نعم بمثل شجاعة وإقدام وأخلاق الشهيد عمر سعيد الصبيحي، وبمثل المواقف الوطنية والرجولية التي اتخذها أبناؤه بعد استشهاد أبيهم سيعود وطننا (جنوبنا العربي) الذي أضعناه في لحظات طيش ورعونة. لست بحاجة للحديث عن مناقب المناضل الفذ الشهيد عمر سعيد، فهو في غنىً عن ذلك لكونه ينتسب إلى قبيلة ومنطقة اتسم أبناؤها بالشجاعة والأخلاق، وبثبات مواقفهم من الوطن وحريته كذلك.
حياة الشهيد البطل عمر سعيد حافلة بالنضال من أجل الوطن. فقد رفض الاحتلال والظلم الذي لحق بأبناء وطنه نتيجة لإقصائهم وتهميشهم، وهم أصحاب الأرض والثروة، والذين تنازلوا عن دولتهم وعاصمتهم من أجل وحدة تحولوا فيها إلى مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة.
كان الشهيد من المؤسسين لجمعية المتقاعدين العسكريين التي انبثق منها الحراك الجنوبي السلمي الذي حمل مشعل الثورة وواصل مسيرتها وقادها إلى طريق النصر ودحر الاحتلال وهزيمته في الحرب الغادرة الثانية على الجنوب(مارس2016 م).
وكما كان الشهيد عمر سعيد مثلاً في حياته الحافلة بالعمل والعطاء، فقد كان في موته مثالاً للتضحية والفداء. إذ لم نسمع عن شخص برتبة عميد ركن يترك غرفة العمليات في مؤخرة قواته ويتقدم صفوف المقاتلين، غير هياب بالموت الذي ظل يترصده طوال حياته العسكرية، والنضالية ضمن صفوف الحراك. لقد كان مصراً على استكمال انتصارات اللواء الذي يتولى قيادته، فعزم على تحرير أخر قرن (تبة) في المرتفع الذي تم الإستيلاء على ألجزء الأكبر منه.
كل الأخبار التي رويت عن الشهيد يوم استشهاده تؤكد أنه كان مصمماً على استكمال انتصارات لوائه أو الشهادة، وقد تحققت له.
حاول العدو، كعادته، أن يستغل جثة الشهيد في إثارة فتن بين أبناء الجنوب، وفي فرض شروط تخفف من وطأة الضغط عليه من قبل المقاومة الجنوبية، وبالذات المقاومة التابعة لقبائل الصبيحة. لكنهم لم يعرفوا جيداً أن عمر سعيد خلف رجالاً مثله، لا يقبلون الذل والضيم، وكأهلهم لا يساومون في الوطن وحريته بأي شيء، وإن غلت قيمته بالنسبةلهم.
كانت الكلمات التي قالها ابنه(الشيخ وضاح) عندما سمع عن شروط الغزاة مقابل تسليم جثة أبيه قوية و كافية لتجعلهم يتراجعون عن شروطهم ويسارعون في تسليمها، دون شروط.
ثم كانت الكلمة الأخرى التي وجهها للمشاركين في مراسيم دفن الشهيد والتي كانت كافية ليقطع بها دابر أي فتنة يسعى المتربصون بالجنوب وأبنائه وقضيته تدبيرها، مستغلين حادثة استشهاد أبيه وجثته.
لقد أكدت مواقف أبناء الشهيد أن نار عمر سعيد لم ولن تخلف رماداً، بل شرراً مستطيراً يحرق أعداء حرية واستقلال جنوبنا العربي الحبيب