لم يعد الشك يساور احد أن الحرب في اليمن لن تضع أوزارها في القريب العاجل أو حتى في البعيد ، هذا الأمر في غاية الإبهام ويصعب توقيته ، أيضا لم يعد الشك يساور احد أن في اليمن قوه حقيقية ومشروع فرض نفسه رغم عظيم ضربات التحالف العربي التي أنهكته ، إلى هذه اللحظة صنعاء مازالت تدير نفسها في كل الاتجاهات وبدهاء وبدرجة عالية من الخبث وبخطوات ثابتة سواء في معاركها على أراضي في السعودية أو تهديدها للممرات البحرية الدولية وسيطرتها على مناطق في اليمن والجنوب ، أو في معدل ربحها من عظيم حجم المجاعة وانعدام الصحة وضربات التحالف الخاطئة ،صنعاء أيضا تؤرق المناطق المحررة والتي تتوجس بصوره دائمة من السقوط ثانية تحت أقدام صنعاء ، وفي داخل صنعاء وحول منها حزام أمني غاية في التعقيد والتشابك ولا يرحم دبيب النمل إن حاول اختراق قدسية سيادتها . صنعاء ليست مقدسة ولن تقارن بمدن هي في الأصل تمثل المعنى الحقيقي للحضارة الإنسانية ، هذه المدن تم تسويتها ترابا على الأرض ، صنعاء ليست العراق ولا الشام ولن تقارن بالتاريخ العظيم لبعض من المدن فيهما ، إنما هي خصوصيتها وتستمدها من تشابك داخلها وقوة وحدتها نحو هدفها وتناغم فعلها مع متطلبات الأقوياء في العالم ، ويلحظ في الاتجاه الآخر أن التحالف العربي يدير معاركه في اليمن والجنوب بكثير من المال والسلاح وقليل من الأتباع وخطط يتوجس منها المقاتلين من حلفاءها . عندما فشل التحالف العربي في استقدام قوة بريه من الخارج لتعمل معه وبالتوازي مع قوته الجوية والبحرية بحسب تصوره القاصر للمعركة ، كان الهدف من ذلك ان يخطف تلابيب الأمور بسرعة وإعادة صياغة الأشياء ، فعلا برزت مشكلة عظيمه في رفض الدول نقل جنودها للقتال خارج أراضيها ، صنعاء قدمت جنود يقاتلونها بشراسة نتاج ظلمها وقهرها لشعب الجنوب أي أن الجنوبيين هبوا وبشراسة لقتالها ، وفي اليمن قتال المقاومة فيها يتموضع فيه المقاتلين على حدودهم وكأن هذه المناطق تحفظ نفسها لصنعاء مجددا . توسيع دائرة قتال الجنوبيين نحو البعيد يعطي دلالة أن الجنوبيين على دراية أن رأس الشر يجب ضربه في عمق الجحور لحماية أنفسهم ، التحالف العربي يستثمر دماء هؤلاء المقاتلين بعيدا عن أحلامهم وطموحهم ، وفي الاتجاه الآخر يستثمر المقاتلين اليمنيين التحالف العربي حتى يتم إنهاكه ويصبح بعيدا عن تحقيق أهدافه ، الفاجعة أن التحالف سيصحو على قوة عسكريه هائلة وسلاح هائل سيصبح بيد خصومه ، سواء القوة والسلاح للألوية العسكرية المحايدة أو لما تسمى مقاومه تكديس المال والسلاح والمقاتلين على ثخوم صنعاء ، هاتين القوتين هما الجيش الضارب البديل عن القوات والعتاد المنتهي بفعل ضربات التحالف العربي . هذه الحرب أقذر من أن تكون فقط عبثيه أو أن تكون فقط مدمرة لكل الأشياء ، إنها تؤسس مستقبلا لثارات تم عشعشتها في كثير من النفوس وهي اليوم تنتظر وبترقب لحظة القصاص لنفسها سواء في الجنوب أو اليمن ، هذه الحرب نحتت على وجنتي الشعبين علامة لن تمسحها الأيام ، كل البيوت و كل الأسر بكت ، كل المناطق بكت ، و لن تستطيع أي منطقه حكم نفسها في ضلال هذه الحرب أو حتى بعد أن تضع أوزارها ، كون الحرب جاءت من خارجها بعد أن صنعت في داخلها بذور التشقق الغير منطقي على ورق تم رميها وبعثرتها في كل الأرجاء رفضا لما تحتويها . لا الجنوب يرى في هذه الحرب حلمه ولا اليمن يرى إلا أن يفرض طوق نجاته ، والتحالف العربي سيجد نفسه بين فكي كماشة الجنوب واليمن وتحت مطرقة الرفض على أداءه من دول أقوياء ، تداعيات هذا الأداء السلبي على مصالح كثير من الدول في منطقه تمثل لهم العصب والشريان الاستراتيجي للحياة سيحركهم بلا أدنى شك في الاتجاه المضاد للتحالف العربي . دعونا نتسآئل ماذا يمثل هذا التحالف من قوه في خارطة الأقوياء؟! ، والى متى سيحتفظ بتوازنه ؟! ، وهل مشروعية اعتلاءه على البر والبحر والجو لا نهاية لها ؟! ، إلى متى سيضل الملايين من الناس في جوع ومرض وتشريد وعوز وطلب المساعدة والعون ؟! إلى متى والكل سواء على الأرض المحررة وغير المحررة يعانون من سوء الأمن والمعيشة والصحة والتعليم ؟! كل هذه الأمور مجتمعه تعزز من قوة أنصار الله وأنصار صالح ، وعلى الواقع أيضا يجب الوقوف أمامهم بكثير من الاحترام والإنصات . ديمستورا في سوريا ضل بعيدا عاجزا عن تسوية الأرض المعقدة والعنيفة القتال والأكثر دمار وجوعا وتهجيراً ، ديمستورا ضل عاجزا عن رفع أيادي غمست في جسد سوريا تنهش منه بحجة أمنها ، كل المخالب زرعت لها مقاتلين وسلاح وقوه فائقة ، لقد تعدى الأمر إلى أن يصل حجم الخوف ليضرب عمق دول مجاوره وبعيده عن سوريا نتاج وقوة المقاتلين وعقيدتهم والدماء التي تتقاطر من أفواههم من أكل كبد الخصوم ، اليوم ديمستورا قَدمت إليه كل الأطراف التي رفضته في الأمس، ديمستور اليوم بعيدا جالسا يقدم النصح ويدير سبل التوافق ومن حوله كل الخصوم المتقاتلة مثل التلاميذ ، لسنا بصدد التحدث عن مشروعية تدخل روسيا أو لماذا قدمت إلى المنطقة وأهدافها ، كما و أيضا لسنا بصدد معرفة معالم سوريا القادمة و إنما بصدد التدخل الروسي الذي سحب الأطراف جميعا في فريقين فريق النظام وفريق المعارضة السياسية والمسلحة على طاولة واحدة نعم جميعهم وبغرض حلحلة كل القضايا المعقدة محل الخلاف وبلا استثناء بل رسم معالم سوريا الجديدة ، والأطراف الرافضة ذلك ستكون هدف لنيران روسيا الحارقة . ولد الشيخ ستأتي له الأطراف أيضا وهو جالس في البعيد وسيلتف حوله فريقين لحلحلة كل القضايا ليس في جانبها الأمني والسياسي التي أصبحتا دوامه تعصف بالكل وتستمر المعارك ، بل ستوضع على طاولة المفاوضات قضايا تمثل الأساس والتي بسببها اندلعت الحرب ولن تطفئ نيرانها إلا بحل جذري يطمئن الجميع ، نعم سيتم التغلغل إلى جذور المشكل الحقيقية ومعالجتها ، والرافضين ستلاحقهم النيران الحارقة للروس ، سيكون الضامن للحوثيين وصالح الروس وعمان والضامن لهادي وفصائله السعودية و ابوظبي . كل الأمور وارده ؛ إذا كان تدخل الروس في سوريا جاء بطلب شرعيتها وهو بشار الأسد فأن تدخل الروس في اليمن والجنوب لن يكون ضد شرعية هادي ولا لمؤازرة الانقلابيين ، انه التدخل الذي هكذا سيكون نعم سيكون من أجل منع أن تكون اليمن والجنوب ساحة عنف خطيرة قادمة ، منع بروز قلق أصبح ملحوظ على ممرات ومصالح الدول الكبرى ، منع بروز الموت للملايين جوعا وعطشا وتهجير ، منع بروز انهيار كامل للدولة والتي عندها ستصبح شرعية هادي كرتونية وعلو الانقلابيين مهزلة كبرى وسيدفع العالم مع الشعب عظيم الخسائر و الأثمان . من سيمنع تدخل الروس الذي تلوحون به اليوم جهارا بنتاج بحسبهم من خطورة خطوات التحالف العربي على اليمن والجنوب اكان في الاستقرار اوالمعيشة اوالأمن الملاحي وكذلك بروز المجاعات والجماعات المسلحة الخطرة والتهجير القسري ، روسيا اليوم تتقدم في اليمن من أجل إغاثة الناس في صنعاء ، السؤال الأكثر أهميه في مثل هكذا لحظات هل بإمكان السعودية والإمارات إدارة الملف السياسي التفاوضي والعسكري وقضاياه المعقدة المتشعبة التي ستطفو على السطح بدقه ودهاء لتخرج منتصرة أم ستلقى نفس مصيرها في العراق والشام ، مرة أخرى ليس مستعبد أن يكون الحل الاممي في اليمن يأتي عبر قوة روسيا ، خصوصا أن هذا التدخل سيلوح بحرب كونيه لمن يعترضه ويرافق ذلك مبررات مقنعه للتدخل .