يستبشر أبناء وأهالي عدن خيرا , عندما يرد اسم مدينتهم في مكون ما _ ينشأ او يعلن عنه _ مجتمعي كان او أهلي او حقوقي ، فقد كان للمدينة مؤخرا نصيبا وافرا من المكونات في خضم ثورة الشباب السلمية الشعبية. مؤخرا أعلن عن قيام المجلس الأعلى لأبناء وأهالي عدن وقبله نشأ مجلس عدن الأهلي وقبلها نشأت مكونات شبابية تضم مجموعات شبابية وائتلافات او ما شابه , حد صار المرء في حيرة مما ينشأ ويتكاثر , بينما الاحزاب السياسية الفاعلة _ وهي خلف بعض تلك المكونات _ وصلت الى فقدان القدرة على الرؤية السليمة للتعامل معها , لأسباب عدة , أهمها ان بعض تلك الأحزاب لا تريد إلا ان تكون هي وحدها من يمتلك حق مثل هذه المكونات دون غيرها ، بينما بعضها تعمل وفق رؤيتها وتحليلها للوضع السياسي , وفي حين كلهم يدركون ان النظام أسهم أيضا في حالة التشتت والتشظي , بينما هم ليسو قادرين على لملمة وجمع القوى الخيرة على أدنى القواسم المشتركة للتنسيق بهدف الحفاظ على المدينة والدفاع عن أبنائها وأهلها وممتلكاتهم الخاصة والعامة .
وإذ يبدو في الصورة وكأن هناك من يتنازع هذه المكونات ليتشرف بأحقية تمثيل أبناء وأهالي عدن وبالأخص شباب المدينة , الا انها ليست قاتمة كليا , الا عندما نجد ان هناك من يدعى تلك الأحقية دون غيره , وبل يسعى لتهميش وتغييب الآخرين عن سبق إصرار وترصد ويقطع الطريق على أي جهد او رأى في تقريب وجهات النظر والتواصل مع الآخرين .
صحيح ان زيادة التناسل والتفريخ في الهيئات والمكونات المتشابهة والمتقاربة الأهداف تعود الى التجاذبات والاستقطابات السياسية والحزبية ولكنها أيضا تعود الى وعى مخرب وزائف ووعى عصبوي والبعض ناتج عن استهداف ممنهج لضرب أية محاولة لاستنهاض القدرات الحقيقية للناس في المدينة لمجابهة أسوأ الاحتمالات والتي ما زالت قائمة بالفعل.
ان القول بأولوية التواصل والتنسيق بين ما هو قائم أمر سليم , بل وأمر يجب ان يتسم بالسرعة على قاعدة القواسم المشتركة التي تجمع النخب الخيرة في مدينة عدن مهما اختلفت الرؤى و الآراء والانتماءات السياسية والحزبية .
في المشهد العام للمدينة رأينا قوى تسعى للاستحواذ والسيطرة والتهيؤ للانقضاض على الحالة القادمة وهي تساير بقية القوى شكلا لكنها جوهريا هي تعمل دون كلل وفق خطتها , وبالمقابل النظام وسلطاته المحلية والأمنية والعسكرية تضمر للمدينة وأهلها الشئ الكثير وفق مستجدات وتطورات الاوضاع .
قد يتفق الناشطون السياسيون والمدنيون والحقوقيون في الخطوط العامة في توجهاتهم نحو الوضع القائم وما قد يستجد , الا انه _ وكما تابعنا _ عند أي نشاط ميداني يعمل كل مكون سياسي او حزبي او مدني او حقوقي وفق اجندته بعيدا عن الآخرين وللاسف قليلون يفصحون عن وجهتهم ، وهذا ما لمسناه خلال الفترة الماضية.
للأسف الشديد ان هناك حالة من التشتيت تبدو واضحة للعيان في التعامل مع الشأن العام في مدينة عدن من قبل القوى التي يفترض انها محسوبة على قوى التغيير والتثوير والمثير ايضا ان عدد من عناصرها ينزعون نحو التنظير والتبرير لمواقفهم على قاعدة الإقصاء والتهميش والادعاء بامتلاك الحقائق دون غيرهم.
ان بعض من الأسماء الناشطة في هذه الأطر تسعى لتحييد العمل الجماعي رغم انخراطها في اطر تضم ممثلين لمكونات عديدة , بينما هناك مكونات تفصح عن توجهها في العمل بصورة منفردة ولا تبدي القدر الكافي من النية للعمل الجماعي في الشأن العام , في حين عدن هي بحاجة لمثل هكذا عمل يقوم على القواسم المشتركة والتوافق.
ان الخشية من ظرف مستجد ينقض على المدينة وأبنائها وأهلها ، يجعل كل هؤلاء في الهامش ، فيصارون لوضع لن ينفعهم وقتها الندم على مواقف وأراء متصلبة خاطئة اتخذوها ، وهو ما يستدعي من قادة العمل السياسي والحزبي والمدني في المدينة ان يتجهوا الى عمل متناغم , لا متنافر وان يتخلى ممن يرون أنفسهم أفضل واقدر من الآخرين , عن نزعاتهم الذاتية والحزبية والسياسية .
ان ما يطمئن في المشهد هو المزاج الثوري والتثويري الذي ما زال قائما وصامدا وعماده الشباب وخلفه عامة الناس , وهو الواقع الذي سيجعل ممن تحدثنا عنهم سلفا في الهامش اذا ما تحولوا الى حجرة عثرة أمام التغيير المنشود في البلاد او الى عامل تغيير موجه يخدم فقط رؤية حزبية وسياسية بعينها !