء القانية ، التي نثروها على الجبال والسهول والهضاب والمدن خالدة في نفوس الأجيال الجنوبية إلى الأبد . ذلك هو ثمن الحرية والاستقلال ، بعد السنين الأربع من النضال والتضحيات الكبيرة التي قدمها آباؤنا واجدادنا ، وتوج بيوم النصر الأكبر الذي تحقق لشعبنا في الجنوب في الثلاثين من نوفمبر 1967م على أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ ، بريطانيا العظمى التي لم تغب عنها الشمس . الرحمة لشهداء أكتوبر ونوفمبر ، وشهداء التحالف العربي المبارك ، وشهداء المقاومة الجنوبية البطلة ، والشفاء لجرحانا ، والحرية لمعتقلينا في سجون عصابة صنعاء الحوثية العفاشية....