أحزنني فراق الشخصية العظيمة التي أنفت عمرها في خدمة منطقتي وأهلها، ذلك الكادر الطبي الذي خلده الزمن الجميل وذكره عن طيب أعماله زمننا المعاصر إنه الكادر الفذ الذي سبق وصفه إسمه "التختر" الشيخ محمد بن أحمد الشادلي باراس. ولم يحزنني فراقه في اليوم الذي وافته في المنية كثر ما حزنت على فراقه اليوم في الحفل التأبيني لأربعينية إذ أني عرفت كثيرا من أعماله لم أعرفها قبل اليوم. تلك الروح الطاهرة التي أنقذ على يديها بفضل واحد أحد كثير من الناس في زمن لم تتوفر فيه معدات طبية تشخيصية واليوم برغم كافة الوسائل والمعدات والأجهزة والأدوية وما إلى ذلك في زمننا الذي احتوته التكنولوجيا والعلم فقد أصبح المريض أسفا لدى بعض الأطباء سلعة يتاجرون بها من أجل كسب المال بل ويسفهم البعض ب"زبائن" الأطباء!. وكان الشادلي ومن هم في زمنه الجميل يبحثون عن المرضى كالبحث عن الماء حين العطش وكان همهم الوحيد هو إنقاذ الناس وليس الجانب المادي المظلم. اشتهر التختر بإتقانه للكثير من الأعمال الطبية وأبرزها كان الختان إذن ختن على يديه عددا لا يسعني أن أحصيه وكأن قلما يأخذ مبالغ رمزية من الناس وبعد إصرارهم له بأخذها إذ كان لا يطلب مالا على ما يقوم به للمواطنين معتبرا ذلك واجب عليه تجاههم. بالفعل نحن نتفقد أطباء مثل هؤلاء وتسيل العين بمجرد التفكير في تنقلاتهم عبر الجبال من أجل خدمة الناس ناهيك عن الإحراجات التي يتعرض لها أي طيب في الساعات المتأخرة من الليل ولم يذكر أن التختر رفض سؤل سائل خلال مسيرته وعطاءه. وكان بيت الكادر التختر مقر طبابته حيث يرتاده البعض من أجل تلقي العلاج وما كان ليفعل ذلك الكثير من أطبائنا هذه الأيام. يستحق مثل هؤلاء ما قاله وكيل المحافظة لشؤون مديريات الساحل والهضبة الدكتور سعيد العمودي "أن تدرس سيرتهم للأجيال في المعاهد والمراكز الصحية عرفانا بعطائهم في زمن قل فيه العطاء". ويروي لي أحد الأشخاص أن أحد المرضى في قرية التختر أشرف على الموت بعد أن قرر بعض المعالجين بالطب العربي معالجته بالنار عن طريق الكي كآخر حل لإنقاذه حيث تدخل التختر وأجزم أنه مصاب بالتيفوئيد وصرف له علاجا لذلك دون تحليل أو فحص طبي وذلك لعدم وجودها بكثرة تلك الفترة إضافة الى أنها لا توجد مختبرات في قريتهم وبفضل الله شفي المصاب يديه ولا يزال عائشا الى يومنا هذا. ختاما لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر لمحافظ حضرموت اللواء الركن "فرج سالمين البحسني" قائد المنطقة العسكرية الثانية على رده لجميل الكادر الطبي بإعلان تسمية مستشفى حجر ب"مستشفى الفقيد محمد الشادلي التختر" متمنيا له التوفيق والسداد في مهامه تجاه بلادنا العزيزة على قلوبنا حضرموت ومترحما على روح الكادر "محمد أحمد الشادلي" التختر غفر الله له عن كل خطوة خطاها لخدمة الناس.