سيثير هذا القرار حتما كغيره من القرارات جدلا واسعا وغضبا شديدا بين مدمني القات وتجاره ، وفي المقابل ترحيبا كبيرا من قبل قطاعات واسعة من المواطنين والمنظمات التي تحارب هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة التي بٌلِيَت بها اليمن والمصنفة دوليا من المواد المخدرة ومحضور تعاطيها وتداولها. تعاطي القات وانتشاره الواسع في اليمن أحد الأسباب الرئيسية لتخلف هذا البلد المنكوب بحكامه ، وبمشاكله الإجتماعية والإقتصادية والصحية ، حيث يسبب تعاطي القات وإدمانه مشاكل أسرية لاحدود لها قد تؤدي الى الطلاق وتشتت الأسر ، إذ يقضي متعاطو القات ساعات طويلة بعيدا عن أطفالهم وأسرهم ، ممايؤثر على مستقبلهم وصحتهم النفسية ، كما إن تعاطي القات وإدمانه يكون سببا في الفساد الإداري وانتشار الرشوة بشكل كبير في صفوف الموظفين ، وانتشار القتل والتقطع ، فكثير من الشباب المتعاطين لهذه المادة المخدرة عاطلون عن العمل يضطرون للحصول علي المال بطرق غير مشروعة ، كما للقات آثار إقتصادية خطيرة جدا ، تستهلك زراعته كميات كبيرة من المياه على حساب كثير من المحاصيل الزراعية كالحبوب والخضروات والفواكه التي تشكل غذاء رئيسيا للمواطن ، أضف إلى ذلك فهو يشكل عبئا إقتصاديا ثقيلا على ميزانية الأسرة في ظل عدم استقرار الأسعار وارتفاعها المستمر ، كما له أضرار صحية ونفسية خطيرة جداً ، قد يٌصَاب متعاطو القات بسرطان اللثة ، وبالأمراض النفسية ولاسيما الإكتئآب الذي قد يؤدي الى الجنون أو الإنتحار . قرار تقنين تعاطي القات وتحديده بيومين في الأسبوع في محافظة عدن ، لا شك أنه قرارشجاع ومطلوب ، لكن السؤال المطروح من السهل جداً اتخاذ مثل هذا القرار ،و لكن هل هناك قدرة على تنفيذه ومعاقبة مخالفينه ؟ في ظل غياب سلطة الدولة الأمنية والقضائية وضعفها في كثير من المواقع هنا يأتي التحدي الحقيقي . هناك حادثة طريفة حصلت في محافظة عدن ذات دلالة هامة ترمز إلى قوة الدولة ، قبل الوحدة كان تعاطي القات في عدن وبعض المحافظات مسموحاً فقط يومي الأثنين والخميس ، وممنوعا مطلقا في بعضها كحضرموت التي دخل إليها بعد عام 90 م ، يقال إن مقاولاً يدعى الأحمدي ، تحدى هذا القرار فخرن في الأيام الممنوعة ، تم القاء القبض عليه من قبل سلطات الأمن في عدن ، تمت محاكمته ، فكان الحكم تغريمه فلساً واحدا والسجن عدة سنوات ، نفذ الحكم وبعدها لم يجرؤ أحد علنا على الإطلاق على مخالفة هذا القرار ، هل السلطات الأمنية والقضائية في محافظة عدن قادرة على اتخذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة الخارجين عن هذه القرارات ، وخاصة المواطنين من ذوي العيار الثقيل . وما أحوج محافظة حضرموت إلى مثل هذه القرارات الشجاعة ، هل سيعملها المحافظ بن بريك وخاصة في المكلا ومديريات الساحل ، سيدخل التاريخ من اوسع أبوابه ، ولاسيما وقد تولى الملف الأمني أبناؤها ، اما مديريات الوادي فالأمور تختلف نوعا ما ، فالملف الأمني يتحكم فيه آخرون حيث تكثر النقاط العسكرية عند مداخل المدن وتتشعب الطرق وستكون هناك عراقيل عند التنفيذ ، لقد افسد القات شباب هذه المحافظة وانتشر بشكل كبير وتسبب في مشكلات كثيرة لم تعهدها المحافظة ،ففي مدينة سيئون شبابها معروفون بالألفة والتجمع والعشيات والسمر وخاصة ليلة الخميس على فناجين الشاي الحضرمي والحنضل ، استبدل بعض الشباب الذين وقعوا ضحية لهذه الشجرة اللعينة ، هذه العادة الجميلة بجلسات تخزين القات التي لاتخلو من منغصات ومشاكل بدل أن تكون جلسات أنس وسمر . نحن نشعر أنه صعب جدا اتخاذ قرار بمنع بيع القات أو تحديد تعاطيه بيومي الأثنين والخميس ، نظرا لغياب الدولة بأجهزتها الأمنية والقضائية وضعف أدائها في محافظة حضرموت ، وبالأخص مديريات الوادي ، فالأفضل من السلطات المحلية في المحافظة والمديريات مدعومة بجهود شعبية نقل اسواق القات إلى مناطق بعيدة خارج المدن ومنع بيعه داخل المدن بشكل نهائي واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعاقبة المخالفين على طريق تقنين تعاطيه .