- عنوان ممتاز وواضح. ويمكنك استخدامه كالتالي:\r\n\r\n*الأوراق تكشف: عراقيل تهدد إعادة فتح فندق موفنبيك \r\nعراقيل مفاجئة أمام إعادة افتتاح موفنبيك صنعاء... والأوراق تفتح الملف!\r\n    استشهاد وإصابة61 مواطنا بنيران العدو السعودي الأمريكي الصهيوني في صعدة    وفاة 49 شخصا وإصابة 485 في 353 حادثاً مروريا خلال إجازة العيد    من يومياتي في أمريكا .. مؤتمر وباحث عن فرصة عمل    "حققنا هدفنا".. الحكومة الإسرائيلية تعلن رسميا سريان وقف إطلاق النار مع إيران    وفاة وكيل وزارة الثقافة عزان    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    المجلس الأعلى للطاقة يقر حلول إسعافية عاجلة لتوفير وقود لكهرباء عدن    موقف غير أخلاقي وإنساني: مشافي شبوة الحكومية ترفض استقبال وعلاج أقدم كادر صحي في المحافظة    ارتفاع حصيلة قتلى صاروخ إيران الأخير إلى 11 إسرائيليا على الأقل    بالتعادل.. إنتر ميامي وبالميراس يحلقان إلى دور ال16    أوساكا.. انتصار أول على العشب    حان وقت الخروج لمحاصرة معاشيق    "العليمي" يفرض الجزية على حضرموت ويوجه بتحويل 20 مليار ريال شهريا إلى إمارة مأرب    عدن على حافة الانفجار: انهيار شامل وخيوط مؤامرة دولية تُنسج بأيدٍ يمنية    اليمن تضع إمكانياتها تحت تصرف قطر وتطلب من المغتربين عدم العودة لسوء أوضاع وطنهم    هلال الإمارات يوزع طرود غذائية على الأسر الأشد فقرا بشبوة    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    بوساطة قطرية.. اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    مسئول ايراني كبير: تصريحات ترامب حول اتفاق وقف النار "خدعة"    الفريق السامعي: المنطقة على موعد مع حدث خطير    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    عربة خدمات ارضية تخرج طائرة لليمنية عن الخدمة    إيران تفرض حرب استنزاف باهظة على الصهاينة ..!    خامنئي: لم نعتد على أحد ولا نقبل ان يعتدى علينا    الخارجية اليمنية: الهجوم الإيراني على قطر انتهاك صارخ للقانون الدولي    السقلدي: هناك شحن وتعبئة لقوات الامن تجاه المواطن    - من هو رئيس تحرير صحيفة يمنية يلمّح بالزواج من إيرانية ؟ أقرأ السبب !    بطولة عدن الأولى للبلولينج تدخل مرحلة الحسم    تحركات مشبوهة للقوات الأجنبية حول مطار المهرة ..    - الأوراق تكشف كيف رحل رجل الأعمال الشيباني وقلبه مثقل بخيانة نجله؟ صراع على التركة وفضيحة مدوّية داخل العائلة!    وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع    هيئة الآثار والمتاحف تسلم 75 مخطوطة لدار المخطوطات بإشراف وزير الثقافة    17 لاعبا مهددون بالرحيل عن مانشستر سيتي بأمر من غوارديولا    بعد المونديال.. بيلينجهام يغيب عن ريال مدريد 3 أشهر    النفط يرتفع إلى أعلى مستوياته منذ يناير بسبب المخاوف بشأن الإمدادات    الشعر الذي لا ينزف .. قراءة في كتاب (صورة الدم في شعر أمل دنقل) ل"منير فوزي"    ضبط مخزن للأدوية المهربة بمحافظة تعز    الفاسدون في الدولة وسياسات تخريب الطاقة الكهربائية السيادية؟!    ريال مدريد يقسو على باتشوكا    الحرارة فوق 40..عدن في ظلام دامس    فصيلة دم تظهر لأول مرة وامرأة واحدة في العالم تحملها!    الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    مرض الفشل الكلوي (9)    كشف أثري جديد بمصر    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    الحديدة و سحرة فرعون    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن القرية مناحيم بيغن !!
نشر في عدن الغد يوم 08 - 10 - 2013

لا أعلم لماذا لم أعد أطيق رؤية قريتي الرابضة فوق تله كناقة جاثمة اناخت بحملها ؟ في سالف الزمن كان الشوق يتملكني لتذكر هذه البقعة المنسية إلاَّ من حنيني وشوقي النابضين في ذهني وحلمي ، ما من مكان اجمل من هذه القرية الكئيبة الواجمة الآن ! وما من سحر يضاهي بيوتها العتيقة ، ومن أرضها الكالحة الملتاعة لفيض السماء ! ما من عشق أعظم من ولع هؤلاء الرعاع المتيمين بتراب الارض وخيرها ! .

فما من قصة حب أروع وأنقى واطهر من ذاك الحب العفيف البريء الناضح في وجوه وقلوب القرويين البسطاء الغرباء عن تحضرنا المترع بالكراهية والغيلة والفُحش والخبث والخسة والنذالة وسواها من مفردات زمن " التويتر" و " الفيس بوك " و " اليوتيوب " ! .

في سنوات الطفولة كانت افكارنا أكبر منا ، والاحلام والرجال والافعال لا متسع لها في قريتي الصغيرة ، إما وحين صرنا كبارا فعقولنا صغرت ، واحلامنا تلاشت وتقزَّمت ولحد أننا لم نعد نرى من الدنيا الفسيحة غير مسقط رأس ومأوى جثمان .

الاحلام باتت كوابيس مفزعة ، والرجال ، والنسوة ، والفتيان ، والصبايا ، والزرع ، والمطر والفضاء؛ ليست إلاَّ اسماء قانطة مخيفة خالية خاوية من أية معنى ومدلول ، كيف لا يفزعون ؟ وكيف لا ينتابهم اليأس ؟ وكيف لا تتشح الوجوه بالكآبة وكيف لا يتصدر البيوت السأم وكيف أن غيمة السماء لم يعد بكائها حياة لثرى اضناها العطش ؟؟؟ .

كيف أنني واترابي الصغار الدارسين في المدرسة المحاذية لقريتنا سمعنا وللوهلة الاولى بقصة ابن قريتنا " اليهودي " الذي صار أسمه يتصدر الصحف ووكالات الانباء ؟ وكيف اننا عدنا للقرية والدهشة والتساؤل ينتعل اقدامنا الغضة المسرعة ؟ وكم كانت دهشتي وغبطتي بكون مناحيم بيغن – رئيس حكومة اسرائيل سابقا – ولد ونشأ في ذات المنزل الصغير الذي ولدت فيه بعد هجرة أهله الى أرض الميعاد ( فلسطين ) بقرابة عشرين سنة .

عندما كنت أسمع مثل هذا الكلام كان ينتابني شعور بالفخر والزهو بكون داري العتيق المنسي مثار اهتمام الناس وذكرهم الوثيق الصلة بصاحبه ذو الصلعة المهابة والطلة المتبخترة المتعجرفة ،شعور طفولي رسب في ذاكرتي البعيدة المستيقظة اليوم على اطلال من تسامح ازلي عاشته قريتي الصغيرة قبل ان يقع أهلها فريسة لحمى الافكار الشيطانية العابثة بروحها ووجها الجميلين الناضخين ألفة وطيبة وحياة ومحبة وسماحة .

فعلى عكس رفاقي الذين كانوا يخجلون بنسب صهيوني قاتل ومغتصب بحجم بيغن لقريتهم ؛ كنت أنظر لهذه المثلمة وكأنها منجزا تاريخيا سيحفظ لقريتي أسمها في سفر سموها الانساني المتسامح دينيا واثنيا وحياتيا مع الاخر .

بالطبع المسألة برمتها ليس سوى تشابه في الاسم ؛ فمناحيم بيغن ذلكم الارهابي زعيم منظمة ارجون وصاحب نظرية التوراة والبندقية مسقط رأسه بريست – ليتوفيسك يوم 16اغسطس 1913م وهذه المدينة ظلت لحقبة جزءا من جمهورية ليتوانيا قبل ان تصير عاصمة لإقليم بريست في روسيا البيضاء ابان العهد السوفيتي .

وليكن الشخص فجورا في عدوانه وقتله واغتصابه لحق شعب أخر ؛ ولكن ذلك لا يمحي أسمه من ذاكرة التاريخ ، خذوا مثلا ادولف هتلر أو موسوليني أو نيرون أو بول بوت أو القذافي أو بشار أو غيره من الاسماء الملطخة يديها وتاريخها بدماء قرابينها المزهقة ، فبرغم أن أفعال هؤلاء مستنكرة وذميمة ؛ إلا أن أحدا لا يستطيع محو أسمائهم من التاريخ ، كما ويستحيل تذكر سيرتهم دون ذكر مكان ميلادهم .

قريتي لم تعد قريتي التي احببتها ، فكل شيء فيها بات غريبا ، الناس ، الشجر ، الحجر ، الكلام ، الارض ، سألت وبصوت حزين : أين أنت يا شُبابة الراعية ؟ أين انت يا سحابة الفجر ويا غيمة نيسان وآب وايلول ؟ أين ذهبتن يا صبايا يا ملاح واين اختفى غنائكن الصادح من قمم الهضاب كشلال مبهج غائر رجع صداه في صدور الخلق قبل الضرع والزرع ؟ .

أين أنتم يا رجال الخير والعطاء والورع والتقى ؟ يا ملح هذه الارض وعطرها ؟ أين لي العثور على قريتي المترع أهلها بالتفاؤل والود والشوق والصفاء الذهني والوجداني ؟ .

نعم هذه هي قريتي ،وهؤلاء هم بنوها ؛ لكنني وكلما اقتربت من الاثنين زادت فجوة الاغتراب اتساعا ، صحل صوتي وكل بصري دون أُعثر على داري واهلي الثاويين في متاهة اغريق بيزنطة الذين اضاعوا مدينتهم في غمرة سقم جدلهم الذي لا منتهى له ، فلا فريق الدجاجة اثبت وبرهن بخلق الدجاجة اولا أو ان فريق البيضة ظفر ودلل بوجود البيضة قبلا ، في الحالتين زاغ القوم وضاع وطنهم .

خيل لي انني لا اعرف قريتي .. لا اعرف ناسها ، فبرغم يقيني بحميمتي لموطن طفولتي وصباي وأن شيء غريزي ما يشدني للمكان واهله ؛إلا انني وكلما اقتربت من ديارها وناسها احسست بوحشه اغتراب وبوجع بعاد يتسرب الى اعماقي ، ففي زمن مضى كانت الاحلام صاوله لعناق النجوم والشهب ، اهازيج الرعية والرعاة تشنف الاذن ، تشق عنان السماء ، تفطر وتلين غلظة الجبال المنيفة .

في عصر أميز ودأب أهله وجز الكون الفسيح ب" قرية " - قبل ان يتلاشى الى عمارة ومن ثم شقة – ضاعت الامنية وتبددت في سراب الانتظار الممل ، تاه الحلم في غسق اليأس ، توارى التفاؤل في لجة الاحباط ، استطاب الغضب والانكسار والسقوط والجزع محل الحلم والمقاومة والرقي والطمأنينة .

كل شيء تقريبا ذهب أو أنه مات ورحل ، الطيبة رحلت برحيل رجالها ، الوجه البديع المطلي بها سديم الطين صار مكفهرا ، خرير السواقي وهزيم الرعد تبدل اليوم الى خوار بقر والى ثغاء والى نهيق ونعيق واصوات صادحة مؤذية لطبلة أذنك ، ملوثة لرئتيك وفؤادك المغمورين بالنقاء والمحبة والامل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.