في الوقت الذي نعبر عن حزننا وألمنا على أؤلئك الرجال الذي سقطوا من كلي الطرفين في المواجهات بين قوات المجلس الإنتقالي الجنوبي وبين قوات الحماية الرئاسية في معارك الأيام الماضية ، في عدن العاصمة الحبيبة ، بسبب الدفاع عن حكومة فاشلة فاسدة ، تفننت في تعذيب المواطنين وتجويعهم وإذلالهم بأساليب شتَّى ، تارة عن طريق تردي الخدمات واهمالها المتعمد ، خدمات المياه ، الكهرباء ، الصحة ، المشتقات النفطية ، وتارة أخرى عن طريق تاخير دفع مرتبات الموظفين العاملين والمتقاعدين ، المدنيين والعسكريين ، لشهورعدة ، وسرقة الأموال وتهريبها للمتمردين الانقلابيين في صنعاء ، بالإضافة إلى زرع الفتنة وخلق الانقسامات في صفوف الجنوبيين ، مثل هذه الحكومة للأمانة لايُشَرِّف أحد أن يدافع عنها ، لكن للأسف الشديد الحسابات الحزبية الضيقة والولاءات ، هي بالتأكيد مَنْ أوصل الأمور إلى ماوصلت إليه من إراقة للدماء وأن يرفع الجنوبي السلاح في وجه أخيه ، الذي يشترك معه في الإنتماء إلى هذا الوطن ، الذي طالما عانى أبناؤه من ظلم وتهميش وقمع وفساد ونهب وقتل ، على أيدي حفنة من المتنفذين السياسيين والعسكريين الذين سرقوا ثروات الجنوب والشمال ، وكونوا لهم الثروات والشركات والأموال التي هربوها إلى البنوك في الخارج على حساب آلاف المواطنين الذين يتضورون جوعا ويقاسون شظف العيش ، والبعض يتسول قوت يومه ويعيشون على المشاريع الإغاثية ، في الوقت الذي تختزن البلاد ثروات وخيرات كثيرة في انتظار الأيدي الأمينة والصادقة التي تتولاها وتضعها في مواقعها الصحيحة . اليوم وقد انتصر المجلس الإنتقالي وجمعيته الوطنية في الجنوب وأصبح الصوت المسموع ، رغم تلك المحاولات البائسة والأصوات النَّشاز التي تحاول أن تقلل من هذا النصر وتتباكى على الجنوب ، وتتظاهر بحبه وحرصها على أمنه واستقراره ، وهي من يتآمر عليه وعلى قضيته مقابل حفنة من الأموال الحرام المخضبة بدماء الأبرياء والمسحوقين من أبناء هذا الشعب ، الذين سحقتهم الحرب وفساد الحكومة الفاشلة والبارعة في الخداع وتسويق الوهم والكذب وشعارات النفاق والوطنية الزائفة ، فأنَّ هذا النصر يضع المجلس الإنتقالي وجمعيته الوطنية أمام استحقاقات هامة ومسؤلية تاريخية أمام مواطنيه ، فيماإذا آلت إليه الأمور ،تتمثل فيما يلي : أولاً سياسيا : - عدم التسرع في اتخاذ أية قرارات سياسية تحدد مستقبل الجنوب ، دون الإتفاق والتنسيق مع دول التحالف العربي ، التي تقود الحرب ضد الإنقلابيين الحوثيين ، وضمان موقف دولي وأقليمي داعم ومؤيد - التمسك بقوة بإقالة الحكومة وإحالة رئيسها ووزيرداخليته للتحقيق والمساءلة عن الأحداث التي عاشتها العاصمة عدن ، ورفض تواجده في عدن وغيرها من مدن الجنوب - التمسك بقوة بمبدأ التصالح والتسامح وعدم الإنتقام ، - إصدار قرار بالعفو العام وإطلاح سراح كل الأسرى الذين تم أسرهم خلال المواجهات المؤسفة تلك . - إجراء حوارات مع كل المكونات السياسية والإنفتاح عليها دون إستثناء . ثانيا : أمنيا وعسكريا: كم كان أسفنا وحزننا كبيرا وعميقا أن وُجِّهَ السلاح إلى الوجهة الخاطئة ، بدلاً أن يُوَجَّهَ لهزيمة المشروع الإيراني وإذرعه في اليمن والخليج والجزيرة والمنطقة العربية ، الذي يهدد الأمن الإقليمي والقومي العربي ، ويغذي الحروب الطائفية في المنطقة العربية ، لكن هذا ماأراده الفاسدون والإنتهازيون الذين لايهمهم الجنوب ولا الشمال ، بقدر ماتهمهم مصالحهم وتربعهم على كراسي السلطة ، حتى لوكان ذلك على حساب أنين الجائعين والثكالى والغلابا . وطالما أن المواجهات انتهت بهزيمة تلك الألوية ، التي يقال ،بأنها أُنْشِأَت من أجل الحمايةالرئاسية ، هذه هي الأهداف المعلنة ، لكن ماخفي أعظم ، فالأسلحة المضبوطة في المعسكرات التابعة لهذه الألوية ، تدل عاى أن هناك أهدافاً بعيدةً خفية لهذه الألوية . هناك استحقاقات هامة يجب التأكيد عليها من خلال هذه الأحداث في هذا الجانب : - يجب الحفاظ على جاهزة المقاومة ووحدتها تحت قيادة واحدة ، فالحرب لم تنتهِ بعد ، ستبدأ الحرب الخفية مع الإرهاب ، حيث ستتحرك فرق الموت والإغتيالات للعلماء ورجال الدين وأئمة المساجد والعسكريين ، وغيرهم وستبدأ السيارات المفخخة التي تحصد أرواح الأبرياء تنشط كماحصل بعد دحر عدوان عام 2015 م علىى الجنوب ، وتحرير مدينة المكلا ومدن الشريط الساحلي من تلك الجماعات المسلحة ، بعد أن تخلت عنها المنطقة العسكرية الثانية وسلمتها للجماعات المسلحة من دون مقاومة تذكر . - المشروع الإيراني وأذرعه المتمثلة في الحوثيين وإنقلابهم على السلطة الشرعية ، وتهديدهم لأمن الجزيرة والخليج والأمن القومي العربي لازال قائما ً - التمسك بقوة بأن يتولى الملف الأمني والعسكري أبناء كل محافظة ، لأن هذه التجربة أثبتت نجاحها في حضرموت ، ولاسيما في مدن الشريط الساحلي ، حيث تشهد استقرارا أمنيا وعسكريا ، بفضل قوات النخبة الحضرمية ، ورفض أية قوات من الخارج . - العمل على تأهيل أجهزة الأمن والشرطة وأعادة فتح مراكزها في المدن التي أغلقت فيها لحفظ أمن المواطنين ، وإعادة تفعيل نشاط الأجهزة الاستخبارية وغيرها من الأجهزة الأمنية الأخرى ثالثاً : - الخدمات : الكهرباء ، المياه ، الصحة ، التربية والتعليم ، وغيرها من الخدمات الأخرى . لابد من الإهتمام بهذه الخدمات ، وإنتشالها من أوضاعها المتردية ، وتحسين أدائها ، فهي التحدي الحقيقي الذي يواجه أي سلطة . رابعا ً:- على مستوى مؤسسات الدولة الإدارية والإقتصادية والإيرادية والمالية : - العمل على تنشيط هذه المؤسسات وتصحيح أوضاعها بمالحق بها من تخريب ومدها بالكوادر ، إعتمادا على مبدأ الكفاءة والخبرة ، بعيدا عن الحزبية والمناطقية والنظرة الضيقة والولاءات الشخصية والعائلية . - تفعيل دور المؤسسات المالية والإيرادية وضبط العمل فيها ، للإيفاء بالإلتزامات المالية - البحث عن معالجات ناجحة ، لوضع حد لتأخير دفع مرتبات ومستحقات الموظفين العاملين والمتقاعدين العسكريين والمدنيين - تشغيل المواني والمطارات والمنافد البرية والبحرية وضبط مواردها وتعزيز الإشراف عليها . لقد فرضت الأحداث الأخيرة في عدن ، والتي حسمت لصالح الإنتقالي ، واقعا جديدا سياسيا وعسكريا ، يجب التعامل معه بإيجابية وحكمة من قبل التحالف والرئاسة اليمنية في الرياض ، الذي يجب أن تستثمره للتخلص من اللوبي السياسي والعسكري الذي حولها، ويتحكم في المواقف والسياسات والقرارات تجاه الجنوب والتي تتسم دائما بالإستفزاية والعدوانية ، وتوتير العلاقة بين الرئاسة والجنوب ويتمثل هذا الواقع في : 1- بروز الجنوب بقوة كشريك في الحرب والسلم ، لاتابع وعاى الجميع الإعتراف بذلك شاءوا أم أبوا ، في الحرب لإسقاط الإنقلاب وهزيمة المشروع الإيراني ، وفي الحرب على الإرهاب ، وفي السلطة . 2- لابد من إقالة حكومة بن دغر وإحالتها للتحقيق عن الجرائم التي ارتكبتها حكومته بحق الجنوبيين ، وتشكيل حكومة كفاءات سياسية وإقتصادية وعسكرية ،تدير الحرب ضد الإنقلابيين وتنقذ البلاد من التدهور الإقتصادي ، يكون المجلس الإنتقالي شريكا فعليا فيها . 3- الكف عن فرض مشروع الأقاليم أو الحديث عنه ، والبحث عن صيغة جديدة للعلاقة بين الشمال والجنوب ، تساعد على إنهاء دورات العنف والحروب وإحلال السلام والأمن والاستقرار ، وتقضي على كل عوامل التوتر وكل مامن شأنه إثارة الحقد والضغينة والكراهية بين الطرفين ، وذلك بدعم دول التحالف العربي والمجتمع الأقليمي والدولي .