بكى بكاء شديداً ونام على عبراته وهو يردد أشتي ثياب العيد ، نام ونامت هموم أمه بين أضلاعها ، لم تنم الأم تلك الليلة فالعيد لم يتبق منه إلا أيام ، ولم تجد الأم ما تقدمه لأطفالها ، فكيف بكسوة العيد ؟! تقلب الابن على أحزانه ، والأم تنظر إليه وتحتضنه وهي تبكي وتردد ، سأشتري لك ثياباً ، قالتها وهي لا تدري من أين ستشتري فالأب راح ضحية نزاع الساسة ولم يترك لهم راتباً ولم يترك لزوجته إلا طفلين وهموماً كجبال الدنيا ، هدهدته بين يديها ، وهو نائم ويردد أريد ثياباً أريد ثياباً ، مرت الأيام وطحنت بدورتها أفراح الأسرة ، ولم يطرق أهل الخير الباب لعلهم يأتون بفرحة العيد ، لعلهم يزيلون هماً ، ويزرعون بسمة . كل يوم يمر تنتهي آمال الأم ، والكآبة تتسع دائرتها على وجه الصغير ويزداد بكاؤه ، فأولاد الجيران يتحدثون عن ملابسهم وجمالها وألوانها ، والطفل اليتيم يسمع هذا الكلام وتموت فرحته فيأتي إلى أمه ويجدها تبكي ، ولم يجد مكاناً إلا حضنها فيتوسده وينام وهي تضمه وتكرر وعدها سأشتري لك يا روحي وعمري بدلة ، فلا تحزن ، نام الطفل نومة الراحة بين أحضان أمه ، وهي تكرر وعودها فالغد هو يوم العيد ، ولم تتبق إلا ليلة ، طُرق الباب فقامت أمه سعيدة نحو الباب وإذا بفاعل خير قد أحضر بدلات للأطفال ، فأخذتها وذهبت فرحة وهي تردد قم يا عمري فالبدلة قد جاءت قم يا عمري فهذا اليوم هو أسعد أيام حياتي قم لأقيس البدلة وأهذبها قم قالتها الأم وهي تقلب قلبها بين يديها وهو لا يتحرك ، وقفت واجمة وهي تردد طفلي قم فهذا عيد ، قلبي قم فالبدلة قد جاءت ، قم فلا تحرق قلبي ، قم لأقيس البدلة قم لتحيا أفراحي ضمته وصاحت صيحة قتلت أفراح العيد ، طفلي لا تذهب فالعيد بدونك أحزان ، قالتها وهي تردد آآآآه ما أقسى العيد ألهذا الحد يقتل أطفالي يقتل أفراخي يقتل سر حياتي ...