في خطوة تنذر بصراع طويل الأمد، أعلن الانقلابيون في اليمن عن تشكيل ما يسمى حكومة “إنقاذ وطني” خاصة بهم تضم 42 وزيراً، بينهم تاجر سلاح، فيما اعتبرتها الرئاسة اليمنية خطوة تؤكد على تدمير وإنهاء أي خطوة ممكنة للسلام والحوار، ودانتها منظمة التعاون الاسلامي والجامعة العربية. وأعلن ما يسمى “المجلس السياسي الأعلى” المشكل مناصفة بين حزب “المؤتمر الشعبي” الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، ليل أول من أمس، أسماء حكومة “الإنقاذ الوطني” برئاسة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور من 42 وزيراً بينهم عشرة من أبناء المحافظات الجنوبية، أحدهم بن حبتور. وضمت هذه الحكومة ثلاثة نواب لرئيس الوزراء هم حسين عبدالله مقبولي نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وأكرم عبدالله عطية نائباً لرئيس الوزراء للشؤون الداخلية واللواء جلال علي الرويشان نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الأمن، وستة وزراء دولة بينهم تاجر السلاح فارس مناع المفروض عليه عقوبات دولية، وثلاث نساء هن علياء فيصل عبداللطيف الشعبي التي عينت وزيرة لحقوق الإنسان، وفائقة السيد باعلوي التي عينت وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل، ورضية محمد عبدالله التي عينت وزيرة دولة، فيما عين يحيى بدر الدين الحوثي (شقيق زعيم جماعة الحوثي) وزيراً للتربية والتعليم، واللواء محمد ناصر العاطفي وزيراً للدفاع، واللواء محمد عبدالله القوسي وزيراً للداخلية. وأدت هذه الحكومة، أمس، اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس السياسي ونائبه وأعضاء المجلس. وأصدر هذا المجلس، غير المعترف به دولياً، قرارين آخرين بتعيين اللواء حسين ناجي خيران مستشاراً للرئاسة لشؤون الدفاع والأمن بدرجة نائب رئيس وزراء، بعد أن كان قائماً بأعمال وزير الدفاع رئيساً لأركان الجيش، واللواء يحيى محمد الشامي مساعداً للقائد الأعلى للقوات المسلحة بدرجة نائب رئيس وزراء. وفي أول تعليق للرئاسة اليمنية على تشكيل حكومة الانقلابيين، قال مصدر مسؤول في رئاسة الجمهورية، في بيان، “إن الخطوات التي أقدمت عليها ميليشيا الحوثي وصالح في إعلان ما أسموه حكومة في صنعاء هو تأكيد جديد لشعبنا وللعالم أن هذه القوى الانقلابية تعزز من نهجها الانقلابي وتدمر وتنهي أي خطوة ممكنة للحوار والسلام، وتؤكد حقيقة هذه الميليشيات في ضرب أي مسعى للسلم والاستقرار، مستمرة في غيها بنشر الفوضى والخراب ورعاية الإرهاب والسعي لتمزيق الوطن”. وأضاف “إن ما أقدمت عليه الميليشيا هي خطوة تؤكد للعالم ولكل من كان لا يزال ينظر بحسن نية لهذه الفئة المارقة أنها جبلت على صنع الدمار وتمزيق المجتمع وإشعال الحروب، وأكدت ما كنا نقوله للعالم ومعنا كل القوى الوطنية والمحبة للسلام زيفهم في تعاطيهم مع دعوات الحل السلمي، فلطالما تعاملت مع كل مبادرات المجتمع الدولي باستخفاف واضح وكذب مستمر كما تعاملت مع شعبنا بكل حقد وانعدام لروح المسؤولية”. وأكد المصدر “أن كل من اشترك في الخطوات الانقلابية المختلفة من الانضمام لما يسمى لجان أو مجالس أو حكومة هم شركاء فاعلون في العملية الانقلابية وستتم متابعتهم قانونياً وعلى كافة الاصعدة وضمن التعاون الإقليمي والدولي، وعلى كل المغرر بهم سرعة إعلان عدم تعاطيهم مع هذه الخطوات الانقلابية”. وشدد على أن “الإجراءات القانونية في حق المطلوبين للعدالة من الانقلابيين ومن وقف معهم ستتخذ بالفعل”، مشيراً إلى أن “تفعيل المتابعة القانونية يتم الآن، بجانب تفعيل مسار لجنة العقوبات التي ستتابع المتورطين من العسكريين والسياسيين ورجال الأعمال الداعمين للعملية الانقلابية، ولا يمكن التفريط بحق الوطن ودماء الشهداء وتضحيات اليمنيين”. واعتبر “أن ما أقدمت عليه الميليشيا الانقلابية في صنعاء إنما يؤكد استمرارهم في مسار الانقلاب وتعزز من ضرورة أن يعي العالم والإقليم خطورة ميليشيا الانقلاب الساعية إلى نشر الفوضى وترسيخ مبدأ الخروج عن كل القوانين والأعراف، الأمر الذي يهدد السلام في المنطقة كلها وليس اليمن لوحده”. ودعت الرئاسة اليمنية الرعاة الدوليين وعلى رأسهم الأممالمتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى إدانة هذه الخطوة وتحميل تلك الميليشيات الانقلابية مسؤولية انهيار مسار الحوار والسلام والعمل على سرعة دعم مسار الشرعية وإنهاء ما تبقى من مظاهر الانقلاب. من جهته، وصف وزير الخارجية عبد الملك المخلافي حكومة الانقلابيين ب”المولود الميت” الذي يكشف مدى استهتارهم بالسلام. وكتب عبر ” تويتر” إن “المولود الميت لعصابات الحوثي صالح يكشف مدى استهتارها بالسلام والقرارات الأممية وجهود المجتمع الدولي من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى بلادنا”. بدورها، دانت منظمة التعاون الإسلامي بشدة إعلان الانقلابيين عن تشكيل حكومة، مؤكدة رفضها التام لهذه الحكومة التي وصفتها ب”غير الشرعية”. وأكد الأمين العام للمنظمة يوسف بن أحمد العثيمين، في بيان، أن المنظمة “ملتزمة بدعم الحكومة الشرعية في اليمن برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي”، محذراً من “استمرار ميليشيات الحوثي صالح في تجاوزاتهم غير محسوبة العواقب، وعرقلتهم لجهود الحل السلمي من خلال العمل على فرض سياسة الأمر الواقع، بما يقوض الشرعية المعترف بها دولياً”. وفي موقف مماثل أكدت الجامعة العربية ان اعلان الانقلابيين عن تشكيل حكومة يعد اجراء غير شرعي يطيل من عمر الازمة ويعكس عدم استعدادهم للتعاطي المسؤول مع جهود الاممالمتحدة.