كما عدن عبارة نسمعها من الباعة في الأسواق ، عدنالمدينة القرية ، أو القرية المدينة ، أو تستطيع أن تقول عنها اليوم بالبدوي حبابة المدن ، أي جدة المدن ، فهي تبدو هذه الأيام كعجوز خط الإهمال على ثغرها علاماته ، كل شيء كان في عدن جميلاً ، ولكنها اليوم بالعكس من ذلك فكل شيء فيها لا ينم عن تطور ولا يبشر بخير ، فكلما قلنا ستتحسن الأوضاع فيها ازدادت سوءاً ، ففي عدن كلما سار مؤذي قال مؤذي سلام ، فبعد أن حل بها من لا يستحق العيش فيها من زنابيل ما بعد الوحدة ، تقدم العمر بعدن فبدت عدن كالعجوز التي لا تبرأ من الأمراض ، شوهوا عدن وتاريخ عدن ونظافة عدن ونظام عدن ، وحياة عدن ، رُفعت فيها الأسلحة ، وانتشرت فيها العشوائيات ، وتكاثرت فيها القطط البشرية . كانت في يوم من الأيام عاصمة الجنوب ، فكانت من أجمل المدن ، ثم صارت نائبة للعاصمة بعد الوحدة فتثاقلت حركتها في مختلف الجوانب ، وبعد الانقلاب عادت كما كانت بالأمس عاصمة ولكنها هذه المرة عاصمة لليمن الموحد ، فمات الجنين في بطنها ، مات حلم الجنوبيين في استعادة النظام في عدن ، فكل ما فيها مستورد ، سكنتها الفوضى ، وحل بها الجهل ، غابت الخدمات عن عدن لا كهرباء ولا ماء ولا أمن ولا نظام ، ولا حكومة ولا رئيس . كما عدن .. كما عدن هذه حال المحافظات الجنوبية ، فلقد سادت الفوضى والعشوائيات ، وانعدام الخدمات ، فمن بنيت في ملكه مصلحة حكومية قال وظيفة وإلا ممنوع الدخول ، ومن ضاعت نعجته قال هاتوها وإلا سأقطع الكهرباء والماء ، كما عدن .. كما عدن هذا حالنا في كل محافظات الجنوب ، قد لا يتصور القارئ أن عدن في ظل هذا الصيف تعيش أغلب أوقاتها بدون كهرباء فأنا في عدن أكتب كلمة وأمسح العرق بعد كل كلمة أكتبها ، ضاعت عدن وانتهت عدن ، إذا انطفأت الكهرباء في أية محافظة من المحافظات ، قالوا كما عدن ، بالرغم أن الوضع في مختلف المحافظات أفضل حالاً من الوضع في عدن ، كل شيء في عدن يدعو للاستغراب فكل مافيها قبيح حتى سيارات مسؤوليها قبيحة ، عدن تلك المدينة الساحرة غمرتها رياح الوحدة وجرفها الإهمال ، كنا عندما نرى شيئاً جميلاً نقول : كما عدن ، وإذا شرعت في شيء جميل قالوا : وكأنك في عدن ، أما اليوم فعدن تشكو وتئن ، فأين الفارس الذي سيأتي لإنقاذها ...