الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمثل واجب الشباب الثائر تجاه الجيل الصاعد
مبادرات شبابية نحو يمن بلا قات!
نشر في الجمهورية يوم 18 - 12 - 2012

أفضل مكان يستطيع أن ينتصر فيه الباطل على الحق هو الجمجمة الفارغة والجيوب الخاوية...ولما يحضر الحديث عن ضرورة توعية الجيل الجديد وحمايته من أضرار تعاطي القات تكبر أصداء العبارة السابقة؛ لكنها تظل أضعف أثراً أمام أصداء المبادرات الشبابية في إطار مشروع قراري بالتعاون مع مؤسسة يمن بلا قات، مما يسعى إليه الشباب المشارك على طريق خلق جيل واع عازف عن تعاطي القات وقادر على الإسهام الفاعل في دفع المجتمع والدولة لحشد الطاقات والإمكانيات لاستبدال شجرة القات بما يخدم تحقيق الأمن الغذائي لليمن فما هي طبيعة مهمة القائمين على تنفيذ المشروع؟ وهل يمكن أن يكون خطوة أولى على طريق معالجة مشكلة تتطلب معجزة في الحاضر وتحتاج وعياً يتمدد وجدانياً في ربوع اليمن السعيد وعبر خارطة العقل أولاً لمنع القات من اكتساح كل جميل ونافع في بيئتنا الطبيعية المختلة وبيئتنا الاجتماعية؟
التوعية حماية
إن وعي الإنسان بإضرار تعاطي القات يحميه من شر الوقوع في حبائل الإدمان وشراك الإنفاق العبثي على وهم الاستئناس بوريقاته الخضراء وهدر المال على حساب أولويات بناء أسرة سعيدة هذا ما شجع على ظهور المبادرات الشبابية في إطار المشروع الذي شهد على بلورته سليمان صالح الجميلي بالتعاون مع مؤسسة يمن بلاقات بهدف نشر الوعي في أوساط طلاب المدارس بتلك الأضرار والاستعانة بالنخبة المثقفة في الجامعات لضمان إيصال الوعي إلى أبعد مدى بجهد يتناسب مع حجم الأضرار والمؤشرات السلبية المرتبطة بتزايد أعداد من يتناولون القات والمتضررين من هذه العادة الأمر الذي جعل من الضروري حسب قول سليمان صالح أن يثبت الجيل الجديد للعالم أن العقل اليمني لم يتوقف عن النمو منذ اكتسح القات شجرة البن وأحرق الأرض وباتت اليمن تستورد معظم احتياجاتها الغذائية وهو ما يبرر حماية الجيل الجديد من تعاطي القات مع إمكانية أن تصل الحكومة في الفترة القادمة إلى رؤية حول الحد من التوسع في زراعة شجرة القات والبدء بإقناع بعض مزارعيها في بعض مناطق صنعاء بإمكانية استبدال زراعة الشجرة بمحاصيل أخرى وهو ما هدفت إليه مؤخراً زيارة وزير الزراعة الميدانية وبعد نقاش تكونت فكرة إيجابية وقابلة للبديل.
قراري مشروع ناجع
“مشروع قراري” حسب قول سليمان صالح جاء حسب قول بالتعاون مع مؤسسة يمن بلاقات وبدأ بفكرة وكأي عمل إيجابي هادف إلى تحقيق مصلحة الناس فإن هذه الفكرة تنمو وتتجه نحو خلق وعي يشكل أرضية صلبة للتحرر من أعباء تناول القات من اكتساب قناعات وثقافة جديدة وسائل الإعلام معنية بدعم هذا التوجه كون الإعلام أداة من أدوات تغيير السلوك وفي هذا الاتجاه تم تدريب “ 150 شخصاً” والبدء بالنزول الميداني لحشد الدعم من قبل الأكاديميين في الجامعات ليكونوا عوناً في التوعية بأضرار تعاطي القات وفي المرحلة الأولى الاهتمام منصب على مدارس أمانة العاصمة وبعدها التوسع في برنامج التوعية على مستوى المحافظات.
طلاب المدارس والمثقفين
- الجيل الجديد من طلاب المدارس والنخبة المثقفة في الجامعات كهدف لنشر الوعي بأهمية الإقلاع عن التخزين أو المشاركة في التوعية والتخفيف من عدد مرات تعاطي القات مسألة مهمة حسب رأي سليمان صالح ذلك أن هؤلاء يمثلون مستقبل الوطن وعقله الواعي ومن أوجب واجباتنا جميعاً نصل بالوعي إلى أبعد مدى ممكن من حيث إن انفاق كثير من الناس على شراء القات يؤدي افقار السرة وزيادة أسباب الانفلات والتفكك ألسري وإضعاف وتفكيك الروابط الاجتماعية والانحرافات السلوكية والتسول وأطفال الشوارع وجر الأطفال إلى التخزين أحد صور المشكلة، إضافة إلى الأمراض النفسية وسوء التغذية، وهناك دراسات نفذتها منظمات مجتمع مدني توصلت إلى نتائج تؤكد أن مشكلة القات تسبب في تدمير المجتمع اليمني.
جيل واع مسلح
- وعن التقاء أهداف مشروع قراري مع الطرح القائل بأن المشكلة تتطلب توافقاً في المجتمع لتحقيق أهداف بعيدة المدني قال الأخ سليمان:
- نحن نركز على إيجاد جيل واع مسلح بثقافة عميقة قادر على حماية ذاته من أضرار القات والتأثير في محيطه فالشاب حينما يقلع عن القات أو يشارك في التخفيف من تعاطيه إلا في أيام الجُمع أو الخميس تكون قد تحققت خطوة له ونأمل أن نصل قريباً إلى إجراءات حكومية تمنع القات في الدوائر الرسمية وبحيث لا يسهل على محدودي الدخل الوصول إلى أسواق القات والأفضل إعادة العمل بالدوام الرسمي السابق حتى الرابعة عصراً إلى جانب منع القات في المعسكرات ومن المفيد أن تقوم أمانة العاصمة بنقل أسواق القات إلى ضواحي المدينة مع جهود التوعية بأضرار القات في أوساط الشباب ولهذا نسعى لدعم أساتذة الجامعات من أجل خلق جيل واعي ضد القات ..جيل يملك قراره.
أفكار مقنعة
- وبشأن القائمين على المبادرات الشبابية قال سليمان: هم شباب متعلمون حصلوا على التدريب وسيقومون بتسويق أفكار مقنعة حول أضرار القات وهم في جماعات كل واحدة من عشرة أشخاص بعضهم كان يحضر التدريب وهو مخزن ومقتنع بالمشاركة ويبدي استعداده للمزيد... المتدربون “الموالعة” منعوا لما منعوا من تعاطي القات وجدت لديهم القابلية خلال مدة التدريب بل وجدنا قابلية في المجتمع من خلال التفاعل وحضور أعراس بلا قات ومؤخراً أقيم العرس الخامس وكان الحاضرون كثرا حتى ممن لا صلة له بأهل العرس وأهله ولكن لتأييد هذا السلوك الإيجابي بالمشاركة في الأفراح دون تناول القات حتى أن بعض الحضور بقي نحو 3ساعات وقد تفاعل الإعلام مع هذه التجارب ما يعني أن مزيد من التوعية سيؤتي ثماره لأن القابلية لتغيير السلوك موجودة لدى الناس.
- رؤية وطنية
- وحول إمكانية وجود رؤية وطنية للحد من المشكلة ككل قال صاحب فكرة “ مشروع قراري”:
- من الناحية القانونية الأمر متروك لأهله أما من الناحية الاجتماعية فيمكن القول إن التخفيف من تعاطي القات والحد من التوسع في زراعته فهو ممكن وإن كان بإمكان منظمات المجتمع المدني أن تقوم بخطوات منظمة لزيادة الوعي إلا أن الحكومة تستطيع اتخاذ إجراءات عملية عندما يكون هناك وعي أكبر لدى الناس من مختلف الفئات والشرائح وحينها يمكن أن تتخذ الحكومة قرارات تتيسر البدائل للمزارعين..
- ولعل إخراج أسواق القات من المدن سيخفف تلقائياً من تعاطيه بداية ولابد من استراتيجية وخطط متدرجة يتفاعل معها المجتمع؛ لأن زراعة القات تمثل مصادر دخول لأعداد من الناس، مزارعون تجار وسطاء وآخرون يقدمون خدمات مختلفة كما أن الدولة تحصل إيرادات كبيرة من ضرائب القات.
- التمييز بين الضار والنافع
- منال عبدالكريم عضو فريق توعوي تؤكد أن الوعي بأضرار تعاطي القات هو الغائب بدليل أن أناسا كثيرين يتمنون لو أن الزمان يعود إلى الوراء لما اعتادوا على تعاطي القات.
وتضيف:
- نحن كشباب مشاركين في تنفيذ المبادرة الشبابية للتوعية بأضرار القات حصلنا على التدريب المناسب ولدينا قناعات بأن الجيل الجديد يحتاج إلى حكمة التمييز بين الضار والنافع ولا يكفي الإقناع بما للقات من آثار سلبية على من يتعاطاه ولكن الأهم امتلاك القدرة على تطبيق ما يستوعبه.. الوعي المنشود نتمنى أن يعكسه الشباب في حياتهم اليومية كثقافة والثقافة سلوك وليس مجرد معلومات في الرأس... وما بدأناه كفريق من أجل التعريف وشرح مخاطر إدمان القات أو قل أضراره أعتبره واجبا على الشاب والفتاة أن يساهم في التوعية بمشاكل التخزين وأضراره الصحية والاقتصادية والاجتماعية وهذا ما نزلنا من أجله إلى مدارس في أمانة العاصمة.
- وإذا كان الهدف الآن غرس قناعات لدى ثمانية آلاف طالب من خلال عشر مبادرات شبابية تمتلك القدرة على الإقناع بضرورة الإقلاع عن القات فمن الطبيعي أن الطلاب مستهدفون بالوقاية واكتسابهم الوعي الكافي بنشر الوعي فيمن حولهم.
- تفاعل ملموس
- إن التفهم الذي وجدناه في الخطوات الأولى من النزول لبعض المدارس لا بأس به.. الفرق واعية بدورها والتفاعل ملموس من طلاب المدارس والمعاهد والمبادرة التي تنفذ فكرتها مع مؤسسة يمن بلا قات يصاحبها توزيع كتيبات عن جوانب وآثار أضرار تعاطي القات وكمشكلة بل يمكن القول إنها كارثة لا يدركها كثير من الناس فكثير من الأمراض يتسبب القات فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة جراء معاناة الأسرة نتيجة غياب وعي الآباء كما أن العناية الصحية بالمرضى النفسيين لا تحقق نجاحاً بسبب القات والمشاكل الاجتماعية أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر بالنسبة للدارسين والأكثر وعياً من الناس ونحن نوعي الطلاب بكل ما يحتاجونه حتى لا يقعوا في شراك تخزين القات؛ إذ عادة ما يقتنع الصغار بأن القات يساعدهم على التركيز في المذاكرة ونحو ذلك حتى يغدو مدمناً...والمبادرة تعكس ما يقع على الأطفال نتيجة التشرد والإهمال حينما يكون أولياء الأمور من متناولي القات ونركز على إقناع المخزن بأن يقلع عن التخزين أو المشاركة في التوعية أو الامتناع عن القات معظم أيام الأسبوع مع العمل على إقناع الآخرين بأضرار القات..
- التوعية تعزز القناعات
- وترى منال أن اشتراكها في التوعية بأمراض السرطان أيضاً يعزز قناعاتها بما تقوم به لأن استخدام المبيدات في زراعة القات وغيرها تتطلب توعية فيه في مختلف محافظات ومديريات الجمهورية حضراً وريفاً ما يعني ازدياد الحاجة لدور وسائل الإعلام في نشر الوعي والاستمرار في تناول هذه المسائل.. إن رسالة التنوير حين تصل إلى أوسع مدى فإنها تعين الإنسان على الخروج من ظلمة العادات السلبية وظلماتهم الفكرية.
الانجليز حجموا سلطاته والموالعة بسطوها على ربوع الوطن
القات ديكتاتور عابر للحقب
لم تعرف بداية حقيقية لزراعة القات في اليمن ولكن عرف منذ وقت مبكر أن له آثارا سيئة وسلبية على الذين يتناولونه لكن يحيى بن الحسين بن القاسم صاحب كتاب “غاية الأماني” يرجع ظهوره وانتشاره إلى سنة 950ه، وكانت مناطق تعز مصدره الأساسي وفي عهد الإمام المتوكل على الله شرف الدين حيث كان تعاطي القات قد تزايد وكذلك انغمس جماعة من خاصته في تناول المسكرات ولاحظ تغيير أحوالهم وعجزهم عن أداء واجباتهم في الديوان وانبرى البعض ليفسروا له ما حدث فقالوا له إن ذلك من تأثير القات ليدرأوا عن زملائهم فضيحة شرب الخمر فصاغ الإمام المتوكل فتوى بأن القات مسكر ونفذ أمره بإبادة شجرة القات في مناطق تواجده ومنها تعز خلال فترة سيطرته الأولى على تعز.
حرق أشجار القات في صبر
أحرقت شجرة القات في مناطق نفوذ الإمام المتوكل ومنها جبل صبر إلا أن بعض جذوره ظلت كامنة ووجدت من يرعاها وكان رد فعل الناس عاصفاً، وفي عام 1952ه كانت عودة الأتراك إلى تعز وتلاشى نفوذ الإمام المتوكل إلا أن الناس ظلوا أربعين سنة بعد فتوى الإمام يتعاطون القات سراً رغم أن زراعته عادت في جبل صبر.. فتوى الإمام المتوكل كانت أول إجراء رسمي في تاريخ المحاولات الجادة لمواجهة آفة القات في اليمن ويصعب الحكم عليها بالفشل التام بسبب الوضع السياسي وظهور آراء طبية اجتهادية تبرر تعاطيه مما أدى إلى زيادة التعاطف وأصبح تعاطيه هو الأمر الطبيعي ومع مرور السنوات والقرون فرض القات سلطته على اليمنيين وصارت مبررات القات في رأي الناس مزايا اقتصادية واجتماعية وظل طرف آخر على رأيه بأن القات مادة مخدرة سيما وأن بعض الدول العربية اعتبرته مادة مخدرة وحرمت دخوله إلى أراضيها في العقود المتأخرة.
مشكلة وطنية
جامعة الدول العربية ومن خلال المنظمة العربية للتنمية الزراعية من أهم الجهات المبادرة إلى إجراء دراسة متكاملة عن القات نفذها مختصون من مصر والسودان والأردن واليمن خرجت الدراسة باتجاهات عامة تجزم بأن القات مشكلة وطنية في اليمن تستدعي البحث الجاد في كيفية علاجها دون اندفاع أو ارتجال، واقترحت الدراسة بدائل محصولية ذات عائدات اقتصادية مباشرة على الأفراد توازي القات وأحياناً تتفوق عليها وأهمها زراعة العنب والبرتقال والتين والموز، وهناك بدائل تواصلت الدراسات والتجارب حول أهميتها حسب كل منطقة.
ثقة وطقوس خاصة
عموماً غدى القات من الانتشار بحيث ظهرت لغة خاصة به وبطقوس تناوله مثل كلمات: مكيف، مطنن، مولعي، مخذ، وكلمات كثيرة لم تكن لتظهر لولا عادة مضغ القات وانتشارها وسط جميع اليمنيين، وهذا مقياس شديد الوضوح لاستحكام العادة ومقياس لحجم العناء الذي يمكن أن تعود به هذه العادة على شيء في حياة الناس.
آثار وأضرار واضحة
لقد ظهرت آثار جلية مبكرة لأضرار القات فبدت معالمها على صحة الناس وطاقاتهم وأوقاتهم وأوضاعهم الاجتماعية والمالية.. القات أصبح عائقاً أمام كل محاولة لإحداث ثورة في مسلك اليمنيين حتى برزوا كأفقر شعوب المنطقة ولا يقاسون إلا بمواطني القرن الأفريقي في فاقتهم وأحوالهم.. وكل الحجج التي يتذرع بها المدافعون عن القات مردودة عليهم في نظر الباحثين ولم تجد لها قيد أنملة تتحرك فيها فالمتحدثون عن مزاياه الذهنية لم يقولوا ماذا قدم اليمنيون من جديد للبشرية كون معظم الناس وجدوا أنفسهم في حالة إدمان لا فكاك منها يأكلون القات لمجرد الأكل والتعاطي وليسوا معه على استعداد حتى لمجرد قراءة سطر في صحيفة أو حتى الحديث مع الجلساء والكثير لا يجدون وقتاً يقضونه مع أسرهم وأطفالهم وكلما انغمس الشخص فيه ازداد هجرة لهم وجر هذا المسلك إليه، وضم العواقب على تلك الأسر من الناحية النفسية والمادية وعلى العكس من ذلك أسر المتعاطين للقات.
كارثة المبيدات
إن الباحثين ينظرون إلى الاستخدام العشوائي للمبيدات في زراعة القات والتوسع في زراعته واستنزاف المياه الجوفية تنذر بكارثة سببها القات في اليمن ومن ملامحها اختفاء نظارة الوجوه وسرطان الفم.. فهل سيكون لمشكلة القات مكان ضمن محور المياه والبيئة والمساءلة الاقتصادية والاجتماعية في مؤتمر الحوار الوطني؟
وهل سيكون لثقافة القات بعد آخر في انماط البناء والمعيشة والعلاقات الاجتماعية و..و...الخ.
محسن العيني والقات
إن الخطأ النظر إلى عائدات القات منفصلة عن سطوته على الأراضي الزراعية واستنزاف المياه.. كما أن من المنطقي النظر إلى محاولة حكومة محسن العيني في صنعاء عام 1972م بمنع تعاطي القات من المعسكرات والدوائر الحكومية بأنه كان أفضل مما طبقه الانجليز في جنوب الوطن أثناء فترة الاحتلال حينما نظموا دخول القات وأيام تعاطيه في المدن أيام الخميس والجمعة ومنعوا دخوله إلى حضرموت والمهرة فلم يزرع هناك والمؤسف أن كل محاولات الحد من المشكلة كانت تنهار بدون مبررات كافية وأسوأها إلغاء الحظر على زراعة القات في المحافظات الجنوبية والشرقية بعد الوحدة، وأيقن بعض الكتاب بأن القات بات معيقاً لبناء الدولة المدنية.
القات يقود اليمن إلى نهاية عجيبة فهو يقود المتعاطين له إلى فقر محقق وتدهور اجتماعي ونفسي ونظرة عابرة إلى شوارع المدن اليمنية تريك كم هي متخمة بالمجانين وذوي العاهات النفسية.
تعاونيون:المطلوب إرادة وطنية لإحلال بدائل لزراعة القات!
مشكلة زراعة القات في اليمن متجذرة وأضرارها تتكاثر على مستوى حياة المتعاطين والبيئة ويمكن الحد من التوسع في زراعة القات من أجل الأمن الغذائي والمائي، إلى جانب وعي الإنسان بأضرار القات وتزايد تبعات تعاطيه حيث تؤكد التقارير أن سبعين في المئة ممن يتجاوزن سن البلوغ يتناولون القات ويهدرون مليارات على القات كما يهدرون ستة مليارات ساعة عمل سنوياً نتيجة تعاطيه. فهل من بدائل تمنع تفاقم المشكلة؟
قوة الإرادة
الشيخ عبدالكريم الأمين العام السابق لجمعية تنمية الزراعة المستدامة:
أقلعت عن القات عن قناعة وأرى بأن الغير يمكنهم ذلك بحيث يوجه دخله للإنفاق على أسرته وتحسين مستواها وهذا خيار شخصي يعتمد على الوعي وقوة الإرادة.
أما بالنسبة للأبناء فلابد من توعيتهم فهم جيل الغد الذين سيعملون على معالجة مشاكل اليمن ويحققون أمنه الغذائي ومن البدائل الممكنة للحد من التوسع في زراعة القات بل وتمكين المزارعين من أخذ زمام المبادرة لإيجاد بدائل في المناطق المرتفعة المعتمدة على مياه الأمطار ومن البدائل تلك زراعة أشجار اللوز بجانب شجرة القات والاستغناء عن زراعة القات تدريجياً كون محصول اللوز فائدته كبيرة كغذاء وقيمته السعرية مناسبة ولا يحتاج إلى مياه كثيرة.. أما في مناطق الأودية فإن استعادة مجد اليمن ممكن في زراعة البن اليمني ذي الجودة والشهرة العالمية والتجارب في الحالتين مشجعة وتتطلب إجراءات للحماية من المنتجات المستوردة قدر الإمكان في زمن تحرير التجارة ما يفرض التشجيع للمزارعين وتصنيف المنتجات المحلية والعمل من أجل التصدير لما ننتجه.
بدائل
وأضاف الشيخ عبدالكريم: المزارع معني بمزيد من الوعي والجهد والحكومة مطالبة بتفعيل وتطوير كل ما يضمن خلو المنتجات المصدرة من عيوب التعبئة والغش والتسهيل للمصدرين وتشجيع الإنتاج من أجل التصدير ومن ذلك تصدير العسل وإغراء الناس وتحفيزهم على اقتناء المناحل وزيادة الإنتاج والحفاظ على مواصفات وشهرة العسل اليمني.
ومن المهم أن تعمل الدولة على تخفيف الهجرة من الريف إلى المدن؛ لأن كثيرا من المهاجرين إلى المدن يتركون العمل في الزراعة ويسهل أمامهم إيجاد فرص عمل في أسواق القات والخدمات المرتبطة به، ويساعد على رواج القات تساهل الآباء والأمهات مع الصغار الذين سرعان ما يصبحون “موالعة” سواء في الريف أو المدن وحماية هؤلاء أولوية وبدون التوعية والتربية الجيدة لن يكون من السهل الحد من عدد المتعاطين للقات من قبل الشباب والطلاب والذين يمثلون نسبة كبيرة ومتصاعدة من عدد السكان، ومنهم من يهدرون الوقت في تعاطي القات على حساب التعليم والثقافة واكتساب المهارات العملية والحياتية التي تساعده في إبراز قدراته وميوله أو تؤهله لإتقان مهن مساعدة أو تخدم تخصصه المهني لاحقاً لكن البعض لا يجد الفرصة للتعلم لعدم اهتمام الأسرة والانفاق بسخاء على شراء القات.
إجراءات وتدابير
ويضيف قائلاً: نعم نحن نؤيد اتخاذ إجراءات وتدابير تحرم تناول القات في المؤسسات والمرافق العامة ومنها المعسكرات وغيرها وبذلك نساعد الآباء على حماية أطفالهم من القدوة السيئة ومن سوء التغذية وإهمال التعليم ومتطلبات التنشئة الجيدة للأبناء مما يتطلب توفير جزء من الدخل لهذا الغرض بدلاً من التعرض لأضرار القات؟
البنات أفضل من البنين
هناك قناعات بأن البنات أفضل من البنين في التحصيل العلمي رغم غرق الذكور في وهم القات كمساعد على الاستذكار، كما أن أبناء المخزنين من محدودي الدخل يتراجع مستواهم التعليمي من المرحلة الأساسية؛ لأن الأب منشغل عنهم في مجالس القات ومن المدرسين من هو مخزن ومهموم والبعض يعمل خارج دوامه في مهن مثل بيع القات وهذا ما يمس مكانته كمرب وذلك ينعكس على التلاميذ.
سياسات تخدم الأمن الغذائي
ويحذر الشيخ عبدالكريم من عدم إيجاد حلول وبدائل من قبل الدولة والمجتمع للحد من انتشار زراعة القات وتعاطيه فإذا لم توجد بجدية ووفق رؤية وطنية واضحة ومتكاملة فإن الخارج قد يغير نظرته إلى اليمن.. العالم بات أكثر تفاعلا مما تعانيه بلدان بسبب عدم قدرتها على تبني سياسات تخدم أمنها الغذائي والقات في نظر العالم مادة إما مكيفة أو عليها علامات استفهام.
وهو ما قيل عن زراعة الكاكاو في أمريكا الجنوبية حيث تم الضغط على دول هناك للحد من زراعته ويمكن أن نصل إلى يوم تمتنع دول عن تصدير الحبوب إلى اليمن وتكرار منع تقديم المساعدات والمنح مثلما حصل للبلدان التي كانت تزرع الكاكاو على حساب المحاصيل الاستراتيجية التي تحقق الأمن الغذائي.
الزراعة نشاط رئيسي
وأشار إلى أن الزراعة نشاط رئيسي وتراثنا الزراعي قابل للإحياء وأمام اليمنيين مهمة وطنية تتمثل في الحوار الوطني وإخراج البلد مما هو فيه ومن المأمول العمل مستقبلاً على معالجة القضايا ذات الصلة بتعاطي القات واتساع نطاق زراعته بسرعة كبيرة فيما تتفاقم مشكلة موارد المياه وتقلص المساحة المزروعة وإنتاج المحاصيل الأساسية.
نقل الأسواق
من جانبه يرى محمد عمير البرطي رئيس فرع الاتحاد التعاوني الزراعي بمحافظة تعز أن الممكن والأسهل هو حزمة الإجراءات المتوازية للتخفيف من تعاطي القات خاصة بين الشباب والحد من التوسع في زراعة القات وذلك بمزيد من برامج التوعية من مساوئ الإنفاق على تعاطي القات والتقليل من آثاره السلبية وتلك مهمة لا تقتصر على منظمات المجتمع المدني المعنية بجهد أكبر وإنما على الإعلام والتربية والتعليم وقادة الرأي وإفساح المجال للأدباء للإسهام في تنمية الوعي، إلى جانب اتخاذ قرارات نقل الأسواق الخاصة ببيع القات إلى ضواحي المدن كي يجد الإنسان الفقير ومحدود الدخل مانعاً من تعاطي القات يومياً بقناعاته قبل أن توجد بدائل للمزارعين ليندفعوا في إبدال شجرة البن وما كان يزرع من قبل مكان القات خاصة في المناطق الجبلية الصالحة تاريخياً لزراعة البن وغيره من المحاصيل.
المتنفسات تجذب الشباب
وأضاف البرطي: إن إيجاد المتنفسات للناس وأماكن قضاء أوقات ممتعة ومفيدة والتركيز عليها إعلامياً كفيل باجتذاب الكثير من الشباب والعائلات وإبعادهم عن تناول القات ودعم مثل هذا التوجه بحظر القات في أماكن رسمية ثم إقرار تناوله بعد حين خلال يومي الخميس والجمعة والإجازات الرسمية على الأقل في المدن لإيجاد حركة باتجاه العودة إلى الزراعة وانتاج البديل في المناطق الأقل اعتمادا على زراعة القات وبما يقدم نماذج ناجحة للتخلص من هذه الشجرة بالتدريج كضرورة؛ لأن التوعية لا تكفي في أوساط الطلاب كون تعاطي القات يتزايد في أوساط النساء، وما يسهل لصغار السن اكتساب العادة في الأسرة كأول مؤسسة لغرس القيم.
حاجة ملحة
ويرى البرطي أن التوعية حاجة ملحة لحماية صغار السن من عادة تناول القات ولكن في إطار رؤية متدرجة للحد من المشكلة ومستوعبة لحجم قوة العمل في زراعة وتجارة القات وتعاطيه وصعوبة ايجاد البديل للمزارع بدون تشجيع ودعم معنوي وخبرات وبذور أو شجيرات و..و.. الخ، لكن الصعوبات ليست هي المستحيل فالمستحيل أن لا يراجع اليمنيون أنفسهم ويعملوا من أجل تحقيق أمنهم الغذائي في يمن بلا قات ولو بعد حين يكون الوعي فيه قد أمن حاملاً اجتماعياً لمشروع نهوض حقيقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.