لم يكن لدي أدنى معرفة بصالح او مساعديه فيما عدى علي الشاطر القائد العسكري المسؤول عن الاعلام والتوجيه المعنوي للقوات المسلحة والصديق الشخصي لصالح، فقد كان كثير التردد على ابوظبي مرافقا للوفود وكان يحرص على أن يظل في منأى عن الجميع الإعلامية المشاركة في المناسبات الوطنية والخاصة كما يبدو عينا على الزملاء فقد لاحظت عليه كان شديد الانزواء لا يختلط بأحد من مع انه كان أحد أعضاء الوفود الصحفية العربية الاخرى ويمضي الساعات الطويلة محلقا ببلاهة يراقب الذاهب والآيب كمؤشر على طبيعة سلوكه الاستخباراتي الذي يسلطه على فريق الصحفيين اليمنيين . كنت ارثو لهم هذا الحال فهو الابن المدلل للرئيس وهو عين السلطة اما اتصالي المباشر بصالح فقد كان مثيرا للدهشة تجاوزت الاعراف السائدة في علاقة رئيس دولة بإعلامي اي من كان في منتصف احدى الليالي من عام صيف 2005 رِن هاتفي المحمول وبدوت مترددا في الرد اعتراضا على بعض السذج الذين لا يراعون الخصوصية وحاجة الناس للهدوء في مثل هذا الوقت من الليل وتحت إلحاح المتصل مددت يدي متثاقلا للرد فإذ بي اسمع الطرف الاخر يحاول التيقن من شخصي ثم قال الرئيس يود التحدث معك ،ولم أكن ادري من هو الرئيس ويقينا لم أكن ادري ان المقصود علي عبد الله صالح. لم تمر سوى ثلاث دقائق حتى رِن التلفون مرة اخرى وإذا بالرئيس بلهجته الصنعانية المتطيرة يبادرنا بالسؤال عن صحتي ثم يمضي دون انتظار ردي مرددا عبارات الاشادة بي وأكثر ما اثار انتباهي قوله يا ريت خلق من مثلك أربعين وهو مصطلح باللهجة اليمنية يدل على الإعجاب الشديد الذي قد يكون مبني على موقف او بطولة وانا لا اتذكر انني حصلت على جائزة نوبل في ذلك الحين ! ومن ضمن ماسمعت من الرئيس عرضة السخي بمنحي احد المواقع الكبرى في الحكومة مردفا بان البلاد بحاجة الى امثالي والابواب مشرعة لي في اي وقت أشاء وجاء اعتذاري مباشرا حين قلت له انا مواطن دولة الامارات واعمل في القطاع الأكاديمي أستاذا بجامعة الامارات واعتز بهويتها وأحب مهنتي والشكر والامتنان لكم على هذا العرض الكريم فاذا به يقول تعال زورنا اذا وكانت لي وللمصادفة زيارة مرتبة لأسباب خاصة لمدينة عدن عبر صنعاء . وأتذكر انني لم اخبر احدا بوجودي في العاصمة اليمنية وكان برنامجي ان أواصل الى عدن وعند العودة ربما اتصل بالقصر وأخبرهم عن وجودي وعما اذا كان هناك ترتيب لمقابلة الرئيس. وهنا كانت المفاجأة فقد تلقيت مكالمة بعد وصولي بساعتين يقول صاحبها نحدثك من القصر والرئيس في انتظارك الساعة الحادية عشر صباحا وسوف يأتي من يصطحبك الى مكتب الرئيس اما لماذا هذا الاهتمام المفاجئ الذي لم أكن انتظره ولم تكن هناك أية مقدمات تسبقه ولم تكن هناك أدنى معرفة مع الرئيس مباشرة أوغير مباشرة تمهد له ، فقد تكشف الامر فيما بعد حين سمعت من رئيس تحرير صحيفة كبرى يقول ان الرئيس نقل له شريط مسجل للقاء مطول اجرته قناة العربية حول التمرد الحوثي وأبعاده واثارة على الاستقرار في اليمن وكنت احد المشاركين فيه وقد راق لصالح موقفي وركز كثيرا على مطالبتي بانهاء التمرد بالحرب او السلم .لان ترك هذا التمرد دون حسم سوف يفتح بابا كبيرا لدعوات الانفصال في اكثر من مكان وهو ماحدث فعلا وتشظت اليمن ودخلت في حروب لا يعلم مداها الا الله الا ان مقابلة الرئيس هي الجزء المثير في القصة فقد استقبلني بشوشا ومرحبًا واعترف الان انني حين اقتربت منه ترآءا لي طابور القتلى والإعدامات التي اقدم عليها وازهق بها ارواح الشباب اليمني الواعد والأكثر تأهيلا من أمثال الشهيد عيسى وأكثر من ثلاثين خريج واعترتني رعشة من يقف امام زعيم عصابة لا يضمن سلامته وخروجه سالما . انا اعترف انني رغم لقائي بزعماء سياسيين من العيار الثقيل وبرغم ثقتي المفرطة في قدرتي على إدارة الحوار مع أقوى زعماء العالم الا انني لم تصيبني الريبة وقلة التركيز كما حدث في الدقيقة الاولى مع صالح بدأ الحديث عن الحوثيين الذين يدعون ملكيتهم لليمن وتنصيبهم لأنفسهم حماه للدنيا والدين قال انهم يضعون أنفسهم كاشراف فوق الجميع وقال ان الجيش في مواجهة الحوثيين يجد صعوبة في الوصول الى مناطقهم الجبلية الوعرة وان الاليات ذات الفعالية العالية في المواجهة لايمكنها الاقتراب من مواقعهم المحصنة والبعيدة كان يبدو لي وانا أنصت لتوضيحاته انه فاقد الأمل في إنزال الهزيمة بالحوثيين الامر الذي يؤكد انه كان يتبادل الأدوار معهم ويدير سيناريو غامض كما كشفت الحقائق فيما بعد تتوزع فيه الأدوار يكون فيها صالح الجهة التي تتصدى للخطر الحوثي ومن ثم فمن حقه ان يحصل على دعم ومساعدة الجوار الخليجي لمواجهة الخطر الحوثي ولجم النفوذ الإيراني المحتمل . فقد كشفت الأيام ان صالح والحوثي كونَّا التحالف البديل لكل الحلفاء الوهميين السابقين وان النزعة الطائفية هي التي سادت عرضه السخي لي يمنحي احدى المراكز الكبرى مردفا بان البلاد بحاجة الى امثالي والابواب مشرعة لي في اي وقت أشاء وجاء اعتذاري مباشرا حين قلت له انا مواطن دولة الامارات واعمل في القطاع الأكاديمي أستاذا بجامعة الامارات واعتز بهويتها وأحب مهنتي والشكر hوالامتنان لكم على هذا العرض الكريم فاذا به يقول تعال زورنا وكان للمصادفة بالفعل زيارة مرتبة لأسباب خاصة لمدينة عدن عبر صنعاء . وأتذكر انني لم اخبر احدا بوجودي في العاصمة اليمنية وكان برنامجي ان أواصل الى عدن ومن ثم وعند العودة أتواصل مع القصر لمعرفة إمكانية ترتيب المقابلة لم تمضي سوى ساعتين حتى جآني الخبر عبر التلفون بترتيب موعد اللقاء صباح الغد عند الحادية عشر صباحا وتيقنت بان صنعاء مسكونة بقوة من الأمن السياسي الاستخباراتي وان الرئيس يعرف اي قدر من الذباب يدخل روبيرت منها كل يوم ذهبت الى الرئيس واستقبلني يشوشا ولكنني لم اشعر الا وانا امام رئيس عصابة للمافيا لا يرحمها احد وتمثلت مشهد الاعدامات ل لثلاثين خريج من جامعة القاهر اعرفهم جميعا واسودت الدنيا امامي وجلست للحديث مع الرئيس القاتل الجلاد الفاسد الذي كان ينهب ما مقداره ملياري دولار كل عام من شعب فقير ولمدة ثلاثين عاما كان يقول ان الحوثيين في مواقع يصعب اذا في وقت اخر استمتع باجازتك الوصول اليها بالآليات العسكرية ولذا فانهم سيظلون في مواقعهم لزمن طويل وبدأ يتحدث عن أهمية التنسيق بين اليمن ودوّل الخليج الاخرى كان يعلم انني سوف اكتب عن الموضوع ويود ان يكرس سياسته التهديد والحدث على منحة المزيد من الدعم المادي من دول الخليج قال دولة الامارات كانت صديقة لليمن فاذا بها تنحرف 180 درجة قلت نقل عن سيادتك بأنك قلت ان الامارات تتحدث عن السد وباستطاعتها ان تأتي وتاخذ السد وتنقله الى الامارات اما واجرى بعد ذلك فقد لوح لي بما يقدمه من إغراءات بالمال او بماه إغراءات لضيوفه بمنحهم الارض والعقار لكنني طلبت منه ان يمنحني رخصة إصدار جريدة يومية لاتخضع لأية تيار او اتجاه سياسي يمني او غيره وقلت انها ستفتح نافذة واسعة تطل بها الى العالم الفسيح ' والحقيقة انني كنت احمل فكرة إصدار نسخة يمنية لصحيفة الخليج .وفوجئت بموافقته الفورية على الطلب وأمر مستشاره الصحفي بكتابة رسالة الى وزير الاعلام ولمدة 10 سنوات لاتزال السالة في الطريق لم تصل. حتى الان .