شتان بين ذهاب المقاومة الجنوبية لتحرير المناطق الحدودية الشمالية، وردوحهم عن محافظة أبين الجنوبية التي خلفها إهمال الشرعية وتخاذل المسؤولين على مرمى الجماعة الإرهابية (القاعدة)، في الوقت الذي يقدم فيه الجنوب قوافل من خيرة رجاله في أماكن لا تغني ولا تسمن من جوع بحث الجنوبيون عن دولتهم التي تغنوا بها منذ إطلاق نغم الثورة السلمية في العام 2007م وتفجر أيقونة نشيد الحرية والعودة إلى الحياة الكريمة التي سلبت منهم، و دفعوا ثمنها آلاف من الشهداء والجرحى لا تزال قبورهم تئن وجعا مما يحدث. غرائب، وعجائب، واستفسارات جمة تبدو واضحة جلية على الطريق الإجباري الذي سلكه الجنوب ممثلا برجاله ومقاومته، حيث بدا من البديهي جدا -لكثير من الناس- أن ينتفض المُحتلِ على مُحتلَه، ويتحرر من قيوده ثم يذهب لمراوغة ظروفه الشائكة التي غالبا ما تكون نتائجها العودة إلى احتلال حتميا لا نجاة منه، وهذا ما يتخوف منه بعض الجنوبيون الذين تحدثوا عن أحقية أبين في التحرير قبل الخروج من الحدود الجغرافية التي ينبغي تأمينها كليا، حتى تكون عاملا ومرتكزا هام يتموضع فيه الجنوب للتأهب أكثر نحو استعادة الدولة وتحقيق كافة المطالب. فليس من العيب ما يفعله الجنوبيون في مناطق مختلفة من مدينة تعز وساحلها الغربي وفي حدود المملكة، بل يندرج تحت يافطة محاربة الإرهاب ونصر الدين والأرض والعرض من الجماعات التكفيرية الشيعية التي يدرك الجميع خطورة توغلها وتوسعها - سواء جغرافيا أو حتى في حياة الدين الإسلامي أول المستهدفين- لكن الخوف من ذلك، هو أن ينسى الجنوب أو يتخلى عن مطالبه التي ضحى لأجلها كثيرا، وأن يتيه في رمال الخيانة والخذلان، وهو ما أتساءل عنه بحرص وخوف وتروع، وأسأل الله أن لا يحدث. نعم، إن الجنوب اليوم يمر بأحد أخطر مراحله، وينبغي عليه تدارك الأوضاع واستغلال ود الشرعية وبركات دول التحالف للنهوض بمشروعه التحرري، وحبذا لو اكتفى الجنوبيون بانتصاراتهم المسروقة في الحدود السعودية الشمالية اليمنية العبثية، وتم صرف تضحياتهم في تحرير الأجزاء الهاوية من محافظة أبين وتأمينها كليا من شبح القاعدة المتربص بها، فتحقيق ذلك الهدف منجز تحرري وانتصار بطولي سيدفع بالقضية الجنوبية عدة مترات في سباق الألف ميل نحو تحقيق الاستقلال.