الناظر في أتون الأزمة اليمنية والمراقب لها من بعيد والمدلي بدلوه في قعر بئرها الخالي إلا بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات يجمعون على أن الأسوء لم يأتي بعد وان القادم لا محالة حالك وكل ما على الأرض ينبئ بذلك . فمحافظات تتساقط تباعاً بيد هذا الطرف أو ذاك وحروب طاحنة تشارك فيها قوى دولية من قريب أو من بعيد شردت وهجرت وقتلت بشراً وآلاف العائلات بسببها وجدوا أنفسهم بين مغرب شمس وبزوغ فجر تحت أزيز الرصاص وقصف المدافع تهوي على رؤوسهم دون أن يكلف احد الأطراف نفسه ليقول لهم مبرراً لماذا هم من يدفع الثمن ولما أصبحت أرضهم دون غيرها ساحة لتصفية الحسابات بين أين من كان .
وقالت السلطة أو من بقيتها أن أيادي عابثة تحيك مؤامرات وتنسج خيوط أزمات وتكيد بليل بهيم لها وللوطن الذي تبكيه ، كلما ضاقت عليها الأرض بما رحبت وادلهمت بها الخطوب بما كسبت أيديها أكيد تنادي في من تسميهم الشرفاء مجازاً النصرة النصرة والمدد المدد وتمنيهم وما تمنيهم إلا غروراً وتزرع الرعب فيهم.
إن أعداء الوطن هم من يقطعون أسلاك الكهرباء وتناست أن لا كهرباء أصلاً لدينا ونعت إليهم الغاز وهي من باعته في سوق (البالة بالفتات )، وتعهدت بتوفير الوقود الذي طالته يد زبانيتها ونهابها وسدنة القصر وتجار الفيد سنين طوال نهباً وتهريبا ًوتقاسماً وتأجيراً من الباطن عبر الشيوخ وكبار القوم يبيعونه حقولاً عذراء بأبخس الإثمان وأزهدها ، ولما وصل الحال إلى ماصرنا إليه عرف صالح أن في هذا الوطن يعيش شعباً يبيع مواطنوه قرنية أعينهم بمليون ريال أو يزيد وتفرش كلاهم في مستشفيات القاهرة كقطع غيار لكل من يدفع أكثر.
وتناسى كبار القوم في مسيرة أسفارهم يسرفون ويبذخون من قوت ذاك الشعب المطحون أن فوق كل جبار رب يمهل حتى إذا أخذ العبد كان أخذه قوي شديد وشاءت قدرته سبحانه أن تدك حصون كبار القوم بأيديهم ليذيقهم بعض الذي عملوا إن أخذ ربك لشديد ، ولا أقول ذلك تشفيا ًمعاذ الله ولكنها آية أراد المولى أن يريها لكل من تسول له نفسه أنه خالد فيها إلى يوم يبعثون .
ثورة قتلت: ومع تفتح ثورات الربيع العربي كان لازاما ًأن تنبت هنا ثورة وان لم تندلع الآن فلن تقوم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولن ترفرف لها راية .
و مهما كان القادم فلن يكون برأيي أسوء مما هو قائم الآن واحتشدت الجموع في الشوارع والساحات طلباً في خلاص الجميع من براثن نظام لا يمكن أن تسميه سلطة لأن لا سلطة له إلا على المسكين والجائع وابن السبيل ولا نستطيع أن نقول عنه النظام فدأبه كان تكريس الفوضى (والهوشلية )وهو آخر من يمكن أن يعيش في ضل دولة وقانون ومؤسسات ، ولا تستطيع أن تقول عنه دولة لأنه أول من كرس قانون القبيلة وذبح الأثوار بعيداً عن الدستور واحترام حقوق الإنسان وآدميته ومواطنته وإلا ما قتل الدرويش وطماح وغيرهم في غياب السجون مكبلين بالأغلال ،وما تواطأ لقتل عشرات الأطفال في جريمة المعجلة ومجزرة زنجبار وهو من دك دور الضالع بالمدافع والدبابات وبعدها ردفان انتصاراً للوحدة التي ذبحها بسكين إبراهيم ظلماً وجوراً ، وغيرها مما يطول عنه الحديث والشرح .
والآن حين وقفت الجموع صموداً في الساحات والشوارع تنادي بعزل الولاة والشيوخ والأمراء بختم الشعب وإبهامه فعلت السلطة (مجازاً)محروس بسيفه ليفتك برقاب الثوار سلمياً ممن تنادوا برحيل النظام ولكن إرادة الله قضت أن تنقلب لعبة الموت على أصحابها ليحدث ما قد كان .
وقبل أن تمحو الشمس الدماء المطلولة على طول الساحات ويوسد الأمر لأهله قفز القبارون إلى منصات التتويج قبل الحسم في انتظار تسلم ميداليات نصر ما شاركوا في صنعه إلا بضجيج الميكرفونات وأناشيدهم الممنية بعودة تحكيم شرع الله وهم أول من يخالفه نضرواً إلى الساحة التي صعدوا المنصة على ظهور وجثث وأشلاء قتلاها ،فإذا هي هباء إلا من صدى ميكرفوناتهم المولية للأدبار ساعة الحسم واختراق الرصاص والأمن يفسر لي ما سبب أن أولائك ما سقط منهم شهيد حتى الآن إلا أنهم دائما ً ورب الكعبة مع المخلفين من الأعراب وقادتهم مع لجان عد الغنائم في مخازن وسراديب النظام ، ولكي الله أيتها الثورة ولكم الله أيها الثوار وإذا أردتم النصر ففعلوا الشعار بأن لا حزبية ولا أحزاااااااااب فآنئذ تدكون الجدار .