أعجبني جدا هذا الشعار ، وهو ينتصب شامخاً في وسط منطقة القرن عند مدخلها الغربي ، يقابلك وأنت متجه في طريقك إلى مسجد محمد بن عمر ، والقرن هي ضاحية أو حيًٌّ من أحياء مدينة سيؤن ، يتميَّز هذا الحي بمزارعه وبساتينه الخضراء ، في السابق قبل وصول الكهرباء إلى وادي حضرموت ، يتخذه سكان أهل البلاد ، وهم سكان سيؤن الأصليون ، منتزها يقصدونه في أوقات الخريف أيام الصيف ، لهوائه الجميل ، لدرجة أنّ كثيرا من شعراء الوادي تغنوا به ، ومن بينهم أبوبكر سالم بلفقيه ( ياالقرن ياريتك تقع لي سكن .......) معظم سكانه من العمال والفلاحين ، ولاسيما عمال البناء ، ويشتهر منهم الكثير كمعالمة بناء ويشار إليهم بالبنان كالمرحومَيْنِ عوض سالم بارمادة ، هادي سالم الخديد وكثيرون غيرهم ، ومن أشهر الأسر القاطنة في حي القرن ، آل بارمادة ، آل الخديد ، آل بريك آل السقاف ، آل خباه ، آل سلمي ....... ، ويتصف أهل القرن بتدينهم الشديد ، ومحافظتهم على العادات والتقاليد المفيدة التي نشأوا عليها ، ورفضهم العادات الغريبة التي وفدت إليهم بعد عام 90 م ، كظاهرة تعاطي القات ، التي انتشرت بشكل مخيف جدا في أوساط الشباب الحضرمي كإنتشار النار في الهشيم ، وصارت تهدد قيم الأباء والأجداد ، قيم الصدق والأمانة والإستقامة والجدية والشهامة، وغيرها من القيم . وحيٌّ القرن ليس مستثنىً ، فقد بٌلِيَ بعض شبابه بعادة تعاطي القات ، هذه العادة القبيحة المضرة صحيا وإقتصاديا ونفسيا وجسديا ، وصاروا فئة معزولة ينظر إليهم الجميع في هذا الحي بإزدراء وإحتقار ، وبأنهم فئة شاذة خارجة عمَّا عاش عليه آباؤهم وأجدادهم ، ومن الصعوبة بمكان أن يٌرَحََّبَ بأحدهم ، في حالة تقدمه خاطبا لإحدى فتيات الحي بغرض الزواج ، وهي ظاهرة تكاد تكون عامة بين جميع سكان القرن ، ممايدفع الكثير من هولاء الشباب البحث عن زوجة من خارجه . عادة تعاطي القات القبيحة انتشرت للأسف بشكل كبير في البوادي والحواضر من حضرموت ، وأخذت أسواق القات تنافس مفارش بيع الخضرة والفواكه داخل المدن ، وشٌوًّهَ المنظر الجمالي لهذه المدن بتراكم مخلفات القات ومنظر المخزنين . وللقات تأثيرات على الإنسان بشكل عام تنحصر في قسمين : بدنية ونفسية . التأثيرات البدنية ( الجسدية ) سرعة ضربات القلب وخفقانه وإرتجافه وزيادة ضغط الدم ،سرعة التنفس، إرتفاع حررارة الجسم ، زيادة إفرازات العرق ، إتساع حدقة العين ، إلتهاب الفم والمعدة ، الإمساك ، وهو من أهم أعراض تعاطي القات حيث يشكو منه كل ماضغيه ، تليف الكبد ،فقدان الشهية للأكل مما يجعل بنية المتعاطي ضعيفة ، فيؤثر ذلك سلبا على طاقتهم في العمل، فقدان الرغبة الجنسية وحدوث السيلان المنوي ( السلس) التأثيرات النفسية ( العصبية ) الانتعاش المؤقت ،زيادة اليقضة ، الميل إلى التواصل الإجتماعي ، الثرثرة ، زيادة النشاط ، الهيجان والقابلية للتهيج، القلق والأرق . (( ماخوذ من كتاب : السياسة الشرعية في مواجهة تعاطي القات في اليمن د . هناء سالم باحميد ص 65 ، أطروحات جامعية الإصدار : دار حضرموت )) كما إن للقات تأثيرات إجتماعية ، فمتعاطو القات حتماً يعيشون في إطار بيئة محدودة ، معزولين عن باقي أفراد المجتمع ، وبعيدين عن أطفالهم وأسرهم ساعات طويلة ، ممايؤثر سلبيا عاى تربية الأطفال ، وعلاقاتهم داخل أسرهم . أضف إلى ذلك أن مدمن القات ، هذه المادة التي توصف بانها مخدرة ، قد يلجأ إلى استخدام الطرق والوسائل الغير قانونية والمحرمة للحصول على المال ، كالرشوة والسرقة والإحتيال والتقطع ، بل لايستبعد أن يلجأ إلى القتل ، ممايساعد عاى انتشار الجريمة في المجتمع ، وضياع القيم والأخلاق وفساد النفوس . أمَّا الآثار الإقتصادية كثيرة ، لكنَّ أهمها وأبرزها ، إنَّ متعاطي القات ولاسيما محدودي الدخل منهم ، يعجزون عن الوفاء بإلتزاماتهم وتعهداتهم المالية تجاه أسرهم وأولادهم ، ممايعكس نفسه على استقرار الأسرة وتماسكها ومستقبل الأولاد بشكل عام . ولهذه الأسباب مجتمعة ، يحق للأبن أن يطلب من أبيه ألاّ يخزن ، حفاظا على صحته وتماسك الأسرة ومستقبله ، كمايحق للأب والأم أن يقولا لأبنائهما لاتخزنوا ولاتٌلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، نحن في حاجة إليكم والبلاد كلها محتاجة إليكم ، وحضرموت في انتظاركم ، ومن حق الجميع محاربة هذه العادة القبيحة بكل الطرق الممكنة والمشروعة ، تبدأ أولاً بإخراج بائعي القات من داخل المدن إذا لزم الأمر بالقوة وتحريم البيع داخلها، وفرض ضرائب تصعيدية ، لكن هذا للأسف يحتاج ألى دولة حاضرة بكل سلطاتها الأمنية والعسكرية والقضائية ، وهذا غير موجود ، وهنا يأتي الدور الشعبي الضاغط ، مع العلم أنها تجارة رابحة وتلقى الحماية من قبل قوى متنفذة سياسية وعسكرية .