لم يخدم القضية الجنوبية رجل مثلما خدمها هادي ، ليس بالجعجعات كما يفعل كثيرون ولكن بالفعل والعمل ، هاتوا واحد من الذين ترفعون صورهم في المليونيات فعل ولو شيئا يسيرا مما فعله هادي خدمة لقضيتكم ، هناك من خدم وقاوم وبعضهم قدم ضريبة الدم لكن جميعهم يستحيل مقارنة أدوارهم بالدور الذي لعبه هادي لصالح قضيتكم ، وماعدا ذلك فإن بعضكم لا يزال يعلن الولاء لمن تسبب بنكبتكم ومأساتكم المستمرة منذ ما يزيد عن 25 عام . بعض من ترفعون صورهم في المليونيات هم من قادكم ودولتكم وارضكم وثرواتكم بغير ارادتكم وسلمكم على طبق من فضة الى باب اليمن كما تقولون ، ومع ذلك لا تزال صورهم تملأ الساحات فوق رؤوسكم ، كيف يمكن تفسير مثل هذا التناقض الا اذا كانت حالة من الإنفصام الفريد من نوعه ، تتباكون في الليل مما حل بكم من غبن وظلم وقهر ، وفي النهار تفخّمون وتمجدون من تسبب بكل هذه المأساة لكم . اليوم يتشدق بعضكم بالقول نحن والتحالف سوف نحمي الممرات الدولية ونحارب الإرهاب .. و .. و ... لكنكم تتهربون من الإجابة على السؤال ومن الذي دعا التحالف ليقف الى صفكم ويحرركم من هيمنة وتسلط قبائل الهضبة عليكم ، اليس هادي ؟ وشرعيته !! اليست هي الغطاء الذي ما كان يمكن للتحالف ان يتدخل بدونها ؟ تذكرون انكم لعشر سنوات على الاقل وانتم تخرجون بمظاهرات ومليونيات مطالبين بحقوقكم ، وقدمتم خلالها قوافل من الشهداء فما الذي غيرته هذه المظاهرات والمليونيات والتضحيات في حياتكم ؟ لا شيء .. وكان يمكن ان تستمروا في مظاهراتكم تلك الى مالا نهاية ويستمر الحوافش في حكمكم وسلبكم ونهبكم ايضا الى مالا نهاية ولن يتغير شيء على الواقع .. أنجز لكم هادي بشجاعته وشرعيته مالم تكونوا تحلموا بانجازه ولو بعد عشرات السنين ، لقد كان سببا في تحرركم ، ولو لم يقدم لكم هادي الا هذا الإنجاز لكفاه لتصنعوا له تمثال في كل مدينه من مدنكم . هذه هي الحقيقة التي تشيحون بابصاركم بعيدا عنها رغم انها واضحة امامكم لا يحجبها عنكم ساتر او غموض ، وهي ان التحالف الذي جاء بدعوة من هادي وتحت غطاء شرعيته كان ولا يزال وسيستمر في حربه ومعركته استجابة لدعوة هادي وتحت غطاء شرعيته ايضا حتى تحقيق الأهداف التي جاء من اجلها . وحتى حين يتعامل التحالف مع بعضكم ويضع يده في يدهم ، فهو يضعها لأنهم جاءوا تحت مظلة الشرعية التي يعترف بها هو ويعترف بها العالم ، أما الشرعية الثورية التي تتحدثون عنها فيمكن ان تجدوا لها صدى عند اتباعكم ومناصريكم في الداخل ، اما في الإقليم والعالم فلا احد يمكن ان يعترف او يتعامل مع مثل هذه الشرعية . لكن خدمة هادي لقضيتكم لم تتوقف عند الدفع بالتحالف العربي كي يرمي بثقله المسلح وراءكم لتحققوا بهم ومعهم الإنتصار الكبير في معركة تحرير الجنوب ، بل ان خدمته الكبرى لكم تتجلى في تثبيته مبدأ الفيدرالية والأقاليم وتحويلها الى مطلب دولي من خلال ادبيات وقرارات مجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية ، وهو مبدأ يقود الى تحرير المناطق اسفل الهضبة والجنوب بكامله من هيمنة الحوافش بأسس قانونية ودستورية لا يمكن المساس بها او الإلتفاف عليها . الذين تابعوا كلمة عفاش بالأمس استمعوا اليه وهو يكرر ما يقوله دائما من انهم لن يقبلوا بالدولة الإتحادية تحت اي ظرف لأنها مشروع تقسيم ، وان اي شخص يدعو اليها هو خائن وعميل ويجب ان يلاحق ويقدم للمحاكمة . هو يكرر على مسامعكم دائما هذه التحذيرات ، لكنكم لا تسالون انفسكم لماذا يثير موضوع الدولة الإتحادية والفيدرالية والأقاليم كل هذا الحنق والجنون عند عفاش او الحوثي او اتباعهم من المنتفعين والمصلحيين والناهبين . اذا كنتم لا تعرفون الإجابة فدعوني اقول لكم أن مشروع الدولة الإتحادية في حال تطبيقه سوف يجرد المركز من هيمنته وسيطرته وتسلطه ، ويمكِّن الناس خارج الهضبة من حكم انفسهم بأنفسهم من خلال قيامهم بانتخاب برلماناتهم الخاصة ، وحكوماتهم الخاصة ، وانتخاب رؤساء اقاليمهم ، وحتى اصدار القوانين والتشريعات التي تنظم حياتهم ويرتضونها لأنفسهم داخل كل إقليم. وبالنسبة للجنوب فإن تطبيق مشروع الدولة الإتحادية سوف يقدم لهم اضافة اخرى وهي تمكينهم من بناء مؤسساتهم الخاصة بعيدا عن دولة عفاش او الدولة الجهوية القائمة حاليا ، حتى اذا سمحت الظروف لهم باجراء الإستفتاء لتقرير مصيرهم وكان خيارهم هو الإنفصال في دولة مستقلة تكون مؤسساتهم جاهزة لوضع هذا الخيار موضع التنفيذ . لهذا السبب هاجم عفاش بشراسة مشروع الدولة الإتحادية ، وهو نفس السبب الذي من اجله قاموا بانقلابهم وخاضوا حربهم في الداخل ومع الإقليم من اجل إسقاطه ودفنه. بعضكم الآن يتحرك تحت وهم ان التحالف سيتعامل معهم بعيدا عن هادي او بالأصح بعد ابعاد هادي ، اذا اسقطتم هادي – وهو على اي حال لن يسقط - فستسقط معه مشروعية تدخل دول التحالف ، وتعودون وحيدين في مواجهة آلة الحرب الحوافشية التي لن تتأخر يوما واحدا عن الإرتداد اليكم لحربكم واجباركم على العودة من جديد الى بيت الطاعة . القيادات المخلصة لا تقامر بمستقبل شعبها بناء على توهمات لا تسندها حقائق الواقع ، ومن هذه التوهمات الظن –وبعض الظن اثم – ان الأوان قد حان لطي صفحة هادي وفتح صفحتهم هم . صفحة هادي لن تطوى طالما كان هناك تحالف وحرب قامت إنتصارا لشرعيته ، وحظيت بمباركة العالم ، وفي كل يوم تكتسب زخما جديدا ، وهي لن تتوقف حتى تحقق اهدافها المعلنة ، والذين يقامرون بالصدام مع شرعيته سوف يسقطون ، ونحن بطبيعة الحال لا نريدهم ان يسقطوا لأن بعضهم رموز وطنية وشعبيه ، لكن ما لا نريده اكثر هو ان يجروا قضيتنا معهم الى هاوية السقوط .