حضرموت بواديها وساحلها ، تمثل وحدة إدارية وجغرافيةوسياسية واحدة ويجمعهما هم واحد ومصير مشترك ، حتى في الفترة التي كانت حضرموت تُحْكَمُ من قبل دولتين ، الكثيرية والقعيطية ، كان هناك تعاون وتنسيق بينهما في كثير من الأمور والقضايا لمصلحة حضرموت كلها ، وُِحِّدَتا كغيرهما من السلطنات والمشيخات المتعددة في الجنوب في إطار دولة مركزية واحدة ، هي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ،في 30 نوفمبر 1967 م ، ثُمَّ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، على الرغم ما أصاب التجربة من تعثرات وسلبيات وأخطاء ، إلا أنه أهم مايميز تلك المرحلة ، هو الاستقرار الأمني وغياب الكثير من الجرائم التي باتت اليوم منتشرة بشكل واسع ، كجرائم القتل والتقطع والثأر والاستقواء بالسلاح الذي انتشر بشكل كبير ومخيف ، وغيرها من الجرائم التي يعود سببها إلى غياب الدولة بأجهزتهاالأمنية والعسكرية وضعفها ، وحضرموت ساحلها وواديها كغيًرها من المحافظات الجنوبية ، عاشت وتعيش حتى اليوم ظاهرة الإنفلات الأمني ، ولاسيما مديريات وادي حضرموت ، والذي تجلَّى بشكل بارز ، في انتشار فوضى السلاح وتكرار جرائم القتل والإختطاف والتقطع والإغتيالات والسيارات المفخخة ، وعودة ظاهرة الثأر البغيضة وإن كانت محدودة ، لكنها مؤشر خطير جدا ، لها دلالاتها الكارثية على حضرموت وأهلها . وقد أختفت هذه الظواهر المخلة بالأمن عن مديريات الساحل ، حيث تعيش وضعا أمنيا في غاية الهدوء والإستقرار ، بفضل الدور البطولي الذي يقوم به رجال النخبة الحضرمية وقوات المنطقة العسكرية الثانية من أبناء حضرموت المدعومين من قوات التحالف العربي ، بعد طرد تلك الجماعات المسلحة التي تسلمت مدينة المكلا وغيرها من مدن الشريط الساحلي ، بعد هروب القوات المكلفة بحمايتها المنتمية إلى المنطقة العسكرية الثانية . ونتجة لما يعيشه وادي حضرموت من فوضى أمنية ، وعجز السلطات المحلية والأجهزة الأمنية والعسكرية ، لوضع حد لهذه الجرائم والإنتهاكات بحق المواطنين في الوادي والصحراء ، توجه المواطنون بالعديد من الاستغاثات والمطالبات إلى السلطات المحلية بالمحافظة ، وإلى قوات النخبة الحضرمية وقوات التحالف بالتدخل السريع لإنقاذ الوادي من هذا المستنقع الذي أثار الرعب والخوف في نفوس الناس ، كما وُجِّهَت العديد من الإنتقادات للمحافظ لتركيز جهوده الأمنية ، لكونه محافظاً وقائداً للمنطقة العسكرية الثانية ، على مدن الساحل وترك الوادي يغرق في هذه الفوضى الأمنية ونزيف الدم ، ممادفع بالمحافظ البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية القيام بزيارة خاصة لمدينة سيؤن عاصمة الوادي التي استمرت عدة أيام في الأسبوع الماضي ، لإيجاد حلول عاجلة للوضع الأمني المضطرب في الوادي ، وقد عقد عددا من اللقاءات بالمسؤولين الأمنيين والعسكريين وغيرهم ، ويقال بأنه تم الإتفاق عاى وضع خطة أمنية ، لكن السؤال المطروح هنا ، هل ستنجح جهود المحافظ وجهود السلطات المحلية في معالجة هذا الملف ووضع نهاية أبدية لظاهرة الفلتان الأمني ونزيف الدم الحضرمي الذي لامبررله ، في ظل الوضع المعقد في الوادي وتعدد الولاءات ، وانتشار قوات المنطقة العسكرية الأولى التي لها أجنداتها الخاصة ، والتي يتهمها المواطنون بأنها المسؤولة عن ظاهرة الإنفلات الأمني ، لآمتلاكها الإمكانيات الكبيرة وانتشار نقاطها العسكرية في مساحات واسعة من الوادي من دون فعالية تذكر ، بل ذهب البعض بإتهامها مباشرة بمسؤوليتها عمَّا يجري من فوضى أمنية ، وخاصة المحافظ السابق لحضرموت بن بريك . إنَّ معالجة الملف الأمني في الوادي يحتاج إلى قرارات شجاعة وجريئة ، تتطلب تظافر جهود أكثر من جهة بعينها ، سياسية وعسكرية ومحلية ، وهل في مقدور المحافظ قائد المنطقة العسكرية الثانية لوحده القيام بذلك ؟ لا أعتقد ذلك ، ليس طعناً في شخصه وإخلاصه لحضرموت ، وإنما الموضوع له حساباته السياسية والعسكرية وإنعكاساته فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وتطوراتها ، ولاسيما وأنه تم إخراج كل القوات الشمالية من الجنوب ، ولم تبق إلا هذه القوة وبعض منها في محافظتي المهرة وسوقطرة . لابد من وضع معالجات جادة وسريعة لانتشال الوادي من هذه الفوضى الأمنية ، وأنَّ هذه القرارات الشجاعة والجريئة يجب أن تتمحور فيمايلي : 1- إنهاء الإزدواجية المتمثلة في وجود منطقتين عسكريتين في المحافظة ،وإخضاعها لسلطة عسكرية وأمنية واحدة ، أي ضم الوادي عسكريا إلى المنطقة الثانية ، وإرسال قوات المنطقة العسكرية الأولى إلى الجبهات الأمامية لمقاتلة الإنقلابيين وإعادة الشرعية . 2- يجب أن يتولى الملف الأمني والعسكري أبناء حضرموت ، فهم أولى من غيرهم والمعنيين بذلك . 3- يجب إعادة فتح المراكز الأمنية التي تم إغلاقها في عددمن المدن وتاهيلها ، والاستفادة من عشرات الشباب الذي تم تدريبهم وتركهم من غير أن ترتب أوضاعهم 4- يجب الإهتمام بمنتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية وإعطاءهم حقوقهم ، ولاسيما رواتبهم الشهرية التي لاتدفع بأنتظام وكثيرا ما تتأخر ، وهي حق من حقوقهم ، والتي بدونها لايحق لنا أن نطالبهم بتوفير الأمن 5- قوات التحالف العربي ، وخاصة الأشقاء السعوديون ، لكونهم المعنيين بملف الوادي وأهمية الإستقرار فيه ، تقع عليهم مسؤولية كبيرة في تعزيز الجهود المبذولة في هذا الإتجاه وفضح الأطراف المتسببة ومعاقبتها ، كما تفعل درلة الإمارات في مدن الشريط الساحلي . 6- استثارة الجهد الشعبي المساند للجهد الحكومي ، مع ضرورة توفير الحماية الأمنية للمواطنين الذين يظهرون تعاونا مع الأجهزة الأمنية . لابديل عن الأمن على الإطلاق ، من الممكن أن يتحمل المواطن لساعات طويلة غياب التيار الكهربائي أوارتفاع الأسعار أو أية مشكلات حياتية اخرى ، لكن غياب الأمن وتكرار أعمال القتل وإزهاق أرواح الناس والجميع يتفرجون ، وكأننا نعيش في غابة سكانها من الوحوش ، هذا ما لايمكن قبوله والسكوت عنه ،وإلى متى أيها السادة الكرام سيستمر عرض هذا المشهد المرعب ؟ ، ألم تحن الساعة لوضع نهاية له ، وإعادة الطمأنينة إلى النفوس . سيؤن / حضرموت الإستاذ / فرج عوض طاحس الخميس 19 أكتوبر 2017 م