لا يجب أن نقزم رموزنا الجنوبية الأدبية أو السياسية أو العسكرية بحسب الانتماء المناطقي أو القبلي، لأنهم أصحاب مواقف تتجاوز المنطقة والقبيلة بالمفهوم الضيق، وليكن موقفنا منهم حسب مواقفهم الواضحة إزاء قضايا الوطن المصيرية وتجاه أهداف شعبنا التي وحدّته وخرج من أجلها عن بكرة أبيه في وجه نظام عفاش وقدم قوافل الشهداء والجرحى والأسرى من أجل انتصارها، وعلى أساس هذا القاسم الوطني المشترك يجب أن نحدد موقفنا من هذا الشخص أوذاك.. فلَسْتُ مع القائد عيدروس الزُّبيدي لشخصه أو لأنه ضالعي، بل أنا معه لأنه مناضل جنوبي فذ، وقف ويقف مع قضية شعبنا التي عانى بسببها وحَمِلَ من أجلها روحه على أكفه ، سواء حين كان مقاوماً أو حين أصبح محافظاً لعدن تحت مظلة (الشرعية) أو بعد إقالته وتبوأه رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، وطالما بقي موقفه كذلك فأنا معه وإلى جانبه. وبالمثل لَسْتُ مع المحافظ عبدالعزيز المفلحي لشخصه أو لأنه يافعي أو ضالعي، بل أنا معه وأقف إلى جانبه لأنه مناضل جنوبي لا يقلل أو ينكر دوره إلا جاحد، وقف مع قضية شعبنا بصلابة ودافع عنها بشراسة سواء حين كان ضمن قيادات الحراك الجنوبي في الخارج، أو عند تعيينه مستشاراً للرئيس أو من موقعه الحالي كمحافظ مُعيّن من قبل الرئيس عبدربه منصور هادي ، كما كان سلفه معينا من قبل الرئيس نفسه، ولن أقف ضده طالما بقي وفياً لقضية شعبنا ويخدمها من موقعه المتاح له اليوم كمحافظ، كما كان موقف سلفه المحافظ السابق عيدروس. لا خلاف بين الاثنين، ولا اختلاف عليهما، والاثنان على السواء، الزُّبيدي والمفلحي، جاءا من طينة الحراك الجنوبي ومن صلب مقاومته الباسلة، مثلما جاء قبلهما إلى منصب محافظ عدن كل من: المناضل المقاوم نايف البكري، ثم المناضل المقاوم الشهيد جعفر محمد سعد(رحمه الله). شخصياً أعرف الاثنين واعتز بهما، وتجمعهما صفة التواضع والطيبة التي يشعر بها كل من عرفهما، وكذلك فقد تعرفت على الشيخ عبدالعزيز المفلحي قبل أربع سنوات، مطلع عام 2014م حينما زرت المملكة العربية السعودية لتكريمي بجائزة مؤسسة أحمد بن عبدالحكيم السعدي(رحمه الله)، وأتذكر كيف استقبلتني الجالية الجنوبية والاحتفاء بتكريمي في الرياض، تحت علم الجنوب، بدعم وإشراف من الشيخ عبدالعزيز المفلحي، وصادف أن حضر حفل تكريمي صديقي الإعلامي عادل اليافعي الذي وصل للتو حينها إلى الرياض قادما من الإمارات العربية المتحدة.. وما زالت كلمات (أبى عُمَر) المعجونة بهوى الجنوب العربي والداعية إلى التشبث بحق شعبنا الجنوبي في حريته واستقلاله تتردد في ذاكرتي وذاكرة كل من حضر ذلك الحفل..ناهيك عن مواقفه الداعمة كمناضل جنوبي عرَّفتنا به أعماله ومواقفه الجنوبية الواضحة التي لا غبار عليها خلال سنوات الحراك السلمي ضد نظام المخلوع علي عبدالله صالح، حيث انبرى ينافح ويدافع عن قضية شعبنا وكان من أشد المنافحين عن حريته واستقلاله، وسخر من أجل ذلك وقته وماله وفكره ، وكان من الداعمين الرئيسيين لفعاليات ونشاطات الحراك السلمي ومن رموز البارزة في الخارج. كما اعتز بعلاقتي بالقائد عيدروس الزبيدي، الذي ملأ اسمه الأسماع وأرعب قوى الاحتلال خلال المواجهات مع جحافلهم في جبهة الضالع الأبية. ثم تشرفت بالتعرف عليه حين التقيته لأول مرة في منزل رفيق دربه محافظ عدن المقاوم نائف البكري في 2سبتمبر2015م عقب أفراح الانتصار على الغزاة الحوثيين، حينما جاء بعدد من قوات المقاومة ودعم وترسيخ الأمن فيها، وكان ما يزال حينها ببزة المعركة وما زال وجهه ملفعا بغبار المعارك وينضح بعرق الخنادق الممزوج برائحة البارود. ومن محاسن الصدف أن كنت في ذلك اللقاء أيضاً مع صديقي الإعلامي عادل اليافعي الذي جاء لتغطية أفراح النصر. ثم تكررت اللقاءات مع القائد عيدروس بعد تسنمه مسئولية محافظ عدن في ظرف عصيب عقب استشهاد سلفه القائد جعفر محمد سعد، وتشرفت بأن أكون ضمن الاسماء التي اختارها لعضوية المجلس الاستشاري لمحافظة عدن، الذي بدأ نشاطه برئاسة الأستاذ نجيب يابلي وعقد عدة اجتماعات، ثم توقف بعد إقالة عيدروس، ولا أدري هل سيستأنف نشاطه أم لا؟!!. وأتذكر حينما ذهبت بمعية أصدقائي أعضاء اللجنة العسكرية الجنوبية التي يرأسها صديقي اللواء صالح علي زنقل، ونائبه الصديق صالح محسن القاضي لمقابلة القائد عيدروس مساء3 مايو2017م، عشية مليونية 4مايو، أنني قلت له حينها ومن القلب:" إننا لسنا مع قرار إقالتك الذي صدر في اليوم المشئوم 27إبريل، لكن كما يقال رب ضارة نافعة، وهدفنا أكبر من منصب محافظ وها أنت محل اجماع كثيرين لتتصدر العمل من أجل توحيد قوى ومكونات الثورة الجنوبية في كيان واحد طال انتظاره، وربما يكون نجاح ذلك على يديك لما تحظى به من مكانة وتقدير، والحمد لله أن البديل المعيّن كمحافظ هو عبدالعزيز المفلحي، جاء هو الآخر من صف الحراك ونعرفه جميعا ونعرف مواقفه تجاه قضية شعبنا، وينبغي أن نساعده طالما جاء بقرار من الرئيس كما جئت أنت، وأن تتظافر جهود الجميع كلا من موقعه الجديد للعمل في هذا الظرف الدقيق بالتنسيق مع الأشقاء في دول التحالف العربي وشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، للوصول بقضيتنا إلى بر الأمان ".. بل وتمنيت أن يكون عيدروس ضمن المرحبين بالمفلحي طالما وهدفنا الجنوب..لكن ليس كلما يتمنى المرء يدركه، حتى بالنسبة للقائد عيدروس وللمحافظ المفلحي!!. وما زلت عند موقفي ذلك النابع من مصلحة العاصمة عدن ومصلحة قضية شعبنا التي يجب أن تتظافر من أجلها جهود الجميع بلا استثناء، كلا من موقعه، بعيداً عن التهور السياسي أو الاندفاع العاطفي أو الانسياق وراء مكائد الأعداء الساعين لتفتيت اللُّحمة الجنوبية، وأن نضع الأسس الصحيحة والمتينة لتحقيق أهداف وتطلعات شعبنا في وطن يتسع لكل أبنائه على قاعدة التوافق والشراكة الجنوبية ومعايير الكفاءة والاخلاص ووضع المناسب في المكان المناسب، وتوطيد العلاقة مع الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الممهورة بالدماء والتضحيات المستمرة وصولاً إلى تحقيق الأهداف المشتركة ومواجهة الأخطار المهددة لمنطقة الجزيرة والخليج ومكافحة الإرهاب وضمان أمن واستقرار المنطقة، مع تشبثنا بحق شعب الجنوب في استعادة سيادته على أرضه كعامل حاسم لأمن المنطقة.