بدأ الاهتمام بإنشاء المتاحف في عدن منذ وقت مبكر، حيث تأسس متحف عدن عام 1930 كأقدم متحف في الجزيرة العربية، وثم توالت بعدها عملية إنشاء المتاحف والاهتمام بالموروث الشعبي في المدينة. كان متحف عدن يخضع في تلكم المرحلة من القرن المنصرم تحت إشراف الحكومة البريطانية، وكانت تشمل معروضاته الآثار والمآثر القديمة والإسلامية والتراثية. ومع عام 1966م أضيف للمتحف صوراً وقطع عن العادات والتقاليد التي يتسم بها سكان المدينة القدماء، وظل كذلك حتى عام 1987م عندم تم نقل محتوياته إلى مبنى المتحف الوطني، الذي بني من تبرعات أبناء عدن ليفتتح رسمياً عام 1967م أمام الزوار والمهتمين والباحثين المحليين والأجانب لاكتشاف القطع الأثرية النادرة والتحف القديمة القيمة، والتي كان أغلبها عبارة عن مجموعة اشترتها الحكومة من تاجر فارسي كان يعمل بمجال تجارة الآثار وغيرها. وظل المتحف في موقعه حتى عام 1982م، ثم نقلت محتوياته وأثاره إلى مجمع قصر أكتوبر. تمتع المتحف بخصوصية وتفرد لما يحتويه من أوابد أثرية وكنوز قيمة، وتنوع خصب يؤرخ لحقب متعددة من التاريخ، وقد شجع انتشار مناطق الآثار في اليمن شبكات تجميع الآثار على جمع ونقل الآثار إلى مينة عدن، حيث يوجد تجار الآثار، ولكثرة الطلب عرفت عملية تزوير القطع الأثرية والتي لا يلاحظها التجار أو بحارة السفن المارة بميناء عدن، والذين يقومون بنقلها إلى بلدانهم وبيعها هناك. يقول المهتمين في مجال البحث عن الأثار والاتمام بها أن هناك كميات كبيرة من النقوش والقطع الأثرية الخاصة باليمن، في حوزة المتاحف العالمية، ولدى أرباب المجموعات الأثرية الخاصة، منها: متحف بومباي بالهند، ومتحفي برلين وهامبورج في ألمانيا، ومتحف اسطنبول في تركيا، ومتحف اللوفر في فرنسا، والمتحف الوطني في روما بايطاليا، ومتحف فينا في النمسا، ومتحف الايرميتاج ليننجراد بجمهورية روسيا، ومتحفي بنسلفانيا، ومجموعة أواكس في الولاياتالمتحدة الأميركية، إلى جانب متاحف برمنجهام، وجامعة كامبردج، وفيتزوليم، ومانشستر- بريطانيا، ومتاحف أخرى. مئات القطع من التحف والأثار النادرة وتماثيل رخامية عتيقة، والمخطوطات والجرافيك القديمة، كانت تحفظ في مراكز أثرية في عدن، وهذه التحف كانت بحاجة إلى أكثر من متحف ليتم جمعها والاحتفاظ بها، كونها تؤرخ لحقب ومراحل سياسية واجتماعية هامة ليس فقط لمدينة عدن وحدها، وإنما للمناطق المجاورة لها. * المتحف الوطني للآثار يقع المتحف الوطني للآثار في قصر السلطان العبدلي بمدينة كريتر التاريخية، وكان يحتوي حتى العقد المنصرم العديد من القطع الأثرية التاريخية، المتمثلة بألواح وتماثيل رخامية ونقوش وعملات ذهبية وفضية وبرونزية، وتماثيل أخرى من البرونز بالإضافة إلى قطع أثرية تخص "عشيرة ملوك أوسان" التي غادرت المتحف للمشاركة في المعرض الدولي في باريس ضمن فعاليات معهد العالم العربي عام 1997م، وظلت هذه القطع تقريباً تجوب معظم الدول الأوربية، لكنها لم تعود منن تلك القطع سوى 21 قطعة أثرية نفيسة. شاركت هذه القطع الأثرية الخاصة بعهد ملوك أوسان والتي تعود حقبتها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بحسب ما أرخته بعض المراجع التاريخية، في العديد من المعارض الدولية التي أحيتها المتاحف الدولية في العالم الأوروبي، بهدف تعريف شعوب العالم بإصالة ونضارة الحضارة الجنوبية اليمنية التليدة. كانت من بين هذه التحف والحلي (الأوسانية) التي تمثل مملكة اوساتن. وكذلك الصور المنحوتة من حجر البلق وغيرها، إضافة إلى قطعتين مهمتين، إحداهما من البرونز والتي تمثل امرأة من شبوة ذات شأن وهي السيدة (برءاة)، بالإضافة إلى امرأة من الحجر الجيري، وهي تمثل امرأة ذات شأن من الضالع. إلى جانب كان يحتوي المتحف الوطني في عدن على عدد من قطع الحلي والفضة النادرة، والأحجار الكريمة، وبعض الأدوات والآلات المختلفة، والأغراض الجلدية والخشبية والفخارية، والأزياء الشعبية اليمنية النادرة، والأسلحة التقليدية كالرماح، وصك من العملات الذهبية النادرة، ونماذج أخرى في عدن خلال فترة الرخاء والازدهار التي عصارتها المدينة من عصور ومحطات تاريخية مهمة. * سرقة التاريخ وضياع التحف كانت السلطة المحلية في عدن رصدت في شهر مارس 2007م، مبلغ مليونين و200 ألف ريال لمشروع ترميم وتحسين ملحقات متحف عدن للآثار، وتأهيل الأقسام المتحف المختلفة التي تحتوي في رفوفها قطع تاريخية عديدة وشواهد كثيرة تسرد تفاصيل وحكايات الحضارة التاريخية لليمن القديم. تحذيرات عديدة وتنبيهات كثيرة اطلقتها في الماضي ولازالت تطلقها عدة جهات ومؤسسات ونشطاء مهتمين بمجال آثار وكنوز عدن، ونبهوا من سابق إلى مخطط تعرضها إلى السرقة والنهب، بهدف الإتجار الخطير وغير المشروع بحضارة البلد، وطمس الهوية والخصائص التاريخية العظيمة لعدن، لاسيما بتلك المتعلقة بالأثار والكنوز التي يحيوها المتحف الوطني في عدن لكونه يعتبر أكثر من متحف، فهناك بداخله الكثير من التحف الأثرية القديمة، والمآثر القيمة والهادفة، التي لا توجد مثيلها في المحافظاتاليمنية، ولا حتى في الدول العربية. فجميع ما كان يحتويه المتحف تعود فترات متباينة وحقب مختلفة تسرد في مضامينها فصول متنوعة وعلمية منها ما تأثر بعلاقة المدينة أثناء عقود ازدهارها مع القرن الأفريقي حتى وصل إلى جزيرة (بريليوس) اليونانية، وحضارة الهند والصين والفرس واليهود وغيرها. بيد أن كل التحذيرات والتنبيهات التي أطلقتها الجمعيات والمؤسسات وسكان عدن في السابق، ومطالبتهم بالحفاظ على آثارهم وكنوزهم التاريخية، لم تلقى اهتمام أو إصغاء من قبل كل الحكومات اليمنية المتعاقبة، والتي تولي أي اهتمام جاد وحرص وطني مسؤول، ليشهد المتحف حالة من الانحدار والإهمال والتسيب وفق سياق أراد أن يقود مصير المتحف إلى هذا المستوى من التدهور والتبعثر، حتى يتسنى للكثير من المتنفذين واللصوص السطو على ثروته الأثرية التي لا تقدر بثمن، ونهبها دون أن تطاله عقوبة القانون. فحالة الإهمال الذي تعرض له المتحف في غضون العقدين الأخرين قد في سرقة ذاكرة الشعب، ونهب تاريخ عدن الزاهي بكل أصوله وصوره وتفاصيله العظيمة، ولم تحرك أي جهة من الجهات التنفيذية أو الأمنية أو القضائية بالتحرك بإنقاذ ما يمكن انقاذه لحماية تاريخ وأثار عدن، والوقوف إلى ما وصل إليه من نهب وتهريب وضياع لتلك التحف والمخطوطات والصكوك الذهبية أمام أولئك المتنفذين الذين جعلوا كل شيء قابلاً للتجارة بما في ذلك التجارة بالتاريخ والهوية والحضارة والمعالم الوطنية والإنسانية. وحتى الآن لم يتم الكشف بعد مصير العملات الذهبية النادرة المسروقة من داخل المتحف في يوم 23 أبريل 2009م، وهي: 858 عملة (اكسومية) و326 (مصكوكة رومانية), و12 (مصكوكة نقدية اكسومية تمثل سبعة ملوك)، وهي من الكنوز والعملات التي اذهلت وأدهشت العلماء، وقد تم اكتشافها في منطقة المضاربة بمحافظة لحج، ويعود عهدها إلى الأباطرة الرمانيين الذين عاشوا في القرن الرابع الميلادي، وبعض الأنواع من العملات التي مازالت مجهولة، وتعود إلى عهد قسطنطين الثاني الذي حكم في القرن الرابع الميلادي. جميع هذه القطع والعملات النادرة ومنها عدد فريد من نوعه تم سرقتها جميعاً، برغم من علم كل الجهات الحكومية والقضائية بها، والتي لم تكشف إلى يومنا هذا عن الجناة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم !!.