مَنْ يظهروا في الليالي الحالكة، بمقام المعلّم المتواضع، والقاضي المتربع ينمّقون ويزخرفون لنا بأقلامهم بعض الكُليمات المخدرة، على صفحات ديجور الظلام، ويخضبون عباراتهم بعواطف المتلمس البريء، وكأن أصابعهم هي الحقنة المسكّنة، لكلّ ألَمٍ توجّع بهِ بعض مَن طلب الإنصاف بحقّهِ.. يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، مع أنّهم ينحتون جفاف الألم، ويدركون أنّ نزيف حبرهم يبلّل الجراح وينكيه نكياً. هكذا يغازلوا النُّبلاء، من قِبل تلكَ الوجوه المشئومة، حين يسقطون سهواً،لمجرد ملاحظة بسيطة. يقولون: إذا لَمْ تجدْ لك حاقدآ فأعرف إنك أنسان فاشل..! والأحمق عدو نفسه،كما يقولون.. هناك من يحاول صبّ الزيت بالنار.. هناك من يحاول الإصطياد بالماء العكرة. نعم أحبابنا الكرام.. هناك أشخاص فاشلين، وخلفنا مَنْ هو أتفه من التّافه دائما ما تجده يبحت عن شمّاعة يعلّق عليها.. ولا نراه إلا حين يشمُّ الرائحة التي تطيب له.. كم رأينا الأشخاص حين يسقط المطر يخرجون فرحاً، بعضهم مَنْ يستقيم على الباب والبعض الآخر يتعلق بالنافذة.. والبعض حبوا الخروج تحت المطر لكي يبللهم، لكن كلّ أولئك الذين رأيناهم وقت المطر، أختفوا جميعاً حين حلت خيرات هذا المطر.. أحياناً الإنسان يكتشف وجوه مخفية من خلال خلاف بسيط بينك وبين رفيق دربك كلّ مَنْ يُمارس وسائل التواصل الإجتماعي.. يلاحظ أن مَنْ ولدهم الواتس أب يوم أمس هم أكثرُ أشخاصاً، يبحثون عن الأشياء التافهة، والكلام الفارغ، دائماً ما يبحثون عن شيء يضع عليك اللوم، ويحملك كل مسؤولية، وهم للمسؤوليه فاشلون. وهذا هو أسلوبهم ومنظرهم الخشن بهذه الظاهرة..لأن ظاهرة البحت عن الشماعة، عند مثل هؤلاء منتشرة بشكل فضيع. وخاصة في زمن مات فيه كلّ شريف طاهر. فتجدهم دائما يتحدثون عن وجود الحلول وعن كيفية الإحترام وعن العيب والفشل يطلقون مخزون من الوقود المجمّد في جميع أحشائهم، ومن لا يعرفهم يحسبهم السلطان القائم بأعمال سدَّ الفجوات ..بينما هم الطوفان الذي يعصر في كلّ دهاليز الحياة. ليس بغريب أن يكون الإنحطاط والهزيمة والتخلف وعدم معاشرة المجتمعات هي سبب هذه المرض المتربص، الذي لا يخلّف إلا أوهاماً..مزرية. ولا ننكر دور الشرفاء من البعض الذين لهم بصمات تُذكر وقلب ينبض وذكر يتداول فهم لا يبنطبق عليهم الوصف المبين أعلاه.. أمّا أولئك التافهون الفاشلون يشعرون بعقدة النقص ويعانون من نقص وقود الشّعور الذي استبدلوه بالتفاهة، ولذلك لم يجدوا وسيلة للخروج من وضعهم البائس إلا بممارسة الكذب على النفس والإفتراء، واختلاق قضايا وهمية أرادوها من سابق يعلقون عليها فشلهم وخيبة أملهم وتفاهتهم..الشعواء.. ولذلك فهم بهذا يصنعون عدواً وهمياً وشمّاعة لكي يعلّقوا عليها خيبتهم وانحطاطهم..أمام الآخرين.. كما تمثلت هذه الشمّاعة في قوم يقال لهم (أصحاب الذوق الرفيع) ينطلقون بكل حقدهم الأعمى الدفين وبكل العقد النفسية المنحطّة، التي يعاني منها الفاشلون المروجون أخوان الدريهمات النقدية. هذا هو حوش التربية الفاسدة التي خضعوا لها في بيوتهم.. للتلهي وعدم الإنصياع لاولياء أمورهم، وتولجوا يلهثون خلف القيل والقال، ولا نستبعد أن النتيجة الوحيدة التي سيصل إليها هؤلاء العميان الغثاه هي المزيد من التخلف والركض خلف عطش المزايدة القبيحة، والمزيد من الذل والإنحطاط والجهل، والتخلف الدفين بين أكوام المخلفات والقاذورات النتنة. ناهيك عن المزيد من السخرية والتهكم والإزدراء من كلّ البشر العاقلة التي تحظى بإحترام لدى البعض. يا كم تعطشوا لهيب الحسد والغيرة على الشرفاء.. وتنكّلوا بهم وقدحوا بحقهم. يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (الحاسد مغتاظٌ على من لا ذنب له). الحسد داءٌ منصفٌ، يفعل في الحاسد أكثر من فعله بالمحسود.