في حادثة 0هتزت لها كلّ أرجاء مدينة عدن, والعالم العربيّ_الإسلامي, والعالم كله, بل 0هتزت لها الإنسانية, وكلّ ضمير إنساني ما زال حيًا؛ ليدونها التاريخ ضمن العلامات السوداء التي سيسجلها التاريخ ضدنا, وضد سكوتنا عن هذه الجريمة البشعة… ففي أعظم يومٍ للمسلمين أجمع -ظهر يوم الجمعة الموافق 4 مارس_آذار 2016م, المنصرم- أقدم مسلحين مجهولين -عددهم أربعة أشخاص- على إقتحام وقتل ما لا يقل عن (16) شخصًا في "دار العجزة والمسنين", من عمال ونزلاء الدار من كبار السن والعجزة, وخمس ممرضات هنديات, وحارس الدار, في حي الشهيد عبدالقوي بالشيخ عثمان بعدن…
قتلوا -من لا حول لهم ولا قوة- شيوخ مسنين لم يكن ذنبهم إلا لأنهم كانوا في "دار المسنين"؛ إما لعدم وجود من يعيلهم، أو لوجود أبناء عصاه معهم -فبالله عليكم كيف لقلب مسلمٍ أن يرمي بأبيه أو أمه في "دار العجزة والمسنين" إلا لأنه عاصي؟!! أو الممرضات اللاتي لم يكن ذنبهن إلا أنهن يعملن لأجل آبائنا وأمهاتنا، ويأدين أعمال عدة للمسنين, لا أظن أن هناك ولدٌ أو بنتٌ يؤديها الان لوالده أو أمه؟!! وكذلك حارس الدار المسكين الذي لقي حتفه دون سابق إنذار…
لكن.. ليعلموا من 0قتحم "دار العجزة والمسنين" بأنهم أضعف مما يتخيله أي شخص عادي؛ بل إن الضعيف أقوى بكثير من هؤلاء الذين 0رتكبوا هذه الجريمة البشعة… لستم أقوياء؛ ولو كنتم أقوياء لخرجتم من أوكاركم لتقولوا نحن من 0رتكب هذه الجريمة؛ فالله تعالى يحبُ المؤمن القوي, والمؤمن القوي خيرٌ وأحبُ إلى الله من المؤمن الضعيف بدرجات لا تضاهيها درجات في المنزلة والمكانة…
فبالله عليكم كيف طاوعتكم أنفسكم بقتل من هم بمقام آبائكم وأمهاتكم بتلك الطريقة الوحشية؟؟؟ هل تخيلتم لو أن هذا كان أباك أو أمك؟؟؟ لماذا تجرِدتم عن اخلاقيات القتال النزيه, الذي حثنا عليه أعظم خلق الله "محمد بن عبدالله", الذي دعانا إلى عدم قتل الشيوخ في الحرب, ولا الأطفال ولا النساء, وأن لا نقطع شجرة؛ وأنتم قطعتم كلّ الأشجار التي تحمل بذرة الإنسانية بفعلتكم هذه؟!!
وكما سمعنا بالأمس عن مقتل المنفذ الرئيسي لهذه الجريمة في أبين بغارة جوية، وسبحان الله, جاء موعد قتله في الذكرى الأولى لفعلته التي 0رتكبها بدار المسنين بعدن، ف"لا إله إلا اللَّه"…
ولكنني سأدعو الله تعالى أن يصلح قلوب باقي من قاموا بهذه الفعلة الشنيعة؛ فمهما كان فإنهم أخواننا وأبنائنا، فأدعو الله أن يصلحهم, وأن يهديهم إلى الصواب، وأدعوهم لضبط النفس, وأن يعودوا عما هم فيه من ضياع، وليكونوا رجالًا حقيقيين وليسلموا أنفسهم للعدالة…
لكن.. ورغم ما قلته فلن أتخلى عن مطالبتي بملاحقة كلّ المجرمين, لينالوا الجزاء العادل لجرائمهم التي اقترفوها… وكذلك نطالب الحكومة والجهات المختصة، وكلّ من يملك شفقة في قلبه بالإهتمام بآبائنا وأمهاتنا المتواجدين بدار "العجزة والمسنين", وتوفير كلّ ما يلزمهم, والإهتمام بالدار, والتقليل من معاناتهم…
واليوم نعيش الذكرى الأولى لهذه الحادثة الأليمة, حيث تصادف السبت الموافق 4 مارس_آذار 2017م, 6 جمَادى_آخرة 1438 هجري…
فرحم الله كلّ من قُتِلَ في الحادثة البشعة من المسنين, والممرضات، ورحم الله كلّ شهداء الجنوب, وشهداء المسلمين أجمع، وأسكنهم فسيح جناته… وإنا لله وإنا إليه راجعون…