من ألمع شعراء الثورة الجنوبية الذين سطع نجمعهم قبل ثلاثة عقود من الزمن، رجل جسور سخر حياته في خدمة الوطن وأعطى الشعر والأدب مكانةً عظيمة أكثر من حياته ووقته.. شاعر مرهف يجيد الإبحار فوق أمواج الحروف ليرسم بكلماته أجمل اللوحات الأدبية المتنوعة بين الأشعار الوطنية والغزل،
فارسا عزيزا وبلبلا بديعا وجدناه بسيطا متواضعا يتجاذب مفردات الكلام بشكل لطيف أخجلنا وأمتعنا بأشعاره وموهبته الفذة، يملك شهرة واسعة وحضوراً ثوري بكل الأحداث والأزمات التي مرت بها بلادنا فهوا شاعرا ومثقفا وسياسيا بارزا بحجم الوطن الذي ينشد إليه ويشارك مليونياته.. ترعرع الشاعر عبدالكريم قاسم عبيد ابوباسل بمنطقة النسري مديرية حالمين محافظة لحج من مواليد 1964م يعمل في السلك العسكري وعضوا في اتحاد الأدباء والكتاب بالمحافظة
أبو باسل النسري عميد الشعراء
شاعر كبير بداء يكتب الشعر منذ طفولته وظهرت موهبته مبكرا في سماء مديرية حالمين فكان أحد وأبرز شعراء المنطقة الذين يحيون ليالي السمر ويقيمون الحفلات الفنية والشعبية، أشتهر شاعرنا القدير " ابو باسل " بقافيته الأدبية والغزلية والثورية وظل يغرد بأشعاره كالنسر من بين تلك الشاهقات المرتفعة ويتغنى بأعذوبة أدبية مؤثرة كانت تواكب الأحداث الوطنية وتترنم على أوتار الطبيعة وتطرب للمكان الذي مكث فيه الشاعر أجمل الألحان الشعرية، كان يعشق المجتمع ويخلق من إشعاره قضايا كثيرة ذائع صيتها على مستوى البلاد وتنوعت قصائده مابين الوطنية والغزلية والوجدانية بأساليب لغوية متلونة، حقا أنه عميدا للشعراء بدون منافس ومخلصا للأرض والإنسان ومهما كتبت أقلامي عنه سأجدها عاجزة ولن توفيه بما قدمه لهذه الأمة، يمتلك مشوار حافل من العطاء والنضال والتضحية وينحدر من أسرة بطولية لها صولات وجولات ورصيد نضالي لا يحصى ولا يعد..
حالمين أنتي وردة فاتقه
استطاع شاعرنا أبو باسل يجذب عواطفنا عندما تغزل بمنطقة " حالمين " بأنشودة أدبية وغزلية أمتزجها من صميم قلبه المتعطش لروابي هذا الموطن الجميل، لم يكن شجاعا شاعر الوطن تلك اللحظات..فمن كثر حبه لبلدة الأجداد والآباء وقف متأملا للحاضرين فقال "حالمين ستبقين عزيزتاً " وكل أزهار ربيعك تشفي جروحنا فأنتي وردة فاتقة تروي عروقي النحيلة من رياحينك العطره.. وبكئ من شدة الحب الوثيق وقوة الحرف في باطن قصيدته ثم قال.. حالمين الخير أزهارك ووردك قد نماء بعد أعواما طويلة قد تعشقها الظماء أنتي وردة فاتقة رغم البرودة والحماء أنتي بسمة مشرقة تدمل جروحي بلسماء أنتي ياأسطورة العشاق تكتب كلمأ شفت هاماتك وراياتك تعانقها السماء
في هذه الأبيات الغزلية المؤثرة التي إلقيت بأسلوبه المعتاد كانت انطلاقتنا للخوض في بحر الشاعر" ابو باسل " المهضوم إعلامياً فكانت زيارتنا له بمثابة شهادة تقديرية وحافز كبير
بلادي الجنوب تعيشي للأكارم عزيزتاً ظل شامخاً كجبال ردفان في وجه الاحتلال صلباً شجاعاً لن يتزحزح إطلاقاً. وهب حياته لخدمة الجنوب وأمنه واستقراره رافضاً وحدة الشطرين منذ وقوعها وقافيته الثورية ظلت تهاجم نظام الاحتلال اليمني معتبراً ذلك الحدث المؤلم غلطة تاريخية دمرت وطنا وإنسانا وبعثرت بمستقبل الأجيال الجنوبية، هكذا عرفنا شاعرنا الثوري" ابو باسل النسري" بصموده وعزيمته وإصراره فلن يتأخر من تلبيه النداء للوطن فبكل ساحة وفعالية ومناسبات وطنية تجده في مقدمة الصفوف ينثر الشعر والأدب ويزرع الألفة والمحبة والتسامح ووحدة الصف بين الناس وليس بغريب كمثل هذه الهامة الجنوبية التي ملئت الكون سخاء وعطاء، فمن ميادين الثورة الجنوبية وساحات الاعتصام أشتهر وعرف في الأوساط الاجتماعية بأنه شاعرا وطنياً يحضى بثقل شعبي وقاعدة جماهيرية واسعة تدون أشعاره وتترقب الجديد بشغف كبير... فهوا بلبلاً فصيح يترجز بموهبته وقت الأداء لينصت الجميع ويتمتع عندما يتغنى للوطن ويشرب من أنهار حبه.. قائلاً
واستطرد كلماته المعبرة في الأبيات الشعرية عن هموم الوطن وما يعانيه شعب الجنوب في الماضي والحاضر حتى وصل إلى آخر الأبيات وقال..
ولما أراكي يابلادي حزينتاً أرى الدمع من عيني نهوراً يستباح ولما أراكي تقبليني ببسمتاً بها أمسح دموعي ونسى الحزن والجراح
لم تفارق لسان حاله كلمة " وطن " بل يرددها في معظم أشعاره ويتميز بها أدبياً وهذه صفات نادرة تجدها عند بعض الشعراء الذين سلب عقولهم الوطن الغالي وبعد الاستقلال الثاني للجنوب كانت قافيتة الشعرية تتجول في ربوع الوطن وتطالب نظام صنعاء بالرحيل من أرض الجنوب وأشهرها حين قال..
قم شل باب اليمن والصافية والسواد وشل شارع تعز والدائري والقيادة وحط بندر عدن لهل أرمذات العماد وحط أبين وشبوة ياضعيف الإرادة
ابو باسل النسري في ذاكرة الفنانين
لن يغيب شاعرنا القدير عن الساحة الفنية ولم تكن موهبته محصوره..بل كان منفتحا بأشعاره فتغنى عدد كبير من الفنانيين بكلماته وأشعاره التي برزت في ساحات الأنس والطرب وكانت في منتهى الروعة والجمال وأشهر رواد الفن الذين كانوا يشتاقون لموهبة عميد الشعراء الفنان عثمان محسن الردفاني في الثمانينات والفنان جلال علي الجحافي والفنان غالب العلياني والفنان عارف محسن وأبرز قصائده "يازين انا حبك " " ومشتاق لك مشتاق " " نسنس وفاح " "وقصة حب ياحبايب قلبي "
أصبح الشاعر ابو باسل معروف لدى الفرق الفنية وكانت تتداول أغانية على مستوى الساحة الجنوبية ناهيك عن حضوره الإذاعي والتلفزيوني أكثرها في إذاعة عدن برنامج صباح الخير مع المبدع دوما منصور سيف سعيد فكلما بحرنا في السؤال مع شاعرنا الثوري وجدنا بصماته وحضوره الدائم تخون الذاكرة وتعجز الأقلام عن وصفها..
مشاركات وطنية وحقيبة تعج بالدروع التقديرية
أكثر من تسعمائة قصيدة بين الشعر الثوري والأدب والغزل تغنى بها في المحافل المحلية والعربية حسب روايته..فهوأ عضوا في اتحاد الأدباء والكتاب بمحافظة لحج وله عدة مشاركات شعرية منها مشاركته في صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004 م وحصل على أفضل شاعر وكرم فيها بدرع وزارة الثقافة وكان له قبول عربي متميز أشاد فيه عدد من الكتاب والأدباء، وفي عام 2007 م كرم من قبل محافظ محافظة لحج بشهادة تقديرية نظرا لما قدمه في مجال الشعر والأدب ويعد من أبرز الشعراء على مستوى الساحة الجنوبية حقيبته الشعرية تعج بالشهائد والدروع الوطنية،ويعتبر شاعرنا العزيز أحد مؤسسي منتدى حالمين الثقافي بمنطقة شرعة التي كانت تنظمه إدارة التربية بالمديرية سابقاً برعاية كريمة من الأب الروحي الأستاذ ناجي احمد محسن وله مشاركات شعرية في إحياء ليالي المنتدى كرم فيه خمس مرات وحظي بشهرة كبيرة من قبل الزوار الذين يتوافدون إليه من كافة مناطق الجنوب وفي ساحات الشرف والنضال بمديريات ردفان وساحة العروض وقلعة الصمود عرف ابو باسل بوطنيته وحبه للجنوب الغالي...واخيرآ وبعد الاكتفاء بالحديث مع صقر حالمين الشاعر عبدالكريم قاسم عبيد ابو باسل..