يتساءل الكثيرون هل فقد التحالف بوصلته في اليمن؟ أم أن له استراتيجية خفية في إدارة الحرب تكون فيها الأولويات التي نراها نحن مجرد ثانويات غير مهمة بالنسبة له؟ بدأ واضحاً منذُ البداية أن للتحالف حسابات خاصة حسابات لا يُريد فيها اجتثاث «الحوثي» من الشمال، وتمكين «الإخوان» بدلاً عنهم فهو ينظر إليهم بذات النظرة في كونهم جهات تعمل بأيدلوجية تُشكل خطراً على الأمن القومي للمملكة. هذه الحسابات جعلت من «صالح» خياراً بديلاً ومُماثلاً للتحالف راهن عليه في قلب الموازين من داخل صنعاء لكن مقتله شكّل عاصفة أضرت بحسابات التحالف. وأمام هذا يبدو أن خارطة اللعبة ستتغير نوعاً ما فبالإضافة إلى حالة التقارب مع «الإصلاح» التي انتهجتها الإمارات الدولة الثانية في التحالف يُريد التحالف أيضاً أن يجعل من ورقة عائلة «صالح» ورقة فعّالة لمواجهة أي تلكؤ قد يمارسه «الإصلاح» في تنفيذ بنود الاتفاق الأخير -الغير مُعلن- الذي أُبرم معه. كل هذا التعقيد الحاصل في الشمال يدعو التحالف لأن يُعيد حساباته في الجنوب وألا يتعامل جنوباً وفق تسخير معطيات الجنوب لصالح الشمال فيخسر الجنوب والشمال معاً. بمقدور التحالف جعل الجنوب ورقة رابحة يستفيد منها سياسياً في مواجهة تلاعب وتلكؤ القوى السياسية الشمالية المؤيدة للشرعية وعسكرياً في مواجهة قوى الانقلاب ويستفيد الجنوب أيضاً سياسياً وعسكرياً وهنا سيتحقق للتحالف مكسباً يفوق مكسب إبقاء الجنوب رهينة حسابات معركة صنعاء. ليس بمقدور التحالف الاستمرار أكثر في فرملة الزخم الشعبي الجنوبي وامتصاصه وليس بمقدوره جعله قرباناً لقوى صنعاء بالمقابل فإن الأسلوب الذي ينتهجه التحالف في التعامُل مع الجنوب سيُعجّل من الانفجار الشعبي الرافض لتسخير قضية الجنوب لأهداف لا علاقة لها بها. الجنوب سيكون مع التحالف حتى الرمق الأخير في حسم معركة الشمال وتحريره من الحوثي بالمقابل على التحالف ألَّا يجعل من الجنوب مجرد عصا يضرب بها المليشيات الحوثية ثم يقذف بهذه العصا بعد انتفاء الحاجة منها وربما يكسرها. يتسائل الكثيرون لماذا لا يبدأ التحالف في تنظيم شؤون العاصمة المحررة عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحررة وينتشلها من وضعها المزري؟ يتسائلون ما الفائدة التي يرجوها التحالف من إبقائها رهينة حالها المزري؟ يتسائلون لماذا لا يكون المشروع الجنوبي التحرري وسيلة ضغط على جناح الشرعية المنتمي للشمال ثم يُترك للجنوب بعد إنهاء الانقلاب حرية اتخاذ قراره السياسي لاحقاً دون أن تُفرض عليه خيارات لا يُريدها؟ يتسائلون لماذا لا يتحرر التحالف من نظرته التقليدية لليمن والتي دائماً ما كانت تتجه نحو استلطاف قوى سياسية شمالية بعينها على حساب الشمال والجنوب معاً؟