نتفق مع المجلس الانتقالي في توجهاته الأخيرة لفرض سيطرة الجنوبيين على أرضهم وتغيير الحكومة الفاشلة والفاسدة .. لكن هذا ليس شيكا مفتوحا له بأي حال من الأحوال .. فكما نمدح مساعيه وأفعاله الإيجابية فإننا سننتقد السلبية منها دون تردد . ننتظر الان رؤية واضحة وعقلانية ومنطقية وواقعية للمجلس الانتقالي سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا ، بما يقنع الشارع الجنوبي الثائر بسبب ثلاث سنوات من الشقاء رغم قيمة ما قدموه من تضحيات ، وبما يقنع أيضا الرئيس هادي ( صاحب الشرعية ) ودول التحالف العربي الشريكة والمشرفة على الوضع في اليمن عامة وفق قرارات مجلس الأمن التي وضعت اليمن تحت الفصل السابع . إن القبول والزخم الشعبي في الجنوب للمجلس الانتقالي المطالب باستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة سيتراجع كثيرا وسريعا إذا لم يقدم المجلس رؤية وحلولا للوضع الحالي حول تغيير الحكومة ، والحكومة الجديدة المطالب بها وكيف وممن ستتكون وما هي مهامها !!! يحتاج المجلس الانتقالي لرؤية تفصيلية بارزة المعالم وشجاعة توازي الحركة الشجاعة التي اتخذها خلال اليومين الماضيين لفرض السيطرة على العاصمة عدن وفرض تغيير الحكومة نزولا للمطالب الشعبية المتزايدة خلال الاشهر الماضية .. وبدونها سيتحول لمكون سياسي مسلح يتحرك بردود أفعال ولا يصنع الأفعال ذاتها وهذه بحد ذاتها كارثة !!! تُرك الرئيس هادي كثيرا بين أيدي الأحزاب والجماعات السياسية والدينية الشمالية فجرَّته لمربع لم يكن ليقع فيه لولا تركه وحيدا بين مخالبهم ، وها هي الفرصة لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر والتقارب مع الرئيس هادي ومشاركته العبئ الذي يقع على عاتقه . كان من الذكاء الملحوظ للمجلس الانتقالي محافظته على صور الرئيس في مؤسسات الدولة وأمره بذلك علانية وكذلك ما تضمنته بيانات المجلس من احترام وتقدير لشرعية الرئيس هادي ومطالبتهم له بتعديل دفة القيادة والشراكة في الإدارة واختيار الكفاءات لتمثل الحكومة الجديدة ( حكومة تكنوقراط ) وهو خير ما يقدمه المجلس للرئيس ليضغط به على الآخرين المتربصين به شخصيا وبالجنوب واليمن عامة فتتوقف المحاصصة الحزبية السمجة والتعيينات ذات المرتبات بالدولارات لابن هذا وبنت تلك بينما العملة تتهاوى بشكل مريع والشعب يموت جوعا وفقرا ومرضا . نقف مع المجلس الذي يقف مع الرئيس والذي بدوره يقف مع التحالف العربي فنتشارك جميعا في الإدارة المدنية والعسكرية والأمنية ونخرج من عنق الزجاجة الذي وضعنا فيه على حين غرة ، ونقطع دابر الحوثيين ومن والاهم وتتحرر صنعاءوتعز والحديدة وبقية مناطق الشمال ، وتؤمّن عدن وأخواتها فتعود صنعاء وما حولها لأهلها ولعروبتها ويديرها أهلها وكذلك تعز وأخواتها .. وتدار عدن وأخواتها بأبناءها ضمن مشروع يضمن للجنوبيين حق تقرير المصير المزمن ويضمن للشماليين الخلاص من الحوثي ومشروعه السلالي الإيراني وبناء جمهورية ناضجة غير قبلية فتصبح الهضبة ومحيطها متساويين مع المناطق الوسطى ولا رفعة لأحدهم على الآخر .. وتعود اليمن شمالا وجنوبا لحاضنة العرب التي افتقدتها كثيرا بسبب الهالك عفاش والحوثي اللعين فيقضى على المشروع الإيراني التمددي وتتكلل عاصفة الحزم بالنجاح ويأمن العرب مكر إيران . قد يرى البعض أن هذه أحلام وطموحات غير واقعية خاصة مع التقاذفات والشد والجذب الذي نعيشه كل يوم في هذا البلد البائس بأهله بكل اسف ، لكنها من وجهة نظري المتواضعة ممكنة وسهلة جدا إذا ما وعى كل منا أنه بدون الآخر لا يساوي شيئا ولن ينجح مهما كان المحيط الذي يستقوي به اليوم ، فمن يدعمك اليوم ويقف معك ربما لن تجده غدا أو قد تجده داعما لغيرك !!! فقط نتوقف عن مهاجمة بعضنا بعضا وعشوائية المدح والقدح التي أغرقتنا جميعا فتهنا وذهبت ريحنا وتفرقت قوتنا .. ولنبدأ بمشروع حقيقي على الصعيدين الاستراتيجي والفوري ونقبل بالحوار بيننا ونبادر به فنجمع قوانا و قرارنا السياسي والعسكري والأمني وبالتأكيد بالحوار والمبادرة سيقرب البعيد وستصل الرؤى إلى نقطة تحقيقها . ترى هل نبدأ ؟!!