تٌشكِّل حضرموت بعمقها الحضاري وإرثها الثقافي وثرواتها الكثيرة المتنوعة ومساحتها الواسعة ، مطمعا لكل القوى المتصارعة على السلطة في البلاد عبر كل المراحل التاريخية ، كل طرف يريد أن يفرض نفوذه وسلطته عليها ، لترجيح كفته في هذا الصراع . وفي هذه الأيام ، حيث تجري معارك عنيفة بين المتمردين وقوات الشرعية بعد فشل خطة ابن الشيخ للسلام ، يلاحظ أنّ هناك تحركات مريبة وتعيينات لقادة عسكريين عليهم علامات استفهام ومتهمين بتهم متعددة أثناء توليهم المسؤولية في هذه المحافظة ، ومؤتمرات تعقد ،ونشاط ملحوظ لأسر حاكمة قبل عام 1967 م ، كل هذه التحركات ، تهدف إلى استباق أية تسويات قادمة ، كل له مشروعه الذي يعبر عن مصالحه بعد أن تنتهي الحرب . يجب أن يدرك الجميع أنّ الوضع القائم في الجنوب وفي المحافظة بشكل خاص ، هو نتيجة للمأزق الذي وصلت إليه الوحدة الاندماجية وفشل مشروعها السلمي وتحولها إلى مشروع للإحتلال والهيمنة ، فأي حلول أو معالجات لا تنطلق من هذه الحقيقة ، ستكون قاصرة ولن تساعد على الاستقرار والأمن ، كما أن هذه المعالجات يجب أن تراعي المسلمات التالية : - وحدة حضرموت واديها وساحلها ، كوحدة إدارية وسياسية ، يجب أن تخضع لسلطة إدارية وأمنية وعسكرية واحدة ، الوضع الإستثنائي القائم اليوم ، يجب أن يزول بأسرع مايمكن ، كما أن أي محاولة للعودة إلى ماقبل عام 67 م ، لن يكتب لها النجاح أبداً، ولن تلقى ترحيبا من أي طرف كان لا رسميا ولا شعبيا. - حضرموت محافظة جنوبية وجزء من الجنوب ، ورفض أية محاولات لتجريدها من جنوبيتها ، وأية حل لمشكلتها ، يجب أن تكون في إطار الحل العادل للقضية الجنوبية الذي يقبله أبناء الجنوب ويرتضون به - يجب القبول بالجنوب بمحافظاته الست ، شريكا في الحرب والسلم ، واشراكه في أية مفاوضات أو تسويات قادمة عبر ممثلين حقيقيين له، وليسوا صوريين يتم تعيينهم من الذيول التابعة لطرفي الصراع - يجب الاعتراف بشجاعة بفشل الوحدة والكف عن محاولة فرضها بالقوة ، والبحث عن صيغة جديدة للعلاقة ، إما في شكل دولة إتحادية من أقليمين شمال جنوب ، مزمنة خاضعة للاستفتاء ،أو وحدة كونفدرالية بعد العودة إلى الوضع الذي كان قبل عام 90 م ، تجنبا للحرب والاقتتال والدمار والكراهية ، الجميع كرهوا الحرب ويريدون العيش في أمن وسلام - اسقاط الإنقلاب وافشال مشروعه السياسي وأجنداته الخارجية والداخلية التي تهدد أمن دول الجوار والأمن القومي العربي حضرموت بخصائصها المتميزة وبثرواتها وبامتداداتها الواسعة وموانئها البرية والبحرية ،يجب أن يتولى أمرها أبناؤها، ويعود خيرها لأهلها ولغيرهم ممَّن يحبونها ، بدلا عن استغلال هذه المميزات والخصائص للاضرار بالآخرين وبدول الجوار ، فقد دأب عتاولة الفساد ومتنفذي النظام السابق لاستخدام هذه الخصائص والمميزات التي تتمتع بها حضرموت مصدرا للإثراء غير المشروع من خلال تهريب المشتقات النفطية والسلاح ، كما استخدمها أيضا تجار المخدرات ، بالإضافة إلى ذلك وجدت الجماعات الإرهابية المسلحة بيئة خصبة للتواجد في هذه المحافظة المعروفين أهلها بالتسامح ورفض العنف والتطرف ، بسبب الفراغ الأمني والصمت عنها لأهداف سياسية معينة ، مما أساء إلى سمعة حضرموت ومكانتها ، التي كانت تتمتع بها وصارت مصدرا للتوجس والخوف ، بدل الفخر والإعتزاز ، رموز الفساد ومتنفذي النظام السابق ، الذين نهبوا ثروات الجنوبوحضرموت المتدثرين برداء الشرعية اليوم ، وكذلك الإنقلابيون ، لن يتركوا حضرموت وحالها ، فعيونهم على نفطها وثرواتها ، حتما سيخلقون العراقيل والمتاعب من خلال تحريك خلاياهم النائمة ،للعبث بأمنها واستقرارها ، واعادة تعيين رجالهم في مواقع مهمة ، مستغلين هذه الشرعية ، بهدف اعادة نفوذهم وهيمنتهم على حضرموت ومقدراتها ، لكن حضرموت ومعها كل الشرفاء سيتصدون لأية تعيينات لعناصر فاسدة ذات تاريخ وسلوكيات سيئة مارست القتل والتنكيل ، حضرموت اليوم ليست حضرموت الأمس ، التي استبيحت أرضها ونهبت ثرواتها واهدر دم أبنائها غدرا دون سبب . واليوم حضرموت تتهيأ لعقد مؤتمرها الجامع ، الذي نتمنى أن يكون ممثلا لكل شرائح المجتمع الحضرمي دون استثناء ، وتسوده روح الحوار والتفاهم والإخلاص لحضرموت وقضاياها ، ويخرج برؤيا موحدة لمعالجة كثير من الإشكالات والظواهر السلبية التي انتشرت في الآونة الأخيرة ، التي تهدد السلم الإجتماعي والمحبة والوئام والتعايش بين مختلف فئات المجتمع الحضرمي ، كظاهرة القتل والتقطع ،والثأر والمواجهات المسلحة بين قبيلة وأخرى وانتشار السلاح واطلاق النار في الأعراس والمناسبات ، ومانتج عنها من حوادث مؤلمة وازهاق أرواح بريئة ، وانتشار المخدرات وتعاطي القات بشراهة بين صفوف الشباب ،في ظل بطالة يعيشها معظمهم . كما إنه مطلوب من هذا المؤتمر ان يضع رؤيا موحدة لمحاربة ظاهرة الإرهاب والتطرف التي تتعارض مع قيم هذه المحافظة وتسامحها ، هذه الظاهرة التي وجدت لها في الفترة الماضية بيئة خصبة ، بسبب الفساد الإداري والسياسي ، والبطالة المنتشرة بين صفوف الشباب ، وكذلك تجاهل نشاطها لتوظيفه سياسياً في الصراع من أجل السلطة الدائر في البلاد ، وكمحاولة من قبل القوى المتنفذة ، لتصوير حضرموتوالجنوب للأقليم والعالم ، وكأنهما صارا بؤرة للإرهاب ومأوى له .