بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    ثلاثة مكاسب حققها الانتقالي للجنوب    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    إلى رئيس الوزراء الجديد    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بهجة الزمن في تاريخ مدينة عدن (الحلقة الاولى)
نشر في عدن الغد يوم 29 - 07 - 2017

لا يخفى على الجميع ما تحويه مدينة عدن من تاريخ ضارب في أعماق الزمن، ولعلي في حلقات متتالية استعرض بعضاً من تاريخ عدن وأعلامها حتى نتعرف على هذه المدينة، فإذا عرفنا ما حدث لهذه المدينة عبر التاريخ سندرك ماهي المأساة التي عانتها عدن وأهلها قديماً وقد تكون نفس الأسباب التي تقف خلف مأساتها حديثا لكن بلباس جديد وأدوات جديدة.
ولعلنا في الحلقة الأولى نتناول مقدمة عن مدينة عدن ولمحة مختصرة عنها:
فعدن مدينة تقوم على شبه جزيرة صغيرة في أقصى الجزيرة العربية كانت في تاريخها قبل الاسلام وبعده من مراكز التجارة العالمية ومحطاتها بين الشرق والغرب على مدخل البحر الاحمر الجنوبي، ولذلك فقد كانت سواحل عدن مليئة بالخيرات وقد وصف بعضهم سواحل الأندلس بأنها عدنية
قال أبو عبيدٍ البكري: الأندلس شاميةٌ في طيبها وهوائها، يمانيةٌ * في اعتدالها واستوائها، *هنديةٌ في عطرها وذكائها، أهوازيةٌ في عظم جبايتها، صينيةٌ في جواهر معادنها، عدنيةٌ في منافع سواحلها، فيها آثارٌ عظيمةٌ لليونانيين أهل الحكمة وحاملي الفلسفة، وكان من ملوكهم الذين أثّروا الآثار بالأندلس هرقلس، وله الأثر في الصنم بجزيرة قادس وصنم جلّيقية، والأثر في مدينة طرّكونة الذي لا نظير له.
وتعتبر (عدن) أهم منفذ طبيعي على البحر العربي والمحيط الهندي وتتحكم بطريق البحر الاحمر
وتنبع أهمية عدن كونها ميناء تجاري من أهم الموانئ في المنطقة وهي من أهم أسواق العرب في الجاهلية والاسلام.
وقد ورد ذكرها في سفر (حزقيال ) في العهد القديم كأحد أهم المدن ذات العلاقة التجارية مع صور في لبنان، حيث كانوا ينقلون من الجنوب وهو اليمن وحوض المحيط الهندي وإفريقية الشرقية اللبان والطيب والبخور حيث لم يكن في الارض أكثر طيبا ولا أحذق صناعاَ للطيب من عدن، والجلود وثياب عدن النفيسة وتوابل الهند ورقيق إفريقية والصمغ والعاج، كما كانوا ينقلون من الطائف الزبيب ومن مناجم بني سليم الذهب كل ذلك كانوا ينقلونه إلى حوض البحر المتوسط، ويعودون محملين بالأسلحة والقمح والزيت والخمر والثياب القطنية والكتانية والحريرية.
ومعلوم أن عدن لا تمتلك أي موارد طبيعية تذكر ولكن موقعها بين مصر والهند جعلها ذات أهمية كبيرة لوقوعها في طريق التجارة القديم.
ومن خلال هذا الموقع البحري المهم فقد قام أهل اليمن القدماء بدور التاجر والوسيط واشتهرت عدن كسوق تجاري كبير مما جعلها بمثابة حلقة الوصل بين قارات العالم القديم، فكانت مرفأ لمراكب تجار الهند وبلدة التجار، فلهذا يجتمع إليها الناس ويحمل إليها متاع الهند والسند والصين والحبشة وفارس والعراق، وقال الاصطخري بها مغاص اللؤلؤ.

تعريف ومعنى عدن في المعجم الوسيط
عدن:
ع د ن : عدنت بالبلد توطنته وبابه ضرب
وعَدَنَتِ الإبل بمكان كذا لزمته فلم تبرح ومنه (جنات عدن)أي جنات إقامة ومنه سمي المَعدِن بكسر الدال لأن الناس يقيمون فيه الصيف والشتاء
عدن البلد: توطنه
عَدَنَ الارض : سمًدها
عَدَنَ الحَجَرَ: قلعه
عَدًنَ به الارض :ضربها به
عدن : عمل في المعادن
عدن الشجرة :أفسدها بالفأس
قال السمعاني في الانساب( ) :
عدن بفتح العين والدال وفي اخرها النون نسبة الى زيد وهي بلدة من بلاد اليمن وقد ورد في الحديث
(نار تخرج من المشرق تسوق الناس الى قعر عدن)( )
وجاء في قلائد الجمان :قال الزهري:
وكان لعدنان سبعة أولاد وهم :معد وهو الذي على عمود النسب وعك واسمه الديث وعدن وبه سميت عدن على احد الاقوال وأد وأبي والضحاك والعيً( )
وجاء في تاريخ المستبصر
أقوال في سبب تسمية عدن واسماءها منها
عدن سميت عدن الا بعدنان لما بناها سماها على اسم ابنه عدن
عدن :بن سنان ابن ابراهيم عليه السلام وكان اول من نزلها نقله ياقوت الحموي
عدن :بن سنان بن نفيشان بن ابراهيم نقله ياقوت عن ابن الكلبي
عدن روى عبدالمنعم عن وهب ان الحبشة عبرت في سفنهم فخرجوا في عدن فقالوا :عدونا فسميت عدن بذلك نقله ياقوت الحموي
عدن قيل اسم اشتقت من عاد
عدن قيل لان اول من حبس بها رجل يقال له عدن فسميت به
عدن اسم أشتق من المعدن وهو معدن الحديد قاله ابن المجاور
عدن هي فرضة اليمن
عدن تسمى حبس فرعون( )
عدن سيف البحر
عدن من مساكن العرب القديمة
التي منها درجوا إلى سائر الأقطار اعلم أن مساكن العرب في ابتداء الأمر كانت بجزيرة العرب الواقعة في أواسط المعمور وأعدل أماكنه وأفضل بقاعه، حيث الكعبة الحرام وتربة أشرف الخلق نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وما حول ذلك من الأماكن.
وهذه الجزيرة متسعة الأرجاء ممتدة الأطراف يحيط بها من جهة الغرب بعض بادية الشام حيث البلقاء، إلى أيلة، ثم بحر القلزم الآخذ من أيلة حيث العقبة الموجودة بطريق حجاج مصر إلى الحجاز إلى أطراف اليمن، حيث طيّ وزبيد وما داناهما.
ومن جهة الجنوب بحر الهند المتصل به بحر القُلزم المقدم ذكره، من جهة الجنوب إلى عدن إلى أطراف اليمن حيث بلاد مهرة، من ظفار وما حولها.
ومن جهة الشرق بحر فارس الخارج من بحر الهند إلى جهة الشمال إلى بلاد البحرين، ثم إلى أطراف البصرة، ثم إلى الكوفة من بلاد العراق.
ومن جهة الشمال الفرات آخذاً من الكوفة على حدود العراق إلى عانة، إلى بالس من بلاد الجزيرة الفراتية، إلى البلقاء من برية الشام، حيث وقع الابتداء.
ودور هذه الجزيرة، فيما ذُكر في تقويم البلدان، سبعة أشهر وأحد عشر يوماً تقريباً بسير الأثقال، فمن البلقاء إلى الشراة ثلاثة أيام، ومن الشرا إلى أيلة نحو ثلاثة أيام، ومن أيلة إلى فرضة المدينة النبوية نحو عشرين يوماً،
ومنها إلى ساحل الجُحفة إلى جُدة - فرضة مكة المشرفة - ثلاثة أيام، ومن جدة إلى عدن نحو من شهر، ومن عدن إلى سواحل مهرة نحو من شهر، ومن مهرة إلى عمّان من البحرين نحو من شهر، ومن عمان إلى هَجر - قاعدة البحرين - نحو من شهر، ومن هجر إلى عبادان من سواد العراق نحو خمسة عسر يوماً، ومن عبادان إلى البصرة نحو يومين، ومن البصرة إلى الكوفة نحو اثنتي عشر يوماً، ومن الكوفة إلى بالس نحو عشرين يوماً، ومن بالس إلى سَلَميّة نحو سبعة أيام، ومن سَلَمية إلى مشارف غوطة دمشق نحو أربعة أيام، ومن مشارف غوطة دمشق إلى مشارف حوران ثلاثة أيام، ومن مشارف حوران إلى البلقاء نحو ثلاثة أيام.( )
عدن من اشهر أسواق العرب قبل الاسلام( )
قد كان للعرب في الجاهلية اسواق يقيمونها في شهور السنة وينتقلون من بعضها الى بعض، ويحضرها سائر قبائل العرب من بعد منهم ومن قرب
ذكر الألوسي كثيرًا من هذه الأسواق ومواقيتها، فمما ذكره من هذه الأسواق:
1- دومة الجندل: كانوا ينزلونها أول يوم من ربيع الأول، وكانت تستمر نصف شهر أو شهرًا، ورؤساؤها غسان أو كلب، أي الحيين غلب قام. ويقال إن المبايعة فيها كانت ببيع الحصاة12.
2- سوق هجر: "بالبحرين" كانون ينتقلون إليها في شهر ربيع الآخر.
3- سوق عمان: كانوا يرتحلون من سوق هجر إليها، فتقوم بها سوقهم إلى أواخر جمادى الأولى.
4- سوق المشقر: "وهو حصن بالبحرين" تقوم من أول يوم من جمادى الآخرة. ورؤساؤها بنو تيم رهط المنذر بن ساوي.
5- سوق سحار: تقوم لعشرين يمضين من رجب لمدة خمسة أيام، وكانت لا يحتاج فيها إلى خفارة.
6- سوق الشحر: تقوم في النصف من شعبان، وكانت مهرة تقوم بها.
7- سوق عدن أبين: تقوم إلى أيام من رمضان، ومنها كان يحمل الطيب إلى سائر الآفاق.
8- سوق صنعاء: تقوم في النصف الثاني من رمضان.
9- سوق ذي المجاز: كانت بناحية عرفة إلى جانبها.
10- سوق مجنة: موضع قرب مكة، تقوم سوقها قرب أيام الحج، ويحضرها كثير من قبائل العرب.
11- سوق عكاظ: كانت من أعظم أسواقهم، وعكاظ واد بين نخلة والطائف وهو أقرب إلى الطائف. وكانت تقام أيام موسم الحج، وتحضرها كل القبائل، وبها كانت مفاخرة العرب، وحالاتهم، ومهادنتهم.
ولا شك أن هذه الأسواق كان لها أثر كبير من الناحية الاقتصادية فكانت بطبيعة الحال ذات تأثير فعال في حياة القوم ومعيشتهم، كما كان لها تأثير في النواحي العامة الأخرى للعرب، فإذا كانت القبائل تفد إليها للبيع والشراء، فلا يستبعد بالطبع ورود تجار أجانب من غير
العرب إليها، فقد كان الروم مثلًا يتوغلون في هذه الأرضين إلى مسافات بعيدة للبيع والشراء، كما كان يقصدها أناس من أماكن بعيدة بحثًا عن طلب أو ترويجًا لرأي.
قد استعمل أهل العربية الجنوبية النقود في معاملاتهم فاستعملوا نقودًا سكت من الذهب ونقودًا سكت من الفضة، وأخرى سكت من النحاس ومن معادن أخرى، وقد عثر على نماذج من كل نوع من هذه الأنواع، كما استعملوا نقودًا أجنبية أيضًا، وصلت إليهم بتعاملهم مع الأسواق الأجنبية. وقد عثر على بعض منها في مواضع من جزيرة العرب أكثرها يوناني أو روماني( )
وكانوا يتناشدون الاشعار ويتحاجون، ومن له اسير سعى في فدائه، ومن له حكومة ارتفع الى الذي يقوم بأمر الحكومة، وكان الذي يقوم بأمر الحكومة فيها من بني تميم، كان احدهم الاقرع بن جابس،كان هذا في سوق عكاظ ثم يقفون بعرفة ويقضون مناسك الحج ويرجعون الى أوطانهم. ( )
معارك السيطرة على عدن ومينائها
ادركت مملكة اوسان الاهمية الكبيرة لعدن ومينائها ولذلك أستطاعت أن تحتكر حركة التجارة البحرية
وأمتد النشاط التجاري الى ان وصل الى سواحل افريقيا فأصبحت تشكل خطر على جيرانها
بعد السيطرة التامة التي قامت بها مملكة أوسان على التجارة البحرية والتطور الذي حدث فيها احس الجيران بالخطر فقامت تحالفات لمواجهة الخطر المشترك من قبل دولة اوسان فكان التحالف الاولى من اجل السيطرة على ميناء عدن علما ان موضوع السيطرة على ميناء عدن ليس موضوع جديد بل هو قديم من قبل الميلاد
تحالف ضم (مملكة قتبان وحضرموت وسبا )
وكان الهدف من هذا التحالف هو ايقاف طموح دولة اوسان فقام المكرب السبئي (كرب ال وتر بن ذمار علي ) بإجتياح الاراضي الاوسانية وأمعن في هدم الاسوار وإحراق المدن وسلب الممتلكات كان هذا في القرن السابع قبل الميلاد كما جاء في نقش النصر
لكن التحالف لم يدم طويلا حيث ظهرت الصراعات وتمكنت قتبان من حسمها لصالحها ولقب ملوكها ب(ملوك قتبان وكل اولاد العم وكحد ودهسم وتبنو) ودهسم هي يافع وتبنو هي لحج حاليا لان مدينة تبن احراقها من قبل المكرب ولم يعد لها وجود
ويذكر المؤرخ عبدالله محيرز عن وجود نقش في متحف اللوفر في فرنسا
حيث أورد النقش عدن مقرونة بالصهاريج ويعود هذا النقش الى عهد (ياسر يهنعم) ملك سبأ وذي ريدان
حيث أورد النقش حادثة مطاردة قام بها الملك ياسر يهنعم للأحباش في ميناء عدن حيث كلف احد أشهر أقياله في حينه (حظين أو كن بن معاهد وذي خولان ) بالاتجاه الى عدن بعد أن خشي أن يطوق الاحباش الميناء
ويقول ذلك القيل انه أتجه الى الميناء هو وقبيلته ودافعوا عنه وقد نجحت مهمتهم ومزقوا مراكب الاحباش وقتلوهم ومن بقي منهم مات غريقا في البحر وتعتبر هذه المعركة هي الاولى من نوعها التي تصفها النقوش
وهناك الكثير من الاحداث التي وقعت والحروب للسيطرة على عدن
ففي سنة 275م اسقط الحميريون مملكة سبأ وسيطروا على عدن
671م سيطر الساسانيون على عدن
بن ذي يزن( ) يرسوا في عدن
وكان ذلك عندما عاد من بلاد فارس بقوة تعينه على استعادة ملك اليمن من الحبشة وكانت قد سارت ثمان سفن غرقت منها سفينتان وفيها ممائتا رجل ونجا منهم ستمائة ورست السفن الناجية في ساحل عدن وكان على قيادة الفرس ابن عم كسرى ويقال له خرزاد بن موسى وقيل (وهرز) فلما دخلو ا عدن أرسل بن ذي يزن إلى القبائل يخبرهم بقدومه ويستنجدهم وكان اول من اجابه السكاسك في جمع عظيم ونزلت إليه حمير وهمدان من جبالها فصاروا في أربعين الفا من اليمن فلما رأى خرزاد بن موسى كثرة من صار مع بن ذي يزن خاف وظن أن بن ذي يزن ليس له حاجة به الان فقال له بل انت معي حتى نظفر جميعا أو نموت فسر بمقالته( )
ربيعة ورؤيته
قال محمد بن إسحاق بن يسار المطّلبىّ( ) :
كان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التّتابعة، فرأى رؤيا هالته ، فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا منجّما من أهل مملكته إلا جمعه إليه، فقال لهم: إنى قد رأيت رؤيا هالتنى وفظعت بها، فأخبرونى بها وبتأويلها، قالوا له: اقصصها علينا نخبرك بتأويلها، قال: إنى إن أخبرتكم بها لم أطمئنّ إلى خبركم عن تأويلها، فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها، فقال له رجل منهم: فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشقّ، فإنه ليس أحد أعلم منهما ، فإنهما يخبرانه بما سأل عنه.
قال ابن هشام: واسم سطيح : ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب ابن عدىّ بن مازن بن غسّان . وشقّ بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قيس ابن عبقر بن أنمار بن نزار.
قال ابن إسحاق:
فبعث إليهما، فقدم عليه سطيح قبل شقّ، فقال له: إنى رأيت رؤيا هالتنى وفظعت بها فأخبرنى بها، فإنك إن قضيتها أصبت تأويلها، قال: أفعل؛ رأيت حممة ، خرجت من ظلمة، فوقعت بأرض تهمة ، فأكلت منها كلّ ذات جمجمة ؛ فقال له الملك: ما أخطأت منها شيئا يا سطيح، فما عندك فى تأويلها؟
قال: أحلف بما بين الحرّتين من حنش، لتهبطنّ أرضكم الحبش، فليملكنّ ما بين أبين إلى جرش»
، فقال الملك: وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن، أفى زمانى أم بعده؟ قال: لا. بل بعده بحين، أكثر من ستّين أو سبعين، يمضين من السنين، قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: لا. بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين، قال: ومن يلى ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قال: يليه إرم ذى يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك منهم أحدا باليمن، قال: أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع، قال: ومن يقطعه؟ قال: نبىّ زكىّ، يأتيه الوحى من قبل العلىّ( )، قال: وممن هذا النبىّ؟ قال: رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النّضر، يكون الملك فى قومه إلى آخر الدّهر، قال: وهل للدهر من آخر؟ قال: نعم، يوم يجمع فيه الأوّلون
والآخرون، يسعد فيه المحسنون، ويشقى فيه المسيئون، قال: أحقّ ما تخبرنى؟
قال: نعم، والشّفق والغسق، والفلق إذا اتّسق؛ إن ما أنبأتك به لحقّ.
ثم قدم عليه شقّ فقال له كقوله لسطيح، وكتمه ما قال سطيح، لينظر أيتّفقان أم يختلفان؟ فقال : نعم، رأيت حممة ، خرجت من ظلمة، فوقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة.
فلما قال ذلك عرف أنهما قد اتّففا، وأن قولهما واحد، فقال له الملك:
ما أخطأت ياشقّ منها شيئا، فما عندك فى تأويلها؟ فقال: أحلف بما بين الحرّتين من إنسان، لينزلنّ أرضكم السودان، فليغلبنّ على كلّ طفلة البنان، وليملكنّ ما بين أبين إلى نجران، فقال له الملك: وأبيك ياشقّ، إن هذا لنا لغائظ موجع، فمتى هو كائن أفى زمانى أم بعده؟ قال: لا. بل بعده بزمان، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذوشان، ويذيقهم أشدّ الهوان، قال: ومن هذا العظيم الشان؟ قال: غلام ليس بدنىّ ولا مدنّ يخرج عليهم من بيت ذى يزن، قال: أفيدوم سلطانه أم ينقطع؟
قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتى بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل، يكون الملك فى قومه إلى يوم الفصل، قال: وما يوم الفصل؟ قال: يوم تجزى فيه الولاة، يدعى فيه من السماء بدعوات، يسمع فيها الأحياء والأموات، ويجمع فيها الناس للميقات، يكون فيه لمن اتّقى الفوز والخيرات، قال: أحقّ ما تقول؟
قال: إى وربّ السماء والأرض، وما بينهما من رفع وخفض، إنّ ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض ، قال: فوقع فى نفس ربيعة بن نصر ما قالا، فجهّز بنيه وأهل بيته
إلى العراق بما يصلحهم، وكتب إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور، فأسكنهم فى الحيرة، فمن بقية ولد ربيعة بن نصر النّعمان بن المنذر.

إرياط في عدن لإبادة اليهود في اليمن
لما مات الصّبّاح ملك بعده ابن عمّ له فاسق، وقيل: إن الذى ملك لخنيعة ذو شناتر، قال: ولم يكن من أهل بيت الملك، فأغرى بحبّ الأحداث من أبناء الملوك، ، ولم يزل على هذه الطريقة المذمومة حتّى نشأ غلام من أبناء ملوك حمير اسمه زرعة ابن كعب ويدعى ذا نواس؛ سمّى بذلك لأنه كان له ذؤابتان تنوسان على عاتقه، وكان وضيئا، فاستدعاه لمثل ما كان يدعو اليه غيره، فجعل تحت أخمصه سكّينا، فلمّا خلا به الملك واثبه ذو نواس فقتله ثم حزّ رأسه، وكان له كوّة يشرف منها على عبيده إذا قضى حاجته من الغلام الذى يكون عنده ويضع مسواكا فى فيه، فلمّا قتله ذو نواس جعل السواك فى فيه، وجعل رأسه فى تلك الكوّة
فملك عليهم ذو نواس زرعة هذا. قال: ولمّا ملك واستتبّ له الأمر فارق عبادة الأوثان ودخل فى دين اليهوديّة وقتل من كان فى بلاد اليمن على دين عيسى ابن مريم عليه السلام ممن امتنع من موافقته، ثم قصد نجران وبها عبد الله بن الثامر وأصحابه وهم على دين عيسى عليه السلام، فسألهم الدخول فى اليهوديّة فامتنعوا، فقتل عبد الله بن الثامر بالسيف وأضرم للباقين نارا عظيمة فألقاهم فيها، وهم أصحاب الأخدود الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه العزيز فقال: (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ. إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ. وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ.وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )
. قال: ولم ينج منهم إلا نفر قليل.
قالوا: ثم إنّ أحد الناجين من نجران- ويعرف بدوس بن ذى ثعلبان- قصد قيصر ملك الروم مستنجدا به، ومعظّما عنده ما جرى على قومه وهم على دينه، فاعتذر اليه ببعد دياره وقال: سأكتب لك الى ملك على دينك قريب من ديارك، فكتب الى النجاشىّ ملك الحبشة، فلمّا عرض عليه الكتاب وحدّثه بما جرى على أهل ملّته غضب وحمى لأهل دينه، وندب من جنوده سبعين ألف رجل مع
ابن عمّه أرياط ، وتقدّم إليه بأن يقتل كلّ من باليمن على دين اليهوديّة، فركب أرياط فى البحر حتى انتهى الى عدن فأحرق السفن وقال: يا معشر الحبشة، العدوّ أمامكم، والبحر وراءكم، ولا منجى لكم إلّا الصبر حتى تظفروا أو تموتوا كراما.
قال: والتقوا واقتتلوا فانهزمت حمير بعد حرب عظيمة وقتل منهم خلقا كثيرا.
قال: واقتحم ذو نواس البحر بفرسه وقال: والله الغرق أفضل من أسر السّودان، فغرق. وكان ملكه مائتى سنة وستين سنة، وهو آخر من ملك اليمن من قحطان. فجميع ما ملكوا من السنين ثلاثة آلاف سنة واثنتان وثمانون سنة.
واستولت الحبشة على ملك اليمن ففرّق أرياط الأموال على أشراف الحبشة وحرم الضعفاء، فجمع أبرهة أحد قوّاد الحبشة جمعا منهم وخرج على أرياط وحاربه فقتله أبرهة بيده واستولى أبرهة على ملك اليمن( ).

ثم خضعت عدن للحكم الاسلامي منذ البداية وصولا الى الدولة الاموية والعباسية وحدثت احداث و
اخضعت عدن للدولة العباسية وهكذا استمرت الاحداث في عدن
ففي عام 206ه ارسل المأمون جيش من ألف فارس ليخضع عدن والمناطق الممتنعة
وفي 410ه سيطر بنو معن بن زايدة على عدن وباقي مناطق جنوب الجزيرة العربية جنوب اليمن
وبعدها اسقطها الصليحيون ثم استغل بها الزريعيون واستمر حكمهم لها حوالي اربعين سنة ثم كانت لأل ايوب بيد توران شاه وبعدها للرسوليين حيث استعادة عدن مكانتها خلال حكم الرسوليين حيث بنوا المدارس وحفروا الابار وانتعشت التجارة وبعدها تمكن بنو طاهر من السيطرة على عدن
حيث تمكن الملك الظافر عامر بن عبدالوهاب من صد البرتغاليين عن عدن
وبعد سقوط الطاهريين لم يتبقى في ايديهم الا مدينة عدن الى ان سقطت بيد العثمانيين وكان هدف العثمانيين هو منع البرتغاليين من السيطرة على عدن
ثم سيطر على عدن القاسميون ثم اخرجوا منها
وكذلك تعرضت عدن للعديد من الهجمات لغرض السيطرة عليها وعلى مينائها ومدخولاتها من قبل القبائل المحيطة بها مثل قبائل يافع وماجاورها وكذلك قبائل دثينة وكان هناك حروب ومعارك كبيرة ولعل اشهرها معارك علي بن الفضل الخنفري
وكانت ايام عصيبة على عدن واهلها ولعل الاحداث التي تمر بها عدن هذه الايام هي امتداد لتلك الايام والحروب التي قامت من اجل السيطرة والنفوذ في عدن

قصر عدن من عجائب قوم عاد
ورد في كتاب هذا هو تاريخ اليمن (الأرهاص) ص 273 وهو يتكلم عن قوم عاد وعظمتهم وقوتهم والعجائب التي وجدت عندهم وأول ما ذكر عجايب قوم عاد ذكر قصري لحج وعدن ثم قال وهما من أهم قصور قوم عاد وقد ذكر في أكثر من مرجع منها (اثار البلاد واخبار العباد) جاء ذكر ذلك في معرض كلام طويل حول اليمن ، وفي خلافه الخليفة معاوية بن أبي سفيان بعث عبدالرحمن بن الحكم واليا على اليمن .
فبلغه أن بساحل عدن قصرين من قصور قوم عاد وأن في بحرها كنز فطمع وذهب في مائة فارس الى ساحل عدن فرأى ما حولها من الأرض سياخا بها آثار الآبار ورأي قصرا مبنيا بالصخر والكلس وعلى بعض أبوابه صخرة عظيمة بيضاء مكتوب عليها
غنينا زماناً في عراضة ذا القصر ... بعيشٍ رخيٍّ غير ضنكٍ ولا نزر
يفيض علينا البحر بالمدّ زاخراً ... وأنهارنا بالماء مترعةٌ تجري
خلال نخيلٍ باسقاتٍ نواضرٍ ... تأنّق بالقسب المجزّع والتّمر
ونصطاد صيد البرّ بالخيل والقنا ... وطوراً نصيد النّون من لجج البحر
ونرفل في الخزّ المرقّم تارةً ... وفي القزّ أحياناً وفي الحلل الخضر
يلينا ملوكٌ يبعدون عن الخنا ... شديدٌ على أهل الخيانة والغدر
يقيم لنا من دين هودٍ شرائعاً ... ويؤمن بالآيات والبعث والنّشر
إذا ما عدوّ حلّ أرضاً يريدنا ... برزنا جميعاً بالمثقّفة السّمر
نحامي على أولادنا ونسائنا ... على الشّهب والكمت المعانيق والشّقر
نقارح من يبغي علينا ويعتدي ... بأسيافنا حتى يولّون بالدّبر
ثم مضى إلى القصر الآخر وبينهما أربعة فراسخ، فرأى حوله آثار الجنان
والبساتين. قال: فدنونا من القصر فإذا هو من حجارة وكلس غلب عليه ماء البحر ورأينا على بابه صخرة عظيمة عليها مكتوب فيها ابيات شعرية
حكاية :
حكى الشعبي في كتاب سير الملوك: أن شداد بن عاد ملك جميع الدنيا وكان قومه قوم عاد الأولى زادهم الله بسطة في الأجسام وقوة حتى قالوا من أشد منا قوة. قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً
. وأن الله تعالى بعث إليهم هودا نبيا عليه الصلاة والسلام فدعاهم إلى الله تعالى، فقال له شداد: إن آمنت بإلهك فماذا لي عنده؟ قال: يعطيك في الآخرة جنة مبنية من ذهب ويواقيت ولؤلؤ وجميع أنواع الجواهر. قال شداد: أنا أبني مثل هذه الجنة ولا أحتاج إلى ما تعدني به.

قال: فأمر شداد ألف أمير من جبابرة قوم عاد أن يخرجوا ويطلبوا أرضا واسعة كثيرة الماء طيبة الهواء بعيدة من الجبال ليبني فيها مدينة من ذهب. قال: فخرج أولئك الأمراء، ومع كل أمير ألف رجل من خدمه وحشمه، فساروا في الأرض حتى وصلوا إلى جبل عدن، فرأوا هناك أرضا واسعة طيبة الهواء، فأعجبتهم تلك الأرض، فأمروا المهندسين والبنائين، فخطوا مدينة مربعة الجوانب دورها أربعون فرسخا من كل جهة عشرة فراسخ، فحفروا الأساس إلى الماء وبنوا الجدران بحجارة الجزع اليماني حتى ظهر على وجه الأرض ثم أحاطوا به سورا ارتفاعه خمسمائة ذراع وغشوه بصفائح الفضة المموهة بالذهب فلا يكاد يدركه البصر إذا أشرقت الشمس، وكان شداد قد بعث إلى جميع معادن الدنيا، فاستخرج منها الذهب واتخذه لبنا، ولم يترك في أحد من الناس في جميع الدنيا شيئا من الذهب إلا غصبه، واستخرج الكنوز المدفونة، ثم بنى داخل المدينة مائة ألف قصر بعدد رؤساء مملكته كل قصر على عمد من أنواع الزبرجد واليواقيت معقودة بالذهب طول كل عمود مائة ذراع، وأجرى في وسطها أنهارا، وعمل منها جداول لتلك القصور والمنازل، وجعل حصاها من الذهب والجواهر واليواقيت وحلى قصورها بصفائح الذهب والفضة، وجعل على حافات الأنهار أنواع الأشجار جذوعها من الذهب وأوراقها وثمرها من أنواع الزبرجد واليواقيت واللآلىء. وطلى حيطانها بالمسك والعنبر وجعل فيها جنة مزخرفة له وجعل أشجارها الزمرد واليواقيت وسائر أنواع المعادن، ونصب عليها أنواع الطيور المسموعة الصادح والمغرد، وغير ذلك، ثم بنى حول المدينة مائة ألف منارة برسم الحراس الذين يحرسون المدينة، فلما كمل بناؤها أمر في مشارق الأرض ومغاربها أن يتخذوا في البلاد بسطا وستورا وفرشا من أنواع الحرير لتلك القصور والغرف، وأمر باتخاذ أواني الذهب والفضة، فاتخذوا جميع ما أمر به، فلما فرغوا من ذلك جميعه خرج شداد من حضرموت في أهل مملكته، وقصد مدينة إرم ذات العماد، فلما أشرف عليها ورآها قال: قد وصلت إلى ما كان هود يعدني به بعد الموت، وقد حصلت عليه في الدنيا، فلما أراد دخولها أمر الله تعالى ملكا، فصاح بهم صيحة الغضب، وقبض ملك الموت أرواحهم في طرفة عين، فخروا على وجوههم صرعى. قال الله تعالى: وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى
وذلك قبل هلاك عاد بالريح العقيم، وأخفى الله تعالى تلك المدينة عن أعين الناس، فكانوا يرون بالليل في تلك البرية التي بنيت فيها معادن الذهب والفضة واليواقيت تضيء كالمصابيح، فإذا وصلوا إليها لم يجدوا هناك شيئا.
وقد نقل أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له عبد الله بن قلابة الأنصاري دخل إليها وذلك أنه ضلت له إبل، فخرج في طلبها، فوصل إليها فلما رآها دهش وبهت ورأى ما أذهله وحيره، وقال في نفسه: هذه تشبه الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين في الآخرة، فقصد بابا من أبوابها، فلما وصل إليه أناخ راحلته، ودخل المدينة، فرأى تلك القصور والأنهار والأشجار، ولم ير في المدينة أحدا. فقال: أرجع إلى معاوية وأخبره بهذه المدينة وما فيها، ثم حمل معه شيئا من تلك الجواهر واليواقيت في وعاء، وجعله على راحلته وعلم على المدينة علامة، وقال قربها من جبل عدن كذا، ومن الجهة الفلانية كذا، ثم انصرف عنها بعدما ظفر بإبله، ثم دخل على معاوية رضي الله تعالى عنه بدمشق، وأخبره بجميع ما رآه، فقال له معاوية: في اليقظة رأيتها أم في المنام؟ قال: بل في اليقظة، وقد حملت من حصبائها وأخرج له شيئا مما حمله من الجواهر واليواقيت فتعجب معاوية من ذلك، ثم أرسل إلى كعب الأحبار رضي الله تعالى عنه، فلما دخل عليه قال له معاوية يا أبا إسحاق: هل بلغك أن في الدنيا مدينة من ذهب؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، وقد ذكرها الله عز وجل في القرآن لنبيه صلى الله عليه وسلم بقوله عز من قائل: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
. وقد أخفاها الله تعالى عن أعين الناس، وسيدخلها رجل من هذه الأمة يقال له عبد الله بن قلابة الأنصاري، ثم التفت، فرأى عبد الله بن قلابة فقال: ها هو يا أمير المؤمنين، وصفه واسمه في التوراة ، ولا يدخلها أحد بعده إلى يوم القيامة. وقيل: إن ذلك كان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وأن الرجل الذي دخلها حكى ذلك لعمر بن الخطاب فلم ينكره ولا من كان حاضرا بل قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخلها بعض أمتي، والله سبحانه وتعالى أعلم.( )
المراجع
_ تعريف بالاماكن الواردة في البداية والنهاية.
_ نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب.
_ الأنساب للصحاري.
_ المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام.
_ الامتاع والمؤانسة.
_ تاريخ الادب في الجاهلية لشوقي ضيف.
_ أثار البلاد وأخبار العباد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.