في العقدين الماضيين ظهرت في اليمن انظمة تدريس جديده تسمى بالمدارس الاجنبية و تحظى هذه المدارس في اليمن بقبول وسمعة طيبة , ليس بين أوساط الأجانب أو المقيمين في اليمن من الجنسيات المختلفة فحسب, بل بين أوساط اليمنيين من الطبقة العليا والراقية كذلك كأغلب المسؤولين في الدولة ورجال الاعمال والتجار, وهذا لانهم يروا من وجهة نظرهم ان هذا النوع من التعليم يتناسب مع مستواهم الراقي وايضا بسبب ميولهم وحرصهم الى أن يكون ابنائهم ممن يتقنون التحدث باللغة الاجنبية ( الانجليزية اوغيرها ) . لان هذه المدارس تقوم بتدريس الطلاب باللغة الاجنبية في جميع المناهج والمراحل , وتعتمد على مناهج غربية مستوردة. كما تدرس اللغة العربية كلغة جانبية ,وتدرس التاريخ العربي والإسلامي والمواد الدينية كمتطلب ليس الا و بشكل مختصر جدا . يعتبر إسلوب التدريس والتربية يعتمد على رفض للدين و للعادات والتقاليد الاسلامية و العربية و اليمنية الأصيلة . بإعتبار ذلك من اهم اسباب التخلف والتطرف لدى العرب والمسلمين كما يرى الغرب. لذلك نجد نظام التعليم فيها يجعل من عقول التلاميذ نوعاً من التعظيم إن لم يكن التقديس للمنظومة الأمريكية والاوربية , سواء في القيم أو العادات أو حتى في النمط الاستهلاكي. من ثم نجد أن أغلب المنتجات الفكرية الأمريكية تستند في ترويجها إلى تلاميذ هذه المدارس الذين يغرسون في من حولهم حب التشبه بهم وبثقافتهم ، فيمتد الترويج الفكري لما هو أمريكي بين الجميع بنشر وسائل ومضامين مسمومة, لكي يحولوا ابنائنا الى مسوخ مقطوعة الجذور بأهلهم وثقافتهم وتاريخهم ودينهم وبلدهم ايضاً. ويتم تدريس هذه المناهج الغربية المستورة في ظل بيئه مختلطة و مراهقة ومنفتحة ايضاً ومن قبل مدرسين ومدرسات أجانب قد يكونوا مُصدقين ومُبشرين للأفكار الهدامة لأمتنا وشعبنا وثقافتة.
لكن يجب أن نتسائل لماذا يمنع القانون في الغرب نفسه تعليم صغارهم في مدارس اوروبا الابتدائية نفس ما يحاول القائمون على المدارس الاجنبية في اليمن تعليمه لابنائنا في نفس المرحلة وهل يرتبط ذلك باجندة محددة بشأن التعليم في اليمن؟ نوقشت بوضوح في مؤتمرات دولية حضرها جميع وزراء التربية والتعليم العرب أم انهااضغاث احلام وكوابيس وهم المؤامرة المزعومة علينا وعلى مستقبل ابنائنا – مؤامرة تكاد لا تعيش الا في عقولنا نحن فقط ؟
ففي تقرير ل(روبرت ساتلوف )مدير قسم السياسة والتخطيط في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قال: " إن المدارس الأمريكية في البلاد العربية والإسلامية ليست مجرد صروح تعليمية رفيعة المستوى، بل هي سلاحنا السري في معركة أمريكا الأيديولوجية لأمركة المجتمعات العربية والإسلامية " إذن فهي تعتبر غزو من نوع اخر ( غزو تربوي- تعليمي ).
إنّ الحديث عن المدارس الأجنبية في غاية الاهمية , نصحاً للأمة، ومعذرتاً إلى الله سبحانه . و هذا الحديث يخص بلدنا اليمن. وان هذه الكلمة صرخة إنذار من إنسان مسلم الدين وعربي الإطروحة ، وبيان للمخاطر الفضيعة التي يواجها ابنائنا في هذه المدارس، وهي تحذير لليمنيين الذين ليس ابنائهم في هذه المدارس أن يكونوا على وعي وفهم ويقظة وحذر, خشية أن يعمّهم البلاء إن دخلت إلى اذهانهم ، فالخطر محدق و خطير.
فمن اخطار هذه المدارس انها تقوم بتنحية الدين والإسلام عن حياة الناس والطلاب الاجتماعية والفكرية والسياسية والاقتصادية جانبا خلال العملية التربوية و التعلمية , وهذا هو المفهوم الأصلي التي تقوم عليه العلمانية ,لانهم يعلمون أن الاسلام وحده هو القوة الُعظمي التي بإمكانها ان تقف ضد هجامتهم ومؤامراتهم الشرسة علينا . فهم يريدون إضعاف هذه القوة وإزالتها ليتسنّى لهم السيطرة التامة على بلاد المسلمين من خلال السيطرة على عقول وثقافة ابناء الامة والجيل الجديد الذي سوف يحكم الغد. ومن السلوكيات الخطيرة لهذه المدارس أن قامت بعضها في مدينة عدن بالتحديد بمنع الطالبات الشابات المراقهات بلبس العبائة او بما تسمى ( البالطو ) داخل حرم المدرسة بحجة انه يجب الإلتزام بالزي المدرسي المكون إما من بنطال وقميص قصير لا يصل الا الى حد الخصر حتى , او الزي المسوح به الأخر وهو عبارة عن بنطال وفوطه تكون في الغالب طيقه ولافته للنظر ولا تمت للزي الشرعي بأي صلة . البشع في الأمر ان بعض اولياء امور الطالبات حاولوا مراجعة المسؤول بالمدرسة عن هذا التصرف، وفوجئوا بوقاحة غير عادية في دفاعه عن المنع بل وإتهامهم بالتخلف لمجرد استفسارهم عن جدوى التراجع عن ما يتضمنه موضوع منع العبائة ( البالطو) خصوصاً في مناخ الإختلاط مع الذكور في سن يجب الفصل فيما بينهم.
لكن من الناحية الاخرى يجب أن نتسائل , اليس من العار أن يستسلم الأب ويرضخ لمثل هؤلاء كي يحددوا لابنته ماذا تلبس وماذا لا يجب ان تلبس, خصوصاً أمام شباب يا فعين؟ ألا يجب عليهم عدم الإستسلام بأقل فعل وهو سحب بناتهم من مثل هذه المدارس حفاظاً على شرف وعفة وحشمة اعراضهم ؟ أم أن المدارس الباقيه نكرة في عيونهم ؟ وليست من مستواهم الراقي ؟
وهل هذه هي تربية يجب ان يثق بها اولياء الامور ؟ وماذا تريد هذه المدارس بالتحديد من مثل هذه التصرفات بالضبط ؟ هل تريد هذه المدارس فعلاً أن تنشر وتسهل فكرة التخلي عن الحشمة في أوساط بناتنا ( أمهات المستقبل )؟ من جانب أخر فهذه المدارس تشجع على الأختلاط والعلاقات الغرامية والصداقة بين الجنسين .فكما سرد لي احد الطلاب في هذه المدارس .أن 90% من طالبات المدرسة الاجنبية التي يرتادها على علاقات غرامية مع (أكثر من شاب واحد ), ويصل بهن الحال الى التفاخر بهذا الشي فيما بينهن . فقد اصبح هذا جزء من ثقافتهن وسلوكهن الإعتيادي .
أما من ناحية الشباب فنفس الشي يحصل لهم من حيث العلاقات , بل واكثر , وقد تابعت برنامجاً على قناة الجزيرة الاخبارية وهو برنامج حواري شهير اسمه ( الاتجاة المعاكس ) وتناول موضوع " انتشار المدارس الاجنبية في البلاد العربية " وقد كان من الحضور أستاذ اردني عرض إحصائية عن بعض سلوكيات طلاب هذه المدارس التي يخجل منها الفرد ويدنى لها الجبين , وقال انه سأل مجموعة من هؤلاء الطلاب عن(من هو عمر بن عبدالعزيز ؟) فكان جواب اغلبهم انه ملك الرأب في المغرب .فهل هذا يعقل ؟ نعم يعقل , وفي اليمن ايضاً يوجد من هؤلاء .
قابلت احدهم وسألته عن اسم الرسول صلى الله عليه وسلم الرباعي ولم يستطع الإجابة . لكني لو كنت سألته عن فنان او ممثل او مطرب امريكي او فرنسي كان سوف يبدع في إجابته وليس فقط بالإسم بل سوف يكون قادراً على سرد جميع سيرة حياة الفنان او المطرب الغربي .فهم لا يستمعون الا الى الموسيقى الغربية ولا يتابعون إلا الدراما او الأفلام الغربية , والعربية منها في نظرهم تخلف ورجعية .
واخر كان زميلاً لي , فطلب منه مجموعة من الزملاء أن يشاركنا في صلاة المغرب , والفاجعة إن لم يكن يعرف ماهي خطوات الوضوء .وغير ذلك الكثير من ناحية اللغة العربية والناحية الدينية .فلا تستغرب ان عرفت انهم غير قادرين على إعراب جملة واحده ,او التفريق بين المبتداء والخبر,او عن عدم إستطاعتهم ذكر الُخلفاء الراشدين.فليست هذه ثقافتهم التي يلمو بها ولا التي تربو عليها إطلاقا . فليس من الغريب أن يعرفوا ويسردوا سيرة فنانين الغرب وممثليهم وتلك المدارس تقوم بعمل نشاطات فنية وراقصة للطلاب من ثم دفعهم الى المشاركة في تقليد الفن الغربي والتعرف عليه , ويصل الامر الى ان يصبح هؤلاء الطلاب متشبعين بتلك الفنون الغربية ومتشبهين بها .
إضافةً الى مواجهة بعض الأطفال الذين لم يتجاوزوا بعد سنواتهم العشر الأولى، وتأثرهم بالبيئة المنفتحة الغربية على طبيعتهم والتناقض والفرق القائم بين ما يتعلمونه من الحلال والحرام داخل منظومة الاسرة وما يتعلمونه في المدرسة وخاصة حول العلاقات الغرامية, والتعامل بين الجنسين خصوصاً في مجتمعنا المحافظ .
هناك الكثير من التفاصيل عما يحدث في هذه المدارس بين الفتيات والشباب من أمور غير أخلاقية تنافي الدين والاخلاق والعادات والتقاليد ولكن حيائي يمنعني من سردها كاملةً .
فو الله ما النتيجة الا شبان وفتيات مُتغربون و مُغيبون عن عقيدتهم وهويتهم وقيم مجتمعهم وثوابتهم ، والولاء عندهم لدولة المدرسة التي تربوا فيها. ففي الأخير اقول إن التعليم والتربية المدرسية التي تمثل حسب رأي بعض الباحثين في مجال التربية 60 % من تربية الفرد يعتبر أحد المحاور الرئيسة والمهمة في تكوين الشخصية وتلوينها بالشكل الذي تنمو عليه، وهو الذي يعمل على صياغة العقول والنفوس منذ الصغر.
فمن وراء نشر هذه المدارس في اليمن ؟ومن الذي يوافق على تدرسها لهذا النحو؟ هل لا يهتم بفكر ابنائه ومسخهم المسخ الغربي الأجنبي ؟وماهي الأثار الناجمة والمترتبةعلى ذلك ؟ وما هو الهدف النهائي الذي نرجوه لأطفالنا الذين يتعلمون في تلك المدارس؟ ولماذا ترفض تلك الدول انشاء مدارس عربية وإسلامية بها تُدرس المبادئ التي نؤمن نحن بها، على غرار مدارسهم في بلداننا ؟ ولماذا يصر هؤلاء على تعليم ابنائنا مفاهيم غربية حتى داخل مدارسهم هم؟
ثم لماذا تلك المدارس يا اؤليا الامور ؟ هل يخرج منها الأوائل سنوياً مثلاً؟ لم نسمع عن ذلك؟ أم لمجرد ان خريجيها يجدون عملاً بين بعضهم البعض لتجديد دم الاجيال بين النخبة ؟ أم من أجل إتقان اللغة الاجنبية في سن مبكر لدى الأبناء الالاابناء و الحصول على تعليم افضل من التعليم الحكومي ؟ فكل هذه أعذار واهية مقارنةً بالتنازل عن حشمة وشرف وعفة إبنته او ثقافة وفكر وميول ابنائه ودينهم وأخلاقهم ووواخلاقهم الذي يستباح فلو كان العذر من أجل تمكين الأبناء من إتقان اللغة الغربيه ( الانجليزيه وغيرها ) فأعتقد ان هناك وسائل وطرق تمكن من تعليم اللغة الاجنبية مع الحفاظ على هويتنا العربية وعاداتنا الإسلامية السمحا وثوابتنا.
والله سيسألكم الله عن أولادكم هل ربّيتوهم على حبّ الله وحبّ رسوله وحبّ الإسلام وحب الوطن وثقافتة ؟ وهل أخذتم بأيديهم للقيام بما أوجب الله عليهم وعليكم ؟ وهل ربّيتم فيهم الحصانة التي تحول بينهم وبين المعاصي والُمحرمات؟ لكن من يفقد طفله او طفلته او ابنه او إبنته ، ويحوله او يحولها الى مسخ لن يجد عوضاً عن اطفاله وابنائه مرة اخرى، ولا يلومن الا نفسه.وهذا للخوف من ضياع أركان واُسس ديننا الإسلامي و الهوية العربية وإختلاف الثقافات واللغات عند الابناء. خصوصاً ان الجوانب الاجتماعية في الأونة الأخيرة عرفت شعب اليمن على شرائح وأمراض إجتماعية في الجيل الجديد لم تكن بهذا الإتساع والإنتشار من قبل ,وعليكم قبل فوات الأوان مراعاة حقوق أطفالكم وابنائكم عليكم ,وحمايتهم بدلاً من أن تفقدوهم وتسهمو جميعاً في تخريبهم بدعوى الحب والتعليم الأفضل والمتقدم .