تحت دعاوي الحق الإلهي او الحق التاريخي او ما شاءت لهم احقادهم واطماعهم ان تخترع من أساطير ، صنع الحوافش النكبة الكبرى في تاريخ اليمن الحديث ، هذه حقيقة تاريخية لا نزال نعيش فصولها الدموية ، ومن المؤكد ان تستمر معنا الى ان يتمكن الشعب المقاوم من تجاوزها وتحقيق النصر الحاسم والنهائي على الذين تسببوا بها . لكن هذه ليست الا نصف الحقيقة ، اما نصفها الآخر فيتمثل في الدور المشبوه للمبعوثين الدوليين المرتشين الذين ساهموا بالتواطؤ والتآمر في تحويل حالة تمرد ميليشياوي طائفي خارج القانون ، الى كارثة سياسية ومجتمعية وانسانية لن يقتصر اثرها التدميري على جيلنا فقط بل سيمتد لأجيال قادمة. لازلنا نتذكر كيف شقّت الميليشيات الطائفية طريقها من صعدة الى صنعاء تحت سمع وبصر المبعوث الدولي المرتشي سيء الذكر جمال بنعمر ، رحلاته المكوكية واجتماعاته التآمرية لم تستثن صبي مران بل كان في صلبها ، كنا نعتقد حينها انه يذهب الى صعدة لكي يبلغ الغلام الحوثي ولاءات المجتمع الدولي ، وخطوطه الحمراء ، والتلويح بالعصا الغليظة ، لكننا اكتشفنا بعد فوات الأوان ان رحلاته تلك لم تكن سوى رحلات الدعم والتشجيع والتحريض التي كان يحتاجها الصبي المتشبع بالموروث الطائفي وحليفه المخلوع المتشبع بالولاء القبلي للمضي قدما في مشروعهما التمردي التدميري للإنقلاب على الشرعية ، والإستيلاء على السلطة ، واسقاط وثيقة الحوار الوطني . هل كانت تلك هي المهمة الأساسية للمبعوث المرتشي ؟ على الأرجح نعم ، يعزز هذا الإعتقاد مغادرته فور استيلاء الميليشيات مدعومه بالحرس العائلي على صنعاء ، ومحاصرة الرئيس المنتخب ، والبدء بعمليات الغزو للإستيلاء على المدن والمحافظات الأخرى ، وكأنما كانت المغادرة اعلان من بنعمر لمن يعمل لحسابهم بأن مهمته انجزت . ذاك بنعمر .. فماذا عن ولد الشيخ احمد ؟ في الواقع هما كالمتعوس وخايب الرجاء ، فاذا جاز لنا ان نقول بأن جمال بنعمر هو عرّاب الإنقلاب ، فولد الشيخ هو المشرعن لهذا الإنقلاب ، اي ان دوره هو استكمال ما بداه سلفه وصولا الى تحقيق سيطرة كاملة ومطلقه للإنقلابيين على السلطة والثروة والشعب . كل المؤشرات تقود الى هذه الحقيقة ، وآخرها مبادرته "المؤامرة" التي اراد بها الوصول الى تكريس سلطة الميليشيات الإنقلابية ومنحها الشرعية التي تحتاجها من خلال : 1. اسقاط شرعية الرئيس هادي المستنده الى إستفتاء شعبي غير مسبوق . 2. استبدالها بشرعية اخرى تقوم على التوافق السياسي . 3. ضمان بقاء الإنقلاب ورموزه العنصر الأكثر تأثيرا وفعالية في شرعية التوافق البديلة . 4. كسر العزلة التي تعيشها سلطة الإنقلاب وضمان الاعتراف الدولي بها . الشرعية الشعبية التي جاءت عبر صناديق الإقتراع هي اقوى اوراق الطرف الساعي لإسقاط الإنقلاب يستوي في ذلك الحكومة الشرعية ، والتحالف الإقليمي ، والدعم الدولي المتمثل بسلسلة قرارات وبيانات مجلس الأمن التي تحاصر الإنقلاب وتفرض عقوبات دوليه على رموزه . والتفريط بهذه الشرعية يعني سقوط كل ذلك ، سقوط الإعتراف العالمي بالحكومة الشرعية ، وسقوط مبررات التدخل العربي الذي جاء بناء على طلب هذه الحكومة ، وسقوط كل القرارات الدولية التي تحاصر الإنقلا ب ومنفذيه . الطريق الى جهنم كما يقال مفروش بالنوايا الحسنة ، ونحن يكفينا ما اكتوينا به من حرائق حُسن النوايا التي خلفها وراءه المبعوث المرتشي السابق جمال بنعمر . خارطة طريق ولد الشيخ احمد المشبوهه هي الجمر تحت الرماد ، يجب الإمتناع عن التعامل معها او السير في متاهاتها لأنها ستقود الشعب حتما الى هاوية الوقوع في قبضة الميليشيات الطائفية والإنقلاب الجهوي ، وسوف تؤسس لإقتتال اهلي لن ينطفىء اواره لعشرات السنين القادمة ، ولهذا فإن مقاومتها واسقاطها هو واجب شعبي ووطني واخلاقي لا يجب التردد فيه او المساومة عليه . يخوفونا بالمجتمع الدولي ؟ ليكن .. برأينا فإن مواجهة المجتمع الدولي ولو على الطريقة الفيتنامية اهون الف مرة من مواجهة الكوارث والنكبات التي ستقودنا اليها خارطة التدليس والمكر . ومع ذلك فليطمئن من لايزال يتخوف من ان يقودنا إسقاط الخارطة "المؤامرة" الى مواجهة مع المجتمع الدولي ، في الواقع اثبتت مفاوضات السنتين الماضيتين مع الإنقلابيين برعاية المبعوثين الدوليين المرتشين ان المجتمع الدولي العادل والمنصف ليس اكثر من خرافه . الحقيقة ان القوى الدولية – مالم تتعرض مصالحها لتهديدات مباشرة - تميل الى التعامل والتفاعل مع واقع القوة والسيطرة على الأرض وان كان ظالما وفاجرا وغشوما ، أما موضوع الحق والعدل فتتركه لمنظمات الإغاثة والدعم الإنساني ، تتولى أمره بتوزيع المساعدات الغذائية والدوائية والبطانيات على المتضررين . مصير الشعب ومستقبل أجياله اغلى واثمن واكبر من ان يوضعا للمساومة على طاولة مبعوث دولي يفتقد للنزاهة والحكمة ومجتمع دولي يفتقد للضمير، والإنتصار لهما لا يكون الا بالعودة الى التمسك بحكمة كل العصور " ما أخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة " ، صحيح هي تعني الحرب ، لكن الصحيح ايضا انه اذا كان على الشعب ان يخوض حرباً فليس هناك ماهو مُبرَّر انسانياً واخلاقياً وحياتياً اكثر من هذه الحرب ، وعليه ان يمضي بها الى نهاياتها الظافرة مهما كان الثمن واياً تكن التضحيات. أما ولد الشيخ احمد فلم يعد مجدياً الإنخراط معه في مفاوضات عقيمة ، وغير مثمرة ، وضارة ، وقد حان الوقت لإسماعه عبارة ربما لم تخطر بباله يوما ان يسمعها " الى هنا يكفي ، تفضل بجمع اغراضك وخرائطك وورينا عرض اكتافك ".