لم أستسلم عن حقي في طلبك وحقك في واجبي نحوك يا أمي الحبيبة أبين .. فجئتك بعد سنوات وعدة محاولات ومنذ اللحظة الأولى التي خططنا للعمل كفريق لنشر التوعية من خطر أدركت في وقت مبكر وربما هناك من سبقني وأدركه وجمع المعلومات عنه وقام بواجبه نحوك ما استطاع إليه سبيلا . ولكن رغم الصدى الكبير الذي حققته الحملة المجتمعية فلازلتِ بحاجة إلى المزيد من العمل والجهد حتى تبرأ جراحك العميقة .. وما أكثرها وأعمقها تلك الجراح التي سببتها لك وفي جسدك الكثير من طعنات الخناجر طالت كل شبر وكل عضو من أعضائك وللأمانة أقولها أن خنجر المخدرات قد أصاب فيك عضواً مهماً من جسدك . ففي حين طال خنجر الفساد القلب فيك فالمخدرات طالت الرأس .. والإهمال والتخلف والجهل والسعي خلف المصالح الخاصة والفيد طال منك كل مفصل وكل عرق من عروقك إلا ما رحم ربي فيك يا أبين .. لاحظنا سواء خلال مرورنا أو عملنا هناك أن الكثير من أبناء أبين ينخرطون في العمل مع المنظمات والتي لم يعد العمل فيها لتحقيق المصلحة العامة لمحافظة شملها الدمار والتخريب في كل مناحي حياتها نتيجة حروب ظالمة وإستهداف متعمد لما تمتلكه هذه البلاد من ثروات كثيرة وعظيمة ليس في باطن الأرض أو على ظاهرها من معادن وزراعة حيوانات وأسماك بل وثروة من الشباب والعقول والكوادر والقيادات التي حازت على قدر كبير من التعليم بل ووصلت إلى مراتب السلطة والقيادة على مستوى البلاد كلها .. فكان تدمير منها وإليها .. أشعر بغصة وأنا أكتب عن فساد طال الأخضر قبل اليابس في أرض الخير والعطاء والتي تمنح وتهب دونما إنتظار لرد الجميل لها بينما وكانها تصب جل عطائها في رمال لاينبت فيها زرع غير زرع الأنانية وحب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة فلم أرى من يعمل في أبين لأجل أبين سوى قلة من أبنائها الطيبين ورغم ذلك مازالت أياديهم قصيرة وأصواتهم غير مسموعة وتأثيرهم محدود النطاق . أبين جوهرة ثمينة تحتاج لمن يمد يد خيّرة تنتشلها من تحت الأنقاض وتنفض عنها غبار التدمير المعنوي قبل التدمير المادي ليصب عطائها في أرض خصبة تنتج زرع أخضر ينتج لنا من خيرات دلتاها الكثير والكثير من قطن طويل التيلة وموز ومانجا وباباي وحبحب وأسماك ودخن وسمسم ولوز وفلفل أحمر وورود وريحان .. وثروة أغلى من العقول البشرية الواعية .. وقلوب مليئة بالخير والحب .. وأيادٍ ممدودةٍ بالعطاء .. سلمتِ يا أرض الخير والسلام والسلى.. وحماك الله يا أبين .. فبين ألفك وباءك شجون .. وبين يائك ونونك ألم يدركه من يرتمي بين أحضانك متظللاً بجناحي حزامك الأخضر مستنشقاً لعبير ترابك الأسمر .. أُحبكِ كثيراً ..