أولا: دعونا نتفق بأنه لايحق لأحد أن يعترض على حق الجنوبيين في أن يوحدوا أنفسهم ورؤاهم الرئيسية المتعلقة بمستقبل ومصير الجنوب سيما وأنهم يخوضون نضالهم المصيري منذ عام 1994م بعد أن جاءت حرب 1994م لتقضي وتنهي إعلان 22مايو1990م المتعلق بالوحدة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية. ثانيا: دعوة اللواء عيدروس في سبتمبر2016 بأهمية تشكيل كيان سياسي يوحد الجنوبيين لمواجهة التحديات التي تواجهها القضية الجنوبية العادلة التي اعترف بها وأكد عليها مؤتمر الحوار الوطني الشامل وأعتبرها محور انعقاد ونجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل... وأكد عليها ودعمها المجتمع الدولي ممثلا بدول مجلس الأمن..والأمين العام للأمم المتحدة الذي تولى ممثله الشخصي الاشراف على عمل كل حلقات عمل مؤتمر الحوار الوطني .. وعلى مخرجاته.
وتشكيل الكيان السياسي الموحد للجنوبيين كمبدأ لم يكن وليد اللحظة التي أكد عليها اللواء عيدروس في سبتمبر 2016م لكنها كانت مطلب وطموح كل الجنوبيين في مختلف مشاربهم ومواقعهم السياسية بالاقتصادية والاجتماعية والثقافية-مع وجود اختلافات في التفاصيل الفرعية التي ظلت تبرز إلى السطح لتشكل عائق تحقيق هذا الهدف - بل أن تشكيل كيان سياسي موحد للجنوبيين يحمل موقف ورؤى ومطالب موحدة للجنوبيين المتعلقة بقضيتهم "القضية الجنوبية " كان ايضا مطلب ونصح العديد من الدول وبالذات دول مجلس الأمن وكذا المنظمات الدولية التي تفهمت وتعاطفت وأيدت حق الجنوبيين في استعادة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وبالذات منذ حرب 1994م التي استهدفت الوحدة وقضت عليها .. وظلت هذه الدول تشدد على مطلبها هذا لتتمكن بالتالي من دعم الجنوبيين وحقوقهم ومطالبهم .
ثالثا:الآن وبفعل تفاعل وتداخل مجموعه من الأسباب والعوامل وفرت الظروف لتحقيق هذا الهدف الذي ظل يعاني من الصعوبات والتحديات .. وتم الإعلان عن تأسيس هذا الكيان من خلال ما سمي ب"إعلان عدن التاريخي" في 4مايو 2017م. رابعا: هناك ملاحظات يمكن تناولها هنا أبرزت بعض حالات الجدل حول بيان "عدن التاريخي" يمكننا إيجازها بالتالي : 1-التوقيت الذي تم فيه الإعلان"إعلان عدن التاريخي" اثر قرارات رئاسية بإقالة الأخ اللواء عيدروس والأخ هاني بن بريك.. وهنا تبرز أيضا مبررات تقول أن التجمع الشعبي "المليوني" الذي شهدته ساحة الحرية بخورمكسر(عدن) وإعلان "عدن التاريخي" قد يكون سببه المباشر قرارات اقالة الأخوين اللواء عيدروس وهاني بن بريك لكن هناك أسباب اخرى غير مباشرة تتعلق ب .. بروز مخاوف أن تتواصل مثل هذه القرارات الرئاسية لتشمل إزاحة آخرين ممن يحسبون ضمن قيادات الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية(مدنيين وعسكريين).
ولا يمكن تجاهل أيضا آثار الفساد الفاضح والمستفز لكل الناس داخل الحكومة وأجهزتها وفي التعيينات التي تمت والتي تعكس هي الأخرى صور الفساد الحكومي(تعينات) الأهل والأقارب في مواقع قيادية في الحكومة وفي الهيئات الدبلوماسية ومواقع أمنية وعسكرية..
2- اما الملاحظة الثانية فتتعلق بما ورد في نص بيان تشكيل مجلس رئاسة الكيان السياسي وبالذات ما يتعلق بمنح المجلس حق "إدارة الجنوب" ويضاف له أيضا ما تردد على لسان قيادات في هذا المجلس ومن وجود نية لتشكيل مجلس عسكري وأمني.
وهي ملاحظات بينت المخاوف من توسيع مهام المجلس ليشمل مهام الحكومة والسلطات المحلية والتي تخضع لإدارة رئيس الجمهورية ممثل الشرعية المعترف بها إقليميا ودوليا.
أن الإعلان عن الكيان السياسي الجنوبي في الوقت الذي يشكل من حيث المبدأ تحول إيجابي لصالح القضية الجنوبية ألا انه أيضا لا بد من مراعاة توفير ضمانات نجاحه واستمرأه ليقوم بدوره والمهام المناطة به .. وهنا تبرز الحاجة والأهمية إلى توسيع الحوار المجتمعي بين مختلف مكونات المجتمع الجنوبي من خلال آلية العمل الديمقراطي والقبول واستيعاب تعدد الآراء والأفكار التي تستهدف تطويره وبما يمكن من القبول والتعامل معه باحترام على مستوى الداخل الجنوبي ومع الشرعية ممثلة بالأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ومع الشركاء في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية والدور البارز إيجابيا في هذا التحالف ممثلا ب دولة الإمارات العربية المتحدة .
كما اننا أرى كذلك أن يهتم هذا الكيان اضافة إلى أهمية توصيل آرائه حول القضية الجنوبية للمجتمع الاقليمي والدولي وضمان دعمهم لحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم .
فبالإضافة إلى أهمية أن يكون هذا الكيان الجنوبي جاهزا ومستعدا للتعامل مع هذا الاستحقاق الهام.
فإن عليه أيضا الاهتمام بقضايا المواطنين الجنوبيين ومعاناتهم التي تشمل كل ما يتعلق بحقوقهم الحياتية الإنسانية .. وكذا مكافحه الفساد داخل المجتمع وبالتركيز في الحرب على الفساد داخل رموز الحكم والسلطة وفي المجتمع بحيث يتم ذلك ضمن برنامج لهيئات هذا الكيان السياسي الجنوبي لمراقبة عمل الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات الجنوبية وبالذات ما يتعلق - كما أشرت - بحقوق الجنوبيين الحياتية والمعيشية والصحية والأمنية وإعادة الأعمار وتوفير كل الخدمات العامة الضرورية .. ومراقبة الإنفاق والإيرادات للمؤسسات الحكومية ، وضمان توظيف كل الإيرادات لصالح توفير ما يحتاجه المواطنين والمدرجة ضمن حقوقهم الإنسانية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مختلف مناطق الجنوب .. إضافة إلى دور هذا الكيان السياسي وتشكيلاته المختلفة في دعم خطط وبرامج التحالف والإسهام في خطط إفشال الانقلاب وعوده الشرعية.
واجد نفسي هنا مستطردا لما تناولته في مقالتي هذه مطالبا الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي بإعادة النظر في وضع الحكومة وتقييم أدائها والوقوف أمام الفساد الذي يتخلل عملها ونشاطها والعمل على تصحيح الأخطاء التي ارتكبت والفساد الذي انتشر فيها .. وإعادة النظر في كل التعيينات التي تتعارض مع القوانين وبعيد عن معايير الكفاءة والنزاهة واستغلال الوظيفة العامة بمخالفة القوانيين وبالذات في التعيينات التي تمت في مختلف مواقع الحكومة المدنية والدبلوماسية .
فهذا الفساد وهذه الأخطاء وهذا القصور في تحمل المسؤولية شكل التراكم الذي بسببه برز الغضب العام في الجنوب.. فنحن في مرحلة حرب ولسنا في حاجة إلى هذه الحكومة الموسعة والقيادات الكثيرة التي لا تقوم بأي عمل مفيد والسفارات الكثيرة وكادرها الموسع الذي أستهدف أبناء وأقارب المسئولين !!. على حساب توفير حاجيات المواطنين الحياتية والضرورية..
وهنا أود التأكيد أيضا على بعض الملاحظات التي أجدها مهمة وضرورية لضمان تحصين هذا الكيان السياسي وبما يمكنه من أداء دوره ومهامه وأهدافه وتجاوز التحديات التي ستواجهه وهي :
1- لابد أن يكون هذا الكيان جنوبي بعيد عن كل الامراض الحزبية والمناطقية والعنصرية والعشائرية...ومستوعبا لتمثيل قوى التغيير والديمقراطية وحق تقرير المصير.. وبالذات الشباب والشابات والنساء ومنظمات المجتمع المدني ومستوعبا لكل شرائح وفئات ومكونات المجتمع الجنوبي.. لضمان أن يكون إطاراً تمثيلية لكل الجنوبيين بعيدا عن أي تفكير أو نظرة اقصائية لمجرد الخلاف في الرأي.
2- الكيان السياسي يجب أن يكون إطارا ديمقراطيا يستوعب الجدل والحوار مع كل الأفكار والآراء المتعلقة بالقضية الجنوبية والأخذ بمبدأ التوافق والقواسم المشتركة في صنع القرارات والرؤى والأفكار والمواقف داخل مختلف حلقات وهيئات هذا التكتل السياسي ...دون محاولة التسيد لاي فكر او موقف او رؤى .. والله الموفق..