صنعاء.. الداخلية تعلن الاحتفال بالمناسبات الوطنية رسميًا وتمنع أي نشاط خارج الإطار الرسمي    الرئيس الزُبيدي يلتقي رئيسي سوريا ولاتفيا بالأمم المتحدة    جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    تنفيذية انتقالي المنصورة تناقش الأوضاع الخدمية بالمديرية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ أحمد محمد الهتار    350 كشافا يشاركون الخميس ايقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر بصنعاء    أصدقاء جنوب اليمن: زيارة الرئيس الزُبيدي إلى نيويورك تعزز حضور القضية الجنوبية دولياً    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    علامات تحذير مبكرة.. 10 أعراض يومية لأمراض القلب    مقتل وإصابة 8 أشخاص بانفجار 4 قنابل يدوية في شعوب    اجتماع للجنة تسيير المشاريع الممولة خارجياً في وزارة الكهرباء    بن الوزير يتابع تأهيل مبنى الإدارة المحلية في شبوة    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    وقفة شعبية في مديرية الثورة احتفاءً بعيد ثورة 21 سبتمبر وإسناداً لغزة    تعز.. المعتصمون يصعدون في وجه السلطة المحلية بعد محاولة تفكيك خيام الاعتصام    انفجار قرب سفينة تجارية في خليج عدن    الأرصاد يتوقع أمطارًا متفاوتة الشدة على عدة محافظات    هكذا يتغير الشرق الأوسط.. الصراع السعودي الإسرائيلي    إتلاف 5.5 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في البيضاء    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين وممثلي القطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    مركز الملك سلمان يوزّع خيام وحقائب إيواء للمتضررين من السيول بمحافظة حجة    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    الديوان الملكي السعودي : وفاة المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    أمن العاصمة عدن يضبط متهمًا بسرقة 100 جرام ذهب بالمنصورة    ديمبيلي ثالث مسلم يتوج بالكرة الذهبية وحضور لافت للاعبين مسلمين بالقائمة    في مهرجان خطابي وفني.. إصلاح الحديدة يؤكد أن تحرير المحافظة مفتاح لانتصار الجمهورية    الذهب عند ذروته: ارتفاع قياسي في الأسعار    احترام القانون اساس الأمن والاستقرار ..الاجراءات تجاه ماموري الضبط القضائي انموذجا    الرئيس الزُبيدي يلتقي رئيس اللجنة الدولية للإنقاذ ويشيد بجهودها الإغاثية والتنموية في بلادنا    بالتتويج الثالث.. بونماتي تكتب التاريخ    بعد 14 عاما.. مارسيليا يُسقِط باريس في ال«فيلودروم»    قوات الإصلاح في تعز تحمي قتلة "افتهان المشهري"    الإمارات تدعو مجددًا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    تعرف على هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2025    يامال وفيكي يتوجان بجائزة «كوبا».. ودوناروما الحارس الأفضل    الدوري الايطالي: نابولي يواصل انطلاقته المثالية بانتصار مثير على بيزا    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    في تقرير لها حول استهداف مقر صحيفتي " 26 سبتمبر " و" اليمن ".. لجنة حماية الصحفيين الدولية: "إسرائيل" تحولت إلى قاتل إقليمي للصحفيين    حين تُغتال الكلمة.. وداعاً عبدالعزيز الشيخ    غموض يكتنف اختفاء شاعر في صنعاء    عبقرية "سورج" مع برشلونة جعلته اقوي جهاز فني في أوروبا..!    حين يُتّهم الجائع بأنه عميل: خبز حافي وتهم بالعمالة..!    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    القاتل الصامت يودي بحياة خمسة أطفال من أسرة واحدة في محافظة إب    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثم ودّعتنا يا كمال
نشر في عدن الغد يوم 28 - 11 - 2017

دم ضالعي، يسفك في بيت أبيني، في قضية واحدة وتهمة واحدة.
لقد ذهبت النعرات والأحقاد بين المحافظتين ياقوم.
الجنوبيون اليوم يد واحدة، والضالع تصنع سور الود، والإخاء، وتسكب دمها الغالي مع الدم الأبيني.
كمال الضالعي.. كان أعظم مثال يفسر هذه الحقيقة اليوم.
رحل كمالٌ ووضع بصماته في منزل أبيني، ليمتزجا في تيار واحد، ويودع أحدهما الحياة، ليبقى دم الآخر يغلي فيه ليأخذ ثأره.
لن أتكلم كثيرا عن هذه الفلسفة؛ فالبصمة العظيمة ستكون جسرا دون كل المناوئين، ومن يقربون النار للحطب.
اللحمة الجنوبية، واليمنية.. بقدر ما تعنيني وتعني كل الشرفاء والأحرار، بقدر ما أموت كمدا وقهرا وضياعا جراء رحيلك يا كمال.
رحل كمال بما فيه.. رحلت معه البسمة، والروح المرحة،
ورحلت تلك الطلة الصادقة التي يرفل بها موزعا السلام والسعادة في قلوب الحاضرين والعارفين له.
كمالٌ.. الصديق الذي يأبى أن تتركه صديقا عاديا..
يأبى إلا أن يأخذ القلب بما يحمل من حب ووفاء.. يحمله معه، ويترك للآخرين بصيص حب؛ للآخرين جميعا.
رحل كمالٌ جراء استهداف منزل العيسي، وكان إذ ذاك بين الحاضرين.. فمات كمدا وظلما.. واحترق بنار المهاجمين.
أتعرفون من هو كمال.. هذا الرجل الاستثنائي.. الاستثنائي في كل شيء؟!
أتعرفون ما رابط الصلة بين كمال الضالعي الدم، وبين أديب الأبيني..؟!
العرقان المختلفان.. الذي يحاول الأعداء إلا صنع العداء بين هذين العرقين؟!
بعضهم يوسع هذا الإطار، ويصنع البعد الشاسع، والحقد الكبير بين المحافظتين كي لا يتقفا، ويباعدهما كي لا يقتربا، ويفاصلهما كي لا يتصلا..
وما علم أن من بينهما رجالا كأمثال كمال وأديب وغيرهما من الشرفاء هم الذين يصنعون الفرق،
ويلمون الشمل،
ويصلون الفصل،
ويوحدون الجمع، فيشد بعضهم بعضا.. وتنتهي المؤامرة تماما.
إنه -وبمجرد التفكير في صنع الوفاق- بدأ طابع القضية المناطقية يمحى،
ومن بدايتها انقضى أمرها، وتم محوها.. وحرقها بإذن الله.
كمال.. رجل مرح، محب، صادق، طيب، بشوش.. مسالم.
وبالمقابل : جاد، شهم،
رجل مرحلة، وكلمة،
ومقاتل من الطراز الأول مع وطنه وبلده.. وداعم بماله ووقته في سبيل الله،
وفي سبيل خدمة الوطن والبلد.
كمال يعمل عضوا في هيئة الائتلاف بين الضالع وأبين وجميع قضايا المقاومة الجنوبية..
وأديب يرأس هذا الائتلاف..
هاهي المعادلة قد بدأت تتضح جذورها، ومتراجحاتها.
..
أكبر المؤهلات التي جعلت (كمالا) في هذا المنصب الشريف، والإصلاحي الصعب على غير الشرفاء.. أنه يبغض العرقية والعنصرية والمناطقية..
ويكأنه لا يحبه العنصريون.
-مجلسان يتيمان جلستهما معه، فدخل جوف قلبي، وحصل على مكانة داخلية.. يجهد الكثيرون الأعوام ليبلغوها في كثير من تلك القلوب، ولما يبلغوا.
الغيث إذا أقبل أسعد كل شيء؛ وكمال سعادة الغيث، وفرحة المطر، ونتيجة السرور.
يقبل ضاحكا، ويغادر كذلك.
دعابته في حديثه، وهو يجاهد نفسه أن يتكلم إلا مبتسما.. كانت هنا هي بوصلة الفرق.
تاريخه الكبير كله نضال وإصلاح بين الناس.
وشغله الشاغل في الحياة أن ترحل المناطقية، ولا تعود.. وتموت فلا تبعث من جديد..
لقد قضى نسبة كبيرة من هذا المشروع العظيم الذي لا يدخله إلا من حصل على أعلى مراتب الشرف والوطنية وسلامة القلب.
فتم له القصد، ونال المراد، وكان رسول خير، وداعية حق، وسفير وئام ووفاق.
واجه كل العقبات، والمطبات، والمثبطين، والمهددين.. لأنه لا يرى أمامه إلا شيئاً واحدا هو شغله الشاغل..
(إذا ما طمحت إلى غاية... نسيت المنى وركبت الحذر)
بالأمس القريب التقينا به نعزيه في استشهاد ابن أخيه، واليوم نحتشد فيه لنعيه، ولنبكيه.
ثم غادرنا كمال، وفي قلبي أريكة هانئة له، يسكنها بهدوء.. وله في القلوب الطيبة والصادقة والكبيرة.. سرير حب، ومتكأ نبل، وأريحية العظماء.
عظيم هو في شخصه، وطلته، وفكرته، وحياته.. وصفاء قلبه.
(كمال) اسم يستحيل، ولفظ يتوسع إلى عشرات الصور والذكريات والمناقب الجميلة.
هذه الطيوف وتلك الرؤى، تلك الاهتمامات والوجدانيات والمشاعر الحية التي تسكنك.. لا تسكن إلا القليلين -والرجال قليل-!.
تلك الأفاعي التي تشرب من دماء نقية طاهرة،
وتستخرجها عبر سموم، تبثها كذلك سموما؛
فتنهش القلوب،
وتجرح الضمائر،
وتقتات من لحوم الأبرياء، ثم تعود فتتروى كرة أخرى.
خضبوك بالدم، والدماء تختلف، وأحرقوك بالنار، ومن الحرق ما يصنع شيهدا عند الله.
كنت لنا البلسم، فصرت الجرح، وهأنا أتكئ على جرحي وأطوف البلاد والقفار !
حين كنت كمال الأمل، أنت بذهابك اليوم كمال الألم.
أبيت إلا أن تقهرنا على فراقك، فنعلل أنفسنا بلقائك، وحتى بعد موتك أبيت إلا أن تفجعنا بقتلتك، ويزداد قهرنا وكمدنا، ولكن علنا نكون إخوانا عند الله في جنته.
ثم ماذا؟
رحلت وكان الموت فيك يضرني
وكنت هنا في ذي الحياة تسرني
..
وكم كنتُ ذا فخر بلقياك حينما
تبادلني صفو الحديث تغرني
..
وإني على هذا النذير مقطّعٌ
بالآم فَقْدٍ والخطوب تضيرني
..
لك اللهُ يا شهد الحديث وروحه
فبعدك قد أصبحتُ لست إخالني
..
سوى بيت آلامٍ وقاموس حسرة
به تلك أيام الهوى لا تفيدني
عزاؤنا يبلغ الأفق، ويجوب البلاد.. يصل الشرفاء والصادقين والوطنيين.. لا عزاء لنا كمثل الدين والوطن.
عزاءنا لذلك البيت الذي أخرج هذه الحسنة التي غطت الأفق سعادة، وأشعلت الدنيا تضحية، وعطرت الهواء نبلا ومحبة..
يصل زوجة مكلومة فجعت بنادرة في قومه، ودرة من درر البلد.. فغاب الأنيس والجليس والسمير.. ولأبناء فجعوا بموت معيلهم، وفخرهم، وعزتهم..
من يسد مكانك يا كمال..
من يصنع كمالا ككمالك.. من يحسن البناء.. ويحمل العناء، ويجمع الحقوق، ويمحو الشقوق..
من يصنع سواك هذه الفروق؟!
ذهبت لذلك المكان وحيدا، تفصلنا عنك الآباد،
يا دنيا!
لم كانت هذه الحياة هي السخرية الكبرى للفناء..
كل ما بقي أنك رحلت يا كمال.. وحل بموتك ذهاب كل جميل فيك.
والله الوكيل بصبرنا، وعزيمتنا جميعا بعد فراقك، ولنا ولهم الله..
وهو حسبنا ونعم الوكيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.