يصر اتحاد الكرة اليمنية على تكرار المشهد السابق بتعاقده مع المدرب الجزائري رابح سعدن الذي قد تعاقد معه في يوليو 2004م وعاد هاربا إلى بلاده في 2006م بعد أن طفح به الكيل من ممارسات كبار الكرة اليمنية ومسئوليها وتدخلاتهم الكثيرة والملحة، ويخوض اتحاد القدم مغامرة جديدة مع سعدان بعد الهجوم الذي شنه كبار القوم بعد (هروبه) ووصفوه بالكاذب وأنه لا يفقه كرة القدم، مع أن مسيرته الكروية لا تتضمن ذلك وهي مليئة بالانجازات.
هاهم اليوم يعيدون الكرة إلى ملعب سعدان بالتفاوض والتعاقد معه مجددا لقيادة منتخبنا الوطني بدون أي جديد في هيكل الاتحاد منذ فترة (هروبه) وحتى اليوم، فالإخفاقات لا زالت مستمرة والتدخل في شؤون المدربين وبرامجهم هي هواية الاتحاد وما فوقه، وقد وعد الشيخ رابح سعدان بتقديم كل ما يمكنه للكرة اليمنية لكن سيجعلونه يغادر مبكرا هو الآخر بعد المدرب الأسبق محسن صالح.
نستغرب أحيانا ما الذي جعل الاتحاد يشتهي (المستهلك) رابح بعد أن جربه؟ ربما يكون قيادته لنادي وفاق سطيف الجزائري وإحرازه للكأس المحلية وكأس العرب في 2008م، وفوزه بلقب أفضل مدرب عربي لعام 2009م، أم أن الوصول للمونديال العالمي هو سبب هرولة الاتحاد إلى سعدان ومن ثم الاعتراف أن المدرب كبير بوزنه الرياضي ويقرون بقزامتهم المفرغة والخاوية.
تخلي اتحاد الكرة عن الراحل ستريشكو بعد إخفاق خليجي 20 كان أبرز التأكيدات بأن المدرب هو من يكون شماعة الاتهامات وكبش الفداء في الكرة اليمنية، مع أن التعامل مع عقلية وشخصية اللاعب اليمني وتطويرها تحتاج لفترة أطول من فترة مكوث ستريشكو في اليمن.
اضافة الى ذلك فأن طريقة اللعب لدى ستريشكو تتطلب الكثير من الممارسة والاستمرار، وهي الطريقة التي لم يألفها ويلعبها اللاعب اليمني مع أنديته وهي 2-4-4 والنادي الوحيد الذي يلعب بهذه الطريقة هو نادي الصقر، فاللاعب اليمني قد اعتاد على 2-5-3، وفترة تأقلمه معها تحتاج الكثير من الصبر الطويل كي يتغير ظهوره المعتاد، ولا بد أيضا من تغيير وجوه اللاعبين فيه فقد ملت الجماهير اليمنية من هذه الأسماء، أم أن الكشف المكرر لا يبلى.
أصبح الشارع الرياضي اليمني يفهم ويعي ويستوعب ومن الغباء تجاهله، ويدرك أن الكرة اليمنية والرياضة بشكل عام تسير في انحدار مستمر وخطها البياني لا يبارح الهبوط، ويدرك أيضا أن تخبط وزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة وغياب التخطيط المسبق والمدروس هي أبرز أسباب (مرض وشيخوخة) الكرة اليمنية، ولا خوف على الجانب المالي فما أنفق مؤخرا خير دليل!!
رابح سعدان تحدث سابقا أن هناك أياد يمنية تسعى لتخريب الرياضة وخصوصا كرة القدم في البلاد وهو ما أكده يوري ستريشكو مؤخرا، وذلك يدل على أن المشكلة ليست في المدربين، وإنما هي مشكلة (فطاحلة) الكرة اليمنية، وإذا عرف السبب بطل العجب، ولست هنا في مكان المنتقد لقدوم رابح سعدان بقدر ما أتساءل عن تناقض الاتحاد..