الساعة الثانية ظهرا" استقليت سيارة أجره من مدينة الشيخ عثمان في العاصمة عدن وكانت وجهتي بلادي مديرية المحفد . وكان على متن سيارة الاجره تسعه ركاب والسائق العاشر ومن ضمن الركاب امرأة وطفلتها التي تبلغ العاشره من العمر . انطلقنا من العاصمة وأثناء سيرنا في طريقنا الى وجهتنا بادرتنا المرأه بسؤال عن البئر التي تقع في منطقة لماطر بشبوه ؟ فقلنا لها انها عباره عن بئر مائها كبريتي ويعتبر علاج لبعض الامراض. ثم سالناها عن مرضها فقالت كنت لا اشكي من اي مرض وعندما تلقيت خبر استشهاد ولدي البكر أثناء دفاعه عن العاصمة عدن مرضت فتم نقلي الى احد مستشفيات عدن وهناك قامت احد الممرضات باعطائي ابرة عضل ومن بعدها شعرت بآلام تزول وتعود بعد فترات . وأضافت بعدها عملت عدة اشعات وفحوصات فقال لي الأطباء انني اعاني من ثلاثه انزلاقات وانني بحاجه الى إجراء عمليه وتركيب حديد وكرسي حديدي وغيرها . ثم صمتت قليلا" وقالت الان أريد الذهاب الى البئر التي في شبوه عسى ان يجعل ربي شفائي فيها . بعدها ساد السكوت لبرهة من الوقت . ولم نكن نرقب ان نقول لها ان البئر تفيد فعلا" المصابون بالامراض الجلديه لكي لانصيبها باحباط فوق مابها . فقد تبين لنا أنها لاتستطيع دفع تكاليف العمليه وقد يكون زوجها لايستطيع او انه ميت ، ولم نرد سؤالها فقد نذكرها بشي وأشياء ستجرحها. أثناء توقفنا في مدينة مودية لأداء صلاة المغرب تحدثنا مع السائق عن ضرورة ايصالها الى منطقة لماطر واننا سنتحمل الأجرة من منطقة النقبه الى لماطر حيث ان سيارات الأجرة طريقها يمر بمنطقة النقبة الى عتق ولا تذهب الى منطقة لماطر . سائق السياره أبدى استعداده وقال ماعندي مشكلة ولكن اقنعوا الركاب الذي يريدون عتق ان ينزلون في النقبه او يذهبون معنا الى لماطر ومن ثم سنعود الى عتق فتحدثنا معهم وقالوا ماعندنا مشكلة خدمة ام الشهيد وايصالها أهم من كل شي وسنوصلها اولا" وثم سنعود الى عتق فجمعنا مبلغ مالي ساهم الكل في جمعه واعطيناه السائق . هذا الموقف جعلني سعيد جدا" جدا" بتكاتف أبناء الجنوب مع والدة شهيد قدمت أبنها وفلذت كبدها فداء لهذا الوطن . اسعدني اهتمامهم وتذليل الصعاب امام ام الشهيد والوقوف الى جانبها . وهذا الموقف احزنني لما وصلت اليه أسر الشهداء من خذلان وتجاهل وإهمال من كل الجهات والأطراف. وهذا الموقف اغضبني كثيرا" وزادني كرها" وبغضا" على حكومة الشرعية الذل وتحالف العار والقيادات الجنوبية ومكوناتهم ومجالسهم ومناصبهم التي لولا تضحيات هؤلاء الشهداء ماكانوا اليوم يعتلونها وماكانوا اليوم يمتلكون الاموال والحراسات والسيارات وماكانوا اليوم يمثلون دولة وحكومة وجهات . هذه حالة فقط لمعاناة أسرة شهيد وهناك عشرات ومئات الأسر التي نالها مانالها من تجاهل وحرمان وعدم اهتمام وماخفي كان أعظم . اهتموا بأسر الشهداء يامن تسلقتم على حساب دماء أبنائهم وفلذات اكبادهم. اهتموا بأسر الشهداء يامن جعلتم من تضحيات أبنائهم سلالم وجسور للوصول لاهدافكم واحلامكم الشخصية والأنانية. اهتموا بأسر الشهداء يامن اصبحتم بفضل وقوفهم في وجه الغزو وتقديم ارواحهم فداء للوطن اليوم اصحاب نفوذ وقرار . قبحتم وقبحت مناصبكم ومواقعكم ومكانتكم يامرتزقه. وأقسم بالله العظيم ان كل ماوصلتم له لا يساوي حذاء ام شهيد ولا يساوي قطرة دم شهيد ولا يساوي دمعه نزلت من عين ام شهيد على فلذت كبدها. مهما جمعتم ومهما ارتفعتم ومهما سرقتم ومهما ومهما ومهما فلن تفلحوا وستضل دعوات أسر الشهداء تلاحقكم ولن تهنئوا ولن تسعدوا طالما وانتم اهملتم من قدموا ابنائهم فداء للوطن واتيتم انتم واصبحتم أهل شأن بعد ارتقائهم شهداء .