مازلت أتذكر مقابلة توكل كرمان في برنامج ما وراء الخبر على قناة الجزيرة وهي تقارع بكل ما أوتيت من قوة المدعو احمد الصوفي السكرتير الإعلامي لرئيس صالح آنذاك في حلقة خاصة بالجنوب وحراكه السلمي. كم كانت عظيمة هذه المرأة وهي تعري كذب النظام وادعاءات الصوفي بشان الحراك الجنوبي السلمي الذي قالوا عنه زورا وبهتانا انه حركة تمردية ومدعوم من القاعدة وكان ذلك بداية الثورة الجنوبية السلمية.
كم كانت شجاعة ومنصفة وهي تقول لمن جبلا على الكذب والنفاق ان قضية ابناء الجنوب عادلة ومطالبهم مشروعة ونضالهم سلمي وعلى درجة عالية من التحضر والديمقراطية.
كانت تقول لذلك المرتزق المتزلف أن أبناء الجنوب مظلومين ومغدور بهم في وقت كان فيه الحديث عن الجنوب وحقوق أبناءه شئ محرم في شرع صالح وعتاولة نظامه المحروق.
ليس ذلك فحسب بل ذهبت وبخطى الملوك صوب الجنوب الثائر لتشارك ابناءه الاحرار ثورتهم السلمية ضد رئيس أمي نهب البلاد وقتل العباد،والتحمت مع الجماهير في اكثر من مسيرة ومهرجان حتى وصلت بقلبها الثائر وروحها المتمردة على الظلم والذل والخنوع الى جبال ردفان والضالع.
واتذكر انني قد كتبت حين رايتها تدافع عن القضية الجنوبية بكل شجاعة واستبسال من على منبر الجزيرة حين ذاك موضوعا تحت عنوان (شكرا توكل كرمان)لكن ولأسباب تتعلق بسياسة الصحيفة التي قصدتها بالإرسال لم ينشر المقال، واكتشفت ان ذلك لم يرق لرئيس تحرير الصحيفة حينما طالعت في ذات المطبوعة خبر وأكثر من مقال تتهم كرمان بالانفصالية وانها تحرض ابناء الجنوب على الشماليين .
حتى الصحف التي كانت اكثر قراءه في الجنوب وتتصنع المهنية في نقل شي مما يجري على الارض من مظاهرات ومسيرات يشهدها الشارع الجنوبي بشكل يومي هاجمت كرمان على موقفها ذاك، لم يسرها مقالي البته.
كرمان اليوم وبعد ان حازت جائزة نوبل للسلام بجدارة واستحقاق تؤكد ان ثورة الشباب المشتعلة اليوم في مختلف ميادين الحرية والتغيير في اليمن هي امتدادا طبيعيا لثورة ابناء الجنوبية السلمية وتقر بحق ابناء الجنوب في تقرير مصيرهم بالطريقة التي يريدونها،وقد بعثت اليوم في رسالة خاصة من نيويورك للمؤتمر الجنوبي الاول في القاهرة باركت فيها المؤتمر متمنية له التوفيق والنجاح.
وقالت كرمان في سياق رسالتها (أبارك لكم انعقاد مؤتمركم هذا ، والذي يأتي في لحظة تاريخية فارقة يشهد فيها شعبنا ثورة شبابية شعبية سلمية شاملة ، تستهدف إسقاط النظام بكافة شبكات محسوبياته وأجهزته الأمنية والعسكرية، وإقامة الدولة المدنية الفيدرالية الحديثة على أنقاضه). بدورنا نقول لها شكرا توكل كرمان على هذا الشعور الطيب والروح الوطنية العالية.